لا حكومة عراقية مقبلة، فهي شبه انتهت قبل تشكيلها بعد كلمة زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، وحكومة مصطفى الكاظمي الحالية ستكون انتقالية، لإجراء انتخابات مبكرة جديدة بعد حل البرلمان قريبا. هكذا هي القراءة باختصار

خرج الصدر في أول كلمة له منذ اعتصام أتباعه في المنطقة الخضراء، نهاية الأسبوع الماضي، وبعد أن رجح مراقبون أن يبدي مرونة ويجلس على طاولة الحوار مع “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، نسف الزعيم الشيعي كل ذلك.

إذ رفض زعيم “الكتلة الصدرية” في كلمته، مساء الأربعاء، الحوار مع “الإطار التنسيقي” للوصول إلى حلّ سياسي، ودعا إلى حلّ البرلمان والتوجه إلى انتخابات مبكرة جديدة.

وقال الصدر، إنّ حراكه الحالي جاء طلبا للإصلاح وليس السلطة، وأنه “لا يسعى إلى إراقة الدماء ولن يبدأ بذلك”، وهو “مستعد للشهادة من أجل الإصلاح”.

“لا حوار مع الإطار”

الصدر خاطب العراقيين قائلاً، “لا يوهمونكم بأن الثورة صراع على السلطة”، مردفا أنّ “الثورة وإن بدأت صدرية فهي لكل العراقيين”.

وأضاف، “أغلب الشعب قد سأم من الطبقة الحاكمة برمتها (…) والثورة لن تستثني الفاسدين في التيار الصدري”.

واتهم زعيم “التيار الصدري”، خصومه في “الإطار” بـ “عرقلة تشكيل حكومة أغلبية عبر دعاوى كيدية”، مشيرًا إلى أنّ “الحوار معهم لن يعود بفائدة ترتجى”.

وتابع الصدر، “الإصلاح لا يأتي إلا بالتضحية، وأنا على استعداد تام للشهادة من أجل الإصلاح”، داعيا العراقيين إلى استغلال وجوده “لإنهاء الفساد”.

كما دعا أنصاره، إلى الاستمرار بالاعتصام في المنطقة الخضراء لـ “حين تحقيق المطالب”، مشددا على ضرورة “إجراء انتخابات مبكرة بعد حلّ البرلمان الحالي”.

اعتصام مفتوح

جمهور “التيار الصدري”، اقتحم المنطقة الخضراء، السبت المنصرم، وأقام اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار”، مقتدى الصدر وقتئذ.

الصدر وصف الاقتحام الأول للمنطقة الخضراء، الأربعاء الماضي، بأنه “جرّة إذن” للسياسيين الفاسدين ومنهم قوى “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، قبل أن يحشد أنصاره لاقتحام الخضراء مجددا، السبت المنصرم، وهو ما حدث فعلا.

تظاهرات أنصار الصدر، تأتي بعد إعلان “الإطار التنسيقي” ترشيح السياسي محمد شياع السوداني، المقرب من زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي، لمنصب رئاسة الحكومة العراقية المقبلة.

اعتراض الصدر ليس على شخص السوداني، إنما على نهج المنظومة السياسية بأكملها؛ لأنها تريد الاستمرار بطريقة حكومات المحاصصة الطائفية وتقاسم مغانم السلطة بين الأحزاب، واستشراء الفساد السياسي بشكل لا يطاق، بحسب عدد من المراقبين.

ويتخوف العراقيون من تأزم الوضع السياسي وانجراره إلى مرحلة المواجهة المسلّحة بين “التيار الصدري” و”الإطار التنسيقي”، وبالتالي نشوب حرب أهلية شيعية-شيعية، يكون وقودها الشعب نفسه.

انسداد

العراق يمر في انسداد سياسي عقيم منذ إجراء الانتخابات المبكرة الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد فوز “التيار الصدري” وخسارة القوى السياسية الموالية لإيران، قبل أن تتحالف كلها معا بتحالف سمي “الإطار التنسيقي” لمواجهة الصدر.

وسعى الصدر عبر تحاللف مع الكرد والسنة إلى تشكيل حكومة أغلبية يقصي منها “الإطار”، لكنه لم يستطع الوصول للأغلبية المطلقة التي اشترطتها “المحكمة الاتحادية العليا” لتشكيل حكومته التي يبتغيها.

الأغلبية المطلقة، تعني ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، وهم 220 نائبا من مجموع 329 نائبا، وفي حال امتناع 110 نواب، وهم ثلث أعضاء البرلمان عن دخول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتشكيل الحكومة، فسيفعّل الثلث المعطل الذي يمنع تشكيل أي حكومة.

وصل تحالف الصدر إلى 180 نائبا، ولم يتمكن من بلوغ أغلبية الثلثين، ولم يقبل “الإطار” بالتنازل له لتشكيل حكومة أغلبية؛ لأنه أصر على حكومة توافقية يشترك فيها الجميع، ما اضطر الصدر للانسحاب من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو المنصرم.

بعد انسحاب كتلة الصدر من البرلمان، أمسى زعيم “الكتلة الصدرية” يراقب المشهد السياسي من الحنّانة، وحينما وجد أن “الإطار” الذي أضحت زمام تشكيل الحكومة بيده، يريد الاستمرار بنهج المحاصصة، دفع بأنصاره للتظاهر والاعتصام في المنطقة الخضراء، رفضا لنهج العملية السياسية الحالية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة