بعد أن اجتاحت أسوأ موجة جفاف منذ عقود شرق إفريقيا، ودمرت المحاصيل وأدت إلى جعل تكلفة الغذاء بعيدة عن متناول الكثيرين، دخل الصومال رسميا في مجاعة، حيث يتعرض 7 ملايين شخص من إجمالي عدد السكان البالغ 16 مليونا لخطر الموت، إذا لم يتم توسيع نطاق المساعدات لتلبية الاحتياجات المتزايدة.

لماذا تواجه الصومال مجاعة كارثية؟

وفق ما أعلنه رئيس البلاد، حسن شيخ محمود، أمس الأحد، والذي وجه استغاثة لمواجهة المجاعة في الصومال، داعيا لاستجابة محلية ودولية سريعة للمساعدة على تجاوز الأزمة، فإن 7 ملايين شخص، أو 40 بالمئة من سكان الصومال مهددين بالموت نتيجة المجاعة التي تجتاح البلاد.

يعود دخول الصومال رسميا بمجاعة إلى عدة أسباب، أولها مناخيا، حيث دخلت البلاد موسمها الخامس على التوالي دون هطول أمطار كافية، وأدت الآثار المتزايدة لتغير المناخ والجفاف إلى الإضرار بسبل العيش فيه.

في المقابل، تسبب غزو روسيا لأوكرانيا وارتفاع أسعار الحبوب عالميا والوقود اللازم لتوصيلها، بارتفاع تكلفة الغذاء داخل الصومال، ونتيجة لذلك، يواجه ما مجموعه 7 ملايين شخص انعدام أمن غذائي حاد، منهم 1.4 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد؛ فيما يعاني 330 ألف التعرض لخطر الموت، فيما نزح أكثر من نصف مليون شخص بسبب الجفاف في الربع الأول من عام 2022.

وتعقيبا على الأزمة التي تسببت بها روسيا عالميا، قال حاشي عبدي، مدير سلسلة التوريد في لجنة الإنقاذ الدولية في الصومال: “لقد اضطررنا إلى إعادة النظر بشكل جذري في عملياتنا بسبب الزيادة الحادة في الأسعار والوقود خلال الأشهر القليلة الماضية، عندما لا يكون لدينا ما يكفي من الإمدادات الطبية في عياداتنا، يتعين علينا رفض العدد المتزايد من المرضى الذين يحتاجون إلى الرعاية الحرجة والدعم”.

الصراع ومضاعفات أخرى

شهدت البلاد ثلاثة عقود من الصراع التي زعزعت استقرار المجتمعات فيها. حاليا تنتج الصومال أقل من نصف كمية الغذاء التي كانت تنتجها قبل اندلاع الحرب الأهلية في أوائل التسعينيات، مما أجبر البلاد على الاعتماد بشكل متزايد على الواردات الغذائية، والتي بدورها تعرضت لاضطرابات سلسلة التوريد والتقلبات في أسعار الغذاء العالمية.

كما أدى اندلاع الصراع في إثيوبيا المجاورة منذ عام 2020، إلى تداخل الجفاف وامتداد نطاق الاستجابة الانسانية بأكملها إلى المنطقة. في الصومال، لا تزال جيوب الصراع نشطة، ومع تفاقم الجفاف، يعيش ما يقرب من مليون شخص في مناطق غير مستقرة، والعديد منهم لا يمكن للمنظمات الدولية الوصول إليهم.

وعلى الرغم من أن الرئيس الصومالي، الذي تم انتخابه هذا العام، قد قال إنه سيتحدث مع الحركات المسلحة في البلاد وأبرزها “حركة الشباب” للسماح للمنظمات بالوصول إلى على مكان وكيفية توزيع الغذاء، إلا أن هناك الكثير من الأسباب التي تدفعه إلى رفض التعامل مع الحركة الآن، ومنها أنه إذا اتهم بدعم الجهاديين، فقد تتخلى الجهات المانحة عن الصومال، مما سيعرقل عمل المنظمات الإنسانية في أماكن أخرى من البلاد.

من جهته، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إن دولة الصومال تقترب من مجاعة حقيقية نتيجة قلة وقحط الأمطار، وهو ما قد يعرض الملايين للخطر. وأضاف: “لدينا بعض الأفكار الأساسية حول كيفية مساعدة الشعب الصومالي”.

الصومال.. أسوأ أزمة إنسانية

منذ أربعة عقود، عانى القرن الأفريقي الذي تعد الصومال إحدى دوله، من أربعة مواسم مطيرة متتالية فاشلة مما أدى إلى موجة جفاف غير مسبوقة، وهي صدمة مناخية تفاقمت بسبب الصراع المستمر وارتفاع الأسعار الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا. في جميع أنحاء شرق أفريقيا، يوجد الآن 89 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بحسب “برنامج الأغذية العالمي” التابع للأمم المتحدة، وهو رقم نما بنحو 90 بالمئة في العام الماضي.

في زيارة حديثة إلى الصومال، قالت كلير سانفورد، نائبة مدير الشؤون الإنسانية في منظمة “إنقاذ الطفولة”، إنها التقت بأمهات دفن أطفالهن في العام الماضي، ويعاني أطفالهن الباقون على قيد الحياة الآن من سوء تغذية حاد”.

وقالت: “أستطيع أن أقول بصدق خلال 23 عاما من الاستجابة للأزمة الإنسانية، كان هذا أسوأ ما رأيته، لا سيما من حيث مستوى التأثير على الأطفال، المجاعة التي شهدتها أنا وزملائي في الصومال تصاعدت بشكل أسرع مما كنا نخشى”.

في عام 2011، عانت الصومال من مجاعة أودت بحياة أكثر من 250 ألف شخص، معظمهم من الأطفال، لكن سانفورد قالت: إن “العديد من الأشخاص الذين قابلتهم قالوا إن الظروف الآن أسوأ”.

وتابعت، “لقد فشلنا حقا كمجتمع دولي في السماح للوضع بالوصول إلى الحد الذي هو عليه في الوقت الحالي. في عام 2011، تعهدنا كمجتمع بأننا لن ندع هذا يحدث مرة أخرى أبدا. ومع ذلك فقد فشلنا في هذا الوعد”.

الجدير ذكره، أن اللجنة الدولية للتغيرات المناخية، حذرت من نُدرة في المياه على مستوى العالم، إذ تصل حصة الفرد الواحد من الماء العذب في المتوسط، إلى أقل من 1000 متر مكعب سنويا في الوقت الحالي، مع توقعات بانخفاض قدره 40 بالمئة خلال العقدين القادمين بحد أقصى.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.