ضمن المساعي الرامية للحد من الاعتداءات التركية على الأراضي العراقية، أعلنت وزارة الخارجية، اليوم الجمعة، استمرارها بتحشيد المجتمع الدولي ردا على القصف التركي لمصيف برخ بمدينة زاخو، مؤكدة على اتخاذ مواقف حازمة بشأن كل ما يطال السيادة العراقية. 

ولا يزال العراق يحشد جهود جميع شركائه وأصدقائه لتأكيد الرواية الحكومية العراقية بخصوص الاعتداء التركي الأخير، والتي نتجت عن عمل لجنة التحقيق المشكلة بإيعاز من رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، والتي ترأسها وزير الخارجية فؤاد حسين، وقادة أمنيون عراقيون، بحسب المتحدث باسم الخارجية أحمد الصحاف. 

وقال الصحاف في تصريح لوكالة الأنباء العراقية اليوم الجمعة، وتابعه موقع “الحل نت”، إن “تقرير اللجنة خلص إلى أن الجانب التركي كان ضالعا بالاعتداء الأخير الذي تمثل بقصف مصيف في محافظة دهوك، وأكدت جميع الأدلة والشواهد الواقعية على إثبات ما يراه العراق، وأصدرت دولا شريكة وصديقة مواقفها بإدانة القصف التركي لمحافظة دهوك”.

في حين تستمر وزارة الخارجية بالعمل على استكمال المزيد من الخطوات التي تأتي في سياق دعم جهود العراق لتأكيد حضوره الفاعل داخل مجلس الأمن الدولي، لا سيما بعد عقده جلسة استثنائية بدعوة من العراق، وفقا للمتحدث باسم الخارجية.

كما لفت إلى أن “العراق مستمر بالتنسيق والتواصل مع جميع الأطراف في كل ما يطال السيادة العراقية”، مؤكدا أن “الدبلوماسية العراقية سيكون موقفها حازما”.

الصحاف أوضح أيضا، أن “لجوء العراق إلى مجلس الأمن جاء بسياق الاعتداء الذي طال سيادة العراق مؤخرا على محافظة دهوك”، منبها بأن “هذاالاعتداء بحد ذاته يأتي ضمن سلسلة خروقات واعتداءات متكررة”.

اقرأ/ي أيضا: الخارجية العراقية تنفي مزاعم وجود اتفاقية أمنية وعسكرية مع تركيا

القصف وتداعياته

في 20 من تموز/يوليو الماضي، قصفت مدفعية للجيش التركي، مصيف برخ في مدينة زاخو التابعة لمحافظة دهوك في إقليم كردستان العراق.

وأسفر القصف، الذي أعلنت تركيا تبرؤها منه، عن مقتل 9 سائحين بينهم أطفال ونساء، وإصابة أكثر من 25 أخرين، والضحايا كلهم ساحين من وسط وجنوب العراق كانوا قد وصلوا الإقليم لقضاء عطلهم.  

وردا على تلك الاعتداءات، أعلن العراق عدة إجراءات غير مسبوقة مع تركيا، استقدمت خلالها الحكومة العراقية القائم بالأعمال العراقي من أنقرة“لغرض المشاورة“، وأوقفت إجراءات إرسال سفير جديد إلى تركيا.

فيما وجه “المجلس العراقي للأمن الوطني” وهو مجلس عسكري-سياسي رفيع يرأسه رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، وفقا لبيان رسمي، “قيادة العمليات المشتركة بتقديم تقرير بشأن الحالة على الحدود العراقية التركية، واتخاذ كل الخطوات اللازمة للدفاع عن النفس“.

وطالب المجلس الوزاري، تركيا بتقديم اعتذار رسمي، وسحب قواتها العسكرية من جميع الأراضي العراقية، وقال إنه سينسق مع حكومة إقليم كردستان بشأن أخذ إجراءات حاسمة لمنع الانتهاكات.

إضافة لكل ذلك، أصدر الكاظمي ووزارة الخارجية، بيانات إدانة للاعتداء التركي الأخير، تراوحت لهجتها بين وصفه بـ“الاعتداء الغاشم” كما قال بيان رئيس الحكومة، والتوعد باتخاذ “أعلى مستويات الرد الديبلوماسي” حسب بيان للخارجية العراقية.

إدانة دولية

في 26 تموز/يوليو الماضي، أدان مجلس الأمن الدولي، القصف التركي على العراق، وبعد التقدم بشكوى رسمية ضد تركيا، طالبت بغداد من خلالهاعقد جلسة طارئة لمناقشة الاعتداءات التركية على البلاد. 

وقال المجلس في بيان، إن أعضاء مجلس الأمن الدولي أدانوا بأشد العبارات، الهجوم في محافظة دهوك العراقية في 20 تموز/يوليو 2022، الذي أسفر عن مقتل 9 مدنيين.

وبحسب البيان، أعرب أعضاء مجلس الأمن عن خالص تعازيهم ومواساتهم لأسر الضحايا والحكومة العراقية، ومنطقة كردستان العراق، وتمنواالشفاء العاجل والكامل للمصابين وأعربوا عن دعمهم للسلطات العراقية في تحقيقاتهم.

وجدد أعضاء مجلس الأمن الدولي التأكيد على دعمهم لاستقلال وسيادة ووحدة الأراضي العراقية، والعملية الديمقراطية والازدهار في العراق، طبقا للبيان.

قبل ذلك، استدعت وزارة الخارجية العراقية، السفير التركي لدى العراق علي رضا، وسلّمته مذكرة احتجاج “شديدة اللهجة”، حسب بيان لها.

المذكرة تضمّنت، إدانة الحكومة العراقية لـ “الجريمـة النكراء” التـي ارتكبتها القوات التركيّة والتي “مثّلـت قمة لاعتـداءاتها المُستمرة علـى سيادة العراق وحرمة أراضيه، وأخذت طابعا استفزازيا جديدا لا يمكن السكوت عنه”.

اقرأ/ي أيضا: مجلس الأمن الدولي يحدد جلسة طارئة بشأن الاعتداءات التركية على العراق

سياق الاعتداءات التركية

جدير بالذكر أن، الاعتداء التركي لم يكن الأول من نوعه، فهو يآتي ضمن أحدث عملياتها العسكرية التي أطلقتها في 18 نيسان/ أبريل الماضي، باسم“مخلب القفل”، حيث أنزلت مروحيات تركية وقوات خاصة، وأقامت نقاط أمنية بالأراضي العراقية وإقليم كردستان، رغم التنديد والرفض الإقليمي والدولي.

وفق الذرائع التركية، يدفع العراق جزءا من سيادته ثمنا على مر الصراع الطويل لأنقرة “حزب العمال الكردستاني” المتواجد في شمال العراق، حيث شهدت الأعوام الماضية عمليات عسكرية متكررة يشنها الجيش التركي في أراضي إقليم كردستان العراق.

في 2018 طالبت منظمات حقوقية بإجراء تحقيق في عمليات عسكرية “سرية” نفذتها تركيا ضد “العمال الكردستاني” في شمال العراق وأراضي إقليم كردستان، معتبرة أنها تنتهك قوانين الحرب المرعية دوليا.

في عام 2019 تجددت الهجمات التركية على أراضي إقليم كردستان، لتبدأ أنقرة الإعلان عن كل عملية في أسلوب جديد للحرب ضد عناصر “حزب العمال”، وذلك في انتهاك متعمد لسيادة العراق، بحسب مراقبين.

وعلى هذا النحو، أطلقت القوات التركية عملية “المخلب” في أيار/ مايو 2019، واستخدمت قذائف المدفعية، وهجمات جوية ضد مسلحي “العمال الكردستاني” في شمال العراق.

وما أن مر عام تقريبا، وتحديدا في حزيران/ يونيو 2020، أطلقت تركيا عملية جوية وبرية أخرى أسمتها “مخلب النسر”، قبل أن تستهل العام 2021 بعدة عمليات ضد “حزب العمال”، إذ نفذت في شهر شباط/ فبراير من ذات العام، عملية أطلق عليها اسم “مخلب النسر-2″، عبر ضربات جوية،ونشر جنود أتراك جرى حملهم بالمروحيات، ما أثار ردود فعل سياسية واسعة باعتباره انتهاكا للسيادة العراقية.

يذكر أن العمليات العسكرية التركية، تسببت -ولا تزال- بسقوط العشرات من القتلى والجرحى المدنيين من سكان المناطق الحدودية العراقية، فضلا عن إحداث أضرار كبيرة بالممتلكات العامة والخاصة.



اقرأ/ي أيضا: الاعتداء التركي على دهوك يؤجج غضباً شعبياً وحكومياً.. هل تلجم بغداد تجاوزات أنقرة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.