على الرغم من الاستقرار في الآونة الأخيرة لأسعار المواد الغذائية على الصعيد العالمي، والتي كانت ارتفعت بعيد الغزو الروسي لأوكرانيا، وتوقف سلاسل التوريد العالمية، والتي عادت مؤخرا بعد اتفاق استئناف تصدير الحبوب، بقيت الأسعار تميل للارتفاع بشكل مستمر في سوريا دون وجود أي مبرر لذلك.

الحكومة ترفع الأسعار

تقرير لصحيفة “البعث” المحلية، يوم أمس الخميس، أشار إلى قرار وزارة المالية الصادر منذ أيام قليلة، والذي رفع الحد الأدنى للأسعار الاسترشادية للسكر والزيوت النباتية المستوردة والتي تعد من المواد الغذائية الأساسية، حيث أصبح الحد الأدنى للسكر الخام 500 دولار للطن الواحد، و600 دولار للسكر المكرر، ورفع السعر الاسترشادي لزيت عباد الشمس إلى 1500 دولار، ولزيت النخيل إلى 1300 دولار، ليليه قرار آخر لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، برفع سعر السكر (النادر وجوده في الأسواق) إلى 4400 ليرة سورية للكيلوغرام المعبأ، مع توقعات برفع سعر الزيت لاحقا.

وأوضح التقرير، أنه ما بين دراسة التخفيض وقرار الرفع، لم يكن لأسعار مختلف المواد الغذائية سوى أن ازدادت بنسب كبيرة ومتسارعة، فضلا عن نقص في المخازين وندرة بعض المواد في الأسواق، ليشهد الأسبوع الأخير بمفرده ارتفاعا جديدا على مختلف السلع دون أي مبّر، حتى حجة التأثر بالأزمات العالمية ومشكلات الشحن لم تعد تنفع بعد استقرار الأسعار العالمية، بما فيها أسعار البورصات العالمية وأسواق النفط.

وحول أسباب ارتفاع الأسعار، بين الخبير الاقتصادي، حسن سليمان، لـ”الحل نت”، أن الفساد هو أحد أهم الأسباب لارتفاع الأسعار في سوريا، فجميع التجار يدفعون رشاوى طائلة للمسؤولين وحواجز الترفيق لكي تمر بضائعهم بين المحافظات ومن المعابر و المرافئ البرية والبحرية والجوية، وهذه الرشاوى تضاف إلى الرسوم التي تفرضها الحكومة سواء كانت رسوما جمركية أو ضرائب، وبالنتيجة فإن المواطن سيتحمل هذه الرسوم والضرائب والرشى بشكل إضافة على الأسعار.

إقرأ:سوريا.. الفستق الحلبي يسجل أسعار صادمة في عز موسمه

إجراءات خاطئة ومأزومة

تقرير “البعث”، أشار إلى أنه بعد خروج أول سفينة محملة بالحبوب من ميناء “أوديسا” إثر الاتفاق الروسي الأوكراني، بدأت أسعار المواد الغذائية في العالم بالعودة إلى ما كانت عليه، إلا محليا، فهي آخذة بالارتفاع دون مبرر اقتصادي، فالإجراءات والقرارات التي تُتخذ محليا لا مثيل لها في العالم مما جعل من سوريا واحدة من أغلى دول العالم بالمعيشة، معتبرا أن ما يجري هو “أزمة إجراءات” تصدر بهدف معين لتعطي نتائج معاكسة على مختلف القطاعات، وكمثال على ذلك قرارات تجفيف السيولة مقابل تثبيت سعر الصرف، نجحت نظريا بتثبيت السعر الرسمي، إلا أن أسعار السلع بمختلفها ترتفع تقريبا 25 بالمئة، تحسبا لأية ارتفاعات بسعر السوق السوداء.

وفي هذا السياق، يرى سليمان، أن الحكومة تعاني من عجز في تمويل نفقاتها، وهذا العجز واضح، فالفساد وهدر وسرقة المال العام أحد أهم الأسباب للعجز وبالدرجة الثانية تمويل الحرب.

لذلك تسعى حكومة دمشق لتغطية العجز هذا بالضرائب ورفع الرسوم الجمركية وابتزاز المواطن، ولا إجراءات حكومية ايجابية في هذا السياق، وبالإضافة لذلك فإن التحكم في سعر صرف الدولار ينعكس على كلفة هذه البضائع أضعاف مضاعفة مقابل الحفاظ على مخزون استراتيجي من العملة الصعبة حسب ادعاءات البنك المركزي، وهذا عار عن الصحة لأن فرق سعر الصرف يدخل جيوب المسؤولين لا البنك المركزي، بحسب سليمان.

وحول الحلول الممكنة، أوضح سليمان، أن تحرير سعر صرف العملة الأجنبية، أحد أهم الإجراءات التي تمنح السوق مرونة كافية لاستيراد البضائع، وبالتالي زيادة العرض وخفض الأسعار، هذا من جهة، ومن جهة ثانية تخفيض الرسوم الجمركية والضرائب، إضافة إلى السياق الأمني داخل سوريا والذي يؤثر على الإنتاج المحلي سلبا.

قد يهمك:بورصة اللحوم في سوريا.. هبرة الخروف 50 ألف والفروج الحي 10 آلاف

تحديد هوامش الربح

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، حددت الحد الأقصى للربح في إنتاج أو استيراد عدد من المواد ولكافة حلقات الوساطة التجارية، حيث تم تحديد هامش الربح لحوالي 50 مادة وتراوح الحد المسموح به بالربح بين 4 إلى 10 بالمئة للمستورد وتاجر الجملة، وبين 5 إلى 13 بالمئة لبائع المفرق.

كما تم تحديد الحد الأقصى للربح بـ 9 بالمئة لتاجر الجملة في حال أُنتج أو استورد هذه المواد، (السمن والزبدة الحيوانية والزيت النباتي وزيت الزيتون والملح، والنشاء واللحوم والحليب المجفف كامل الدسم وخالي الدسم، وحليب الأطفال ومستحضرات أغذية الأطفال، والمتة والمشروبات الغازية والكحولية، والطحين المنتج والخبز السياحي والصمون والكعك، والبقوليات والبرغل والفريكة ومكعبات الثلج والمخللات، وأنواع من الأسمدة والبذور الزراعية، والمستورد من الألبسة المدرسية)، ويكون هامش الربح لبائع المفرق بهذه المواد بين 5 إلى 13 بالمئة.

أما المواد التي كان هامش ربحها أقل من ذلك، فهي (الأرز والسكر ومعلبات اللحوم والسمسم والطحينة والحلاوة، والشاي المستورد والبن بأنواعه والطحين المستورد والدفاتر المدرسية)، ويكون هامش الربح لبائع المفرق بهذه المواد بين 5 إلى 9 بالمئة.

كما وضعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، تسعيرة جديدة للسكر، حيث تم تحديد سعر مبيع كيلو السكر الدوكما بـ 4200 ليرة، وسعر كيلو السكر المعبأ بـ4400 ليرة، علما أن سعر المادة على البطاقة الذكية لم يتغير وبقي 1000 ليرة.

إقرأ:زيادة تصدير البندورة والخيار من سوريا.. ارتفاع أسعار جديد؟

يذكر أن نسبة ضبط السوق من وزارة التجارة الداخلية لا تتجاوز 10 بالمئة حاليا، والدليل الفوضى التي تشهدها الأسواق، حيث أن لجوء الوزارة إلى تحذير التجار دليل على خروج الأمور عن السيطرة، وأن العقوبات التموينية موجودة لكنها تطول فقط تجار المفرق، الذين لا يحصلون على فاتورة من تجار الجملة، وبالتالي فإن تحديد الأسعار الحكومي لا يتجاوز كونه حبرا على ورق ولا يمس أسعار الواقع بأي شكل من الأشكال.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.