لم تتأخر قوى “تشرين” التي شاركت بشكل فعال في “انتفاضة تشرين” التي شهدها العراق في عام 2019، بالرد على مطالبة زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، لهم بالاشتراك معه لتغيير النظام العراقي، فماذا كان الرد؟

قالت قوى “تشرين” في بيان سمّته “البيان العراقي الموحد”، نشرته بوقت متأخر من ليلة البارحة، بعد اجتماعها في محافظة واسط، إن الاجتماع حصل بعد سماعها بمطالباتٍ لتغيير شكل النظام العراقي وأعادة كتابة الدستور ومحاسبة الفاسدين.

البيان أكد، أن مطالب الصدر كانت الهدف الذي خرجَ لأجلهِ الشعب في “انتفاضة تشرين”، ولم تتحقق بفعل وحشية النظام وإندساس الأحزاب في صفوف المتظاهرين وقتئذ.

وكان الصدر شارك الشعب في “انتفاضة تشرين” التي خرجت في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، ضد الفساد السياسي والبطالة ونقص الخدمات والتدخل الإيراني بالشأن العراقي، قبل أن ينقلب على الانتفاضة لاحقا، وهو ما يجعل قوى “تشرين” لا تثق به كثيرا.

تظاهرة لقوى “تشرين”

البيان أردف، أنه بعد مراقبة المشهد ودراستهِ تفصيليا، فإن قوى وقيادات “تشرين” تضع موقفها بعدة نقاط، أولها إن التجارب العديدة بين الشعب و”التيار الصدري” قد خلَّفت فجوة تحتاج إلى ردمٍ جاد وحقيقي، فضلا عن تذبذب القرارات القيادية للتيار وعدم وجود خارطة طريق واضحة للاحتجاجات الحالية، وهو ما يستلزم وجود تطمينات وضمانات حقيقية للجماهير للوقوف جنبا الى جنب مع مطالب الصدر.

وأضاف بيان قوى “تشرين”، أنهم يطالبون بتطمينات من زعيم “الكتلة الصدرية” ببيان موقفه من مطالب تغيير النظام والدستور بشكل واضح ورسمي، وأن يتعهد لأبناء الشعب بمحاسبة الفاسدين جميعا بما فيهم فاسدي “التيار”، من خلال وثيقة موقعة منه أو عبر بيان صحفي مصور، وضرورة أن يطلع الشعب أو ممثلين عنه على خارطة طريق واضحة المعالم للخطوات والبدائل القادمة.

البيان قال، إنه كمبادرة من قوى “تشرين” للتأكيد على مطالب الصدر المشتركة معهم، ستخرج القوى التشرينية بتظاهرة كبيرة منفصلةٍ عن بقية المحتجين، يوم الجمعة المقبل، تحت وسم “جمعة قلب المعادلة”، سيكون تجمعها في ساحة النسور ببغداد.

“سيكون استمرارنا أو اعتصامنا أو ما يتطلبه تحقيق المطالب أعلاه، مرهونا بالتطمينات والضمانات من قبل مقتدى الصدر ، وستكون مشاركته وفق آلياتنا الخاصة المنضوية تحت أسس التظاهر السلمي والمنضبط”، هكذا اختتمت قوى “تشرين” بيانها.

يأتي البيان، بعد اقتحام أنصار الصدر، المنطقة الخضراء، نهاية الأسبوع الماضي، وإقامتهم لاعتصام مفتوح من داخلها وعند مبنى البرلمان العراقي، وبالتزامن مع مطالبة زعيم “التيار الصدري” للتشرينيين وبقية أطياف الشعب، مشاركة الصدريين في اعتصاماتهم؛ لأنها الفرصة الذهبية والأخيرة لتغيير النظام والدستور وشكل الانتخابات، بحسبه.

اعتصام مفتوح في الخضراء

جمهور “التيار الصدري”، اقتحم المنطقة الخضراء، السبت المنصرم، وأقام اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار”، مقتدى الصدر وقتئذ.

الصدر وصف الاقتحام الأول للمنطقة الخضراء، الأربعاء الماضي، بأنه “جرّة إذن” للسياسيين الفاسدين ومنهم قوى “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، قبل أن يحشد أنصاره لاقتحام الخضراء مجددا، السبت المنصرم، وهو ما حدث فعلا.

تظاهرات أنصار الصدر، تأتي بعد إعلان “الإطار التنسيقي” ترشيح السياسي محمد شياع السوداني، المقرب من زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي، لمنصب رئاسة الحكومة العراقية المقبلة.

اعتراض الصدر ليس على شخص السوداني، إنما على نهج المنظومة السياسية بأكملها؛ لأنها تريد الاستمرار بطريقة حكومات المحاصصة الطائفية وتقاسم مغانم السلطة بين الأحزاب، واستشراء الفساد السياسي بشكل لا يطاق، بحسب عدد من المراقبين.

ويتخوف العراقيون من تأزم الوضع السياسي وانجراره إلى مرحلة المواجهة المسلّحة بين “التيار الصدري” و”الإطار التنسيقي”، وبالتالي نشوب حرب أهلية شيعية-شيعية، يكون وقودها الشعب نفسه.

انسداد مزمن

العراق يمر في انسداد سياسي عقيم منذ إجراء الانتخابات المبكرة الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد فوز “التيار الصدري” وخسارة القوى السياسية الموالية لإيران، قبل أن تتحالف كلها معا بتحالف سمي “الإطار التنسيقي” لمواجهة الصدر.

وسعى الصدر عبر تحاللف مع الكرد والسنة إلى تشكيل حكومة أغلبية يقصي منها “الإطار”، لكنه لم يستطع الوصول للأغلبية المطلقة التي اشترطتها “المحكمة الاتحادية العليا” لتشكيل حكومته التي يبتغيها.

الأغلبية المطلقة، تعني ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، وهم 220 نائبا من مجموع 329 نائبا، وفي حال امتناع 110 نواب، وهم ثلث أعضاء البرلمان عن دخول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتشكيل الحكومة، فسيفعّل الثلث المعطل الذي يمنع تشكيل أي حكومة.

وصل تحالف الصدر إلى 180 نائبا، ولم يتمكن من بلوغ أغلبية الثلثين، ولم يقبل “الإطار” بالتنازل له لتشكيل حكومة أغلبية؛ لأنه أصر على حكومة توافقية يشترك فيها الجميع، ما اضطر الصدر للانسحاب من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو المنصرم.

بعد انسحاب كتلة الصدر من البرلمان، أمسى زعيم “الكتلة الصدرية” يراقب المشهد السياسي من الحنّانة، وحينما وجد أن “الإطار” الذي أضحت زمام تشكيل الحكومة بيده، يريد الاستمرار بنهج المحاصصة، دفع بأنصاره للتظاهر والاعتصام في المنطقة الخضراء، رفضا لنهج العملية السياسية الحالية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.