قبل عام 2011، لم يكن ببال السوريين عامة وأهالي دمشق خاصة، أن يروا الجامع الأموي وساحته منطقة لممارسة طقوس غريبة لم تشهدها البلاد، سواء من الطقوس الشيعية التي روجت لها إيران، أو الـ “مانترا كونية” الهندية التي أحدثت ضجة بعد أدائها من قبل رجال ونساء مؤخرا.

قبل يومين، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورا من الجامع الأموي في دمشق، تظهر مجموعة من الأشخاص يرتدون ملابس شبيهة بتلك التي يرتديها أتباع الديانة البوذية، وأثارت الصور التي تظهر مجموعة من الرجال والنساء يمارسون طقوسا غريبة أثناء تجميعهم داخل الجامع، انتقادات شديدة، فما قصتها؟

سوري يؤسس طائفة جديدة

رواد وسائل التواصل الاجتماعي، خلال اليومين السابقين عبروا عن غضبهم من الصور التي تظهر شخصا يمارس ممارسات روحية غريبة عن الثقافة السورية داخل الجامع الأموي في دمشق.

وبحسب ما تناقلته الصحف المحلية، فإن دادا أتمان، هو مؤسس وزعيم الطائفة الروحية التي أسسها لنفسه، وقد نشر صورا له مع العديد من السيدات في “الجامع الأموي” قبل أن يحذفهن بسبب الانتقادات الشديدة التي تلقاها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبحسب المتداول، فإن دادا أتمان واسمه الحقيقي علاء القاضي، وهو من أبناء محافظة السويداء في جنوب سوريا، أمضى عدة سنوات في الهند وتلقى تعاليمه فيها، وأسس طائفة روحية منذ قرابة ثلاثة أعوام، ويعتبر الأب الروحي لها.

وبعد عودته، نظم القاضي الكثير من النشاطات الروحية في سوريا خلال السنتين الماضيتين، عبر نشر تسجيلات مصورة عمل خلالها على نشر تعاليم طرق “اليوغا” والمعتقدات التي تحملها طائفته “مانترا كونية”.

ما قصة طقوس الجامع الأموي؟

تعرف الطقوس التي يؤديها دادا أتمان بـ “المانترا الكونية”، وهي عبارة عن تعويذات سمعية أو مكتوبة ومعناها باللغة بالسنسكريتية “حرية الروح” أو “تحرير الروح”.

والتأمل مع المانترا  بحسب موقع “يوغا بلا حدود”، هو أحد أقوى الطرق لتهدئة تقلبات العقل. التي تتيح للوعي والهدوء أن يتحول بسهولة إلى داخل الجسد.

ويؤدي رواد المانترا هذه الطقوس، “عندما يكون لديهم الكثير من الأفكار التي تبدو وكأنها تدفعهم إلى الجنون، فممارسة المانترا هي شكل فعال من أشكال التأمل التي يمكن تنفيذها خلال تلك الأوقات التي يشعر فيها الشخص بالاكتئاب أو الارتباك أو لديه الكثير من أنماط التفكير السلبية”.

ومن أجل الترويج لطقوسه وأفكاره، يقوم دادا أتمان، بالترويج لنفسه على أنه “معلم يوغا”، ولكن أتباعه بدلا من ذلك ينخرطون في رقصات وهتافات غنائية يعتبرونها “تجارب روحية”.

وبحسب ما نشره دادا على صفحته الشخصية على “الفيسبوك”، فقد قام بنشاطات مماثلة في صحنايا وجرمانا، بالإضافة إلى فعاليات أخرى في اللاذقية وأخرى في محافظة السويداء، وفي في ريف حماة وطرطوس، استمرت لمدة عشرة أيام، قبل تنفيذها في الجامع الأموي.

كما تشير روايته إلى أنه قام بطقوس وأعمال مماثلة خارج سوريا، بما في ذلك واحدة في منطقة صوفر اللبنانية وأخرى في أربيل بإقليم كردستان العراق، وأماكن أخرى.

مواكب وطقوس

منذ عام 2015، بدأت العاصمة دمشق والساحات المحيطة بالجامع الأموي، تشهد طقوس للطائفة الشيعية بعد أولى الرحلات التي نظمت لحجاج عراقيين وإيرانيين ضمن حملة “أبا الفضل العباس”، والغريب في الأمر أن تلك الرحلات شهدت مواكب “لطم وبكاء” منظمة تنطلق من مدينة كربلاء إلى مدينة دمشق أسبوعيا.

ويأتي ذلك في إطار زيارة الأماكن التي يعتبرونها مقدسة كمرقد السيدة رقية وزينب وغيرها، ضمن ما وصفوه بالمواسم الخاصة.

ولعل تحول الجامع من معبد في العهد الروماني إلى كنيسة مع الزمن ثم إلى صورته الحالية على يد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك عام 86 هجري، جعل منه رمزا لتآخي الأديان عبر احتضانه في أرجائه مراقد مقدسة لرموز دينية تشكل سببا إضافيا لزيارته، إضافة إلى القيمة الأثرية التي يمثلها.

إلا أن تنوع البشري والديني الذي تشهده دمشق بسبب الميليشيات، جعل منها موطأ لممارسة الطقوس والعادات الغريبة على المجتمع السوري، وباتت هذه المشاهد غير المألوفة تحجب الصورة القديمة لأهالي دمشق كزيارة المسيحيين للجامع الأموي للصلاة فيه جنبا إلى جنب مع المسلمين، بعدما كان هذا البناء نصفه جامعا ونصفه كنيسة، وكان المسلمون والمسيحيون يدخلون للصلاة من باب واحد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.