بعد سنوات من الاعتداءات التركية على العراق تحت مزاعم وجود اتفاقية بين الجانبين يتيح لتركيا التوغل داخل الأراضي العراقية، أكدت وزارة الخارجية العراقية، اليوم السبت، عدم وجود أي اتفاقية أمنية وعسكرية مع الجانب التركي.

المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف قال في بيان تلقاه موقع “الحل نت”، إنه “نجدد إحاطة الرأي العام بعدم وجود أي اتفاقية أمنية وعسكرية مع تركيا تسمح لها بالتوغل في العراق”، مؤكدا أن “الوزارة قررت استقدام القائم بالأعمال العراقي في أنقرة إلى بغداد”.

بدوره، الرئيس الأسبق للجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عبد الباري زيباري يفند هذه المزاعم أيضا حول وجود اتفاق مع تركيا يسمح لها بهذه الاعتداءات.

ويقول زيباري في تصريح تابعه موقع “الحل نت”، إنه “ليس هناك أي اتفاق أمني أو وثيقة موقعة بين العراق وتركيا خلال فترة النظام السابق تسمح بدخول أو ضرب الأراضي العراقية”، مبينا أن “كل ما يشاع بخلاف ذلك هي محاولات لتبرير العمليات التركية”.

وفيما يخص “اتفاقية أنقرة” يرى زيباري أن “الدول تغيرت منذ ذلك الحين وحتى المواثيق الدولية اختلفت”، مضيفا أن”ما يتحجج به الأتراك في اتفاقية أنقرة هي فترة انتهت منذ نحو 100 عام”.

وهذه ليست المرة الأولى التي تقصف فيها أنقرة مناطق داخل العراق، وغالبا ما تستدعي بغداد السفير التركي لوزارة الخارجية للاحتجاج، لكن هذه الإجراءات تبقى معظم الوقت بدون نتيجة.

اقرأ/ي أيضا: هجوم صاروخي يستهدف قاعدة “زليكان” التركية شمالي العراق

تذرع تركي

تتذرع تركيا بأن لديها اتفاق أمني مبرم مع العراق في القرن الماضي يسمح لها بالتوغل داخل الأراضي العراقية لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وكذلك تتحدث أن “اتفاقية أنقرة” المبرمة في عام 1926 تعطيها الحق لشن عمليات داخل العراق.

بدوره يبين الخبير القانوني علي التميمي مجموعة من المواثيق والقوانين الدولية التي خرقتها تركيا من خلال استهدافه المدنيين أبرياء في شمال العراق.

التميمي يقول في تصريح صحفي تابعه موقع “الحل نت”، إن “تركيا خرقت القانون الدولي من خلال مخالفتها للمادة 1 و2 و3 من ميثاق الأمم المتحدة التي أوجبت على الجميع احترام سيادة الدول”.

ويضيف التميمي أنه “لا يمكن لتركيا أن تتحجج بالاتفاقية المزعومة مع النظام السابق، لأن هذه الاتفاقية في حال كانت موجودة فإنها “لم تجدد بعد عام 2003 ولم تودع نسخة منها في الأمم المتحدة وفق المادة 102 من ميثاق الامم المتحدة”.

ويبين التميمي أن “تكرار هذه الضربات هو استهانة بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويعتبر جرائم إبادة جماعية وفق المادة التاسعة من اتفاقية منع الإبادة الجماعية لسنة 1948”.

وكانت القوات التركية الأربعاء الماضي، قد قصف مصيف برخ السياحي في مدينة زاخو التابعة لمحافظة دهوك في إقليم كردستان العراق، ما أسفر عن وقوع 9 قتلى و23 جريحا.

وأعلن العراق عدة إجراءات غير مسبوقة مع تركيا، منها تقديم شكوى بـ “الاعتداءات التركية المتكررة على السيادة العراقية وأمن العراقيين، وتقديم شكوى عاجلة بهذا الشأن إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة”.

اقرأ/ي أيضا: أنقرة مُطالبَة باعتذار لبغداد وشكوى عراقية لدى “مجلس الأمن”


ردود فعل عراقية


الحكومة العراقية قالت إنها ستستقدم القائم بالأعمال العراقي من أنقرة “لغرض المشاورة”، وتوقف إجراءات إرسال سفير جديد إلى تركيا.


ولفت محللون ومختصون إلى ضرورة استخدام الحكومة العراقية الاقتصاد كسلاح للرد على “الانتهاكات التركية”، ورجح بعضهم أن التحركات الدبلوماسية لن تجدي نفعا.


عسكريا، وجه “المجلس العراقي للأمن الوطني” وهو مجلس عسكري – سياسي رفيع يرأسه رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، وفقا لبيان “قيادة العمليات المشتركة بتقديم تقرير بشأن الحالة على الحدود العراقية التركية، واتخاذ كل الخطوات اللازمة للدفاع عن النفس”.

وطالب المجلس تركيا بتقديم اعتذار رسمي، وسحب قواتها العسكرية من جميع الأراضي العراقية، وقال إنه سينسق “مع حكومة إقليم كردستان بشأن أخذ إجراءات حاسمة لمنع الانتهاكات”.


وبالإضافة إلى ذلك، أصدر رئيس الوزراء العراقي ووزارة الخارجية بيانات إدانة للقصف، تراوحت لهجتها بين وصف الحادث بـ”الاعتداء الغاشم” كما قال بيان رئيس الحكومة، والتوعد باتخاذ “أعلى مستويات الرد الديبلوماسي” وفقا لبيان وزارة الخارجية.


من جهتها تقول تركيا إنها لم تنفذ الاعتداء، وفقا لبيان خارجيتها، محملة حزب العمال الكردستاني المسؤولية، ودعت الحكومة العراقية إلى التعاون للكشف عن “الجناة الحقيقيين”.

اقرأ/ي أيضا: الاستهداف التركي لمصيف “برخ” بكردستان العراق.. محاولة لضرب القطاع السياحي؟


نفي جماعي


من جهته، نفى حزب العمال الكردستاني في بيان رسمي، مسؤوليته عن القصف، مؤكدا أنه عناصره ليس لهم نفوذ في المنطقة التي تم استهدافها، متهما تركيا بالوقوف وراء الهجوم.


جدير بالذكر أن، الاعتداء التركي لم يكن الأول من نوعه، فهو يآتي ضمن أحدث عملياتها العسكرية التي أطلقتها في 18 نيسان/ أبريل الماضي، باسم “مخلب القفل”، حيث أنزلت مروحيات تركية وقوات خاصة، وأقامت نقاط أمنية بالأراضي العراقية وإقليم كردستان، رغم التنديد والرفض الإقليمي والدولي.


وفق الذرائع التركية، يدفع العراق جزءا من سيادته ثمنا على مر الصراع الطويل لأنقرة “حزب العمال الكردستاني” المتواجد في شمال العراق، حيث شهدت الأعوام الماضية عمليات عسكرية متكررة يشنها الجيش التركي في أراضي إقليم كردستان العراق.


في 2018 طالبت منظمات حقوقية بإجراء تحقيق في عمليات عسكرية “سرية” نفذتها تركيا ضد “العمال الكردستاني” في شمال العراق وأراضي إقليم كردستان، معتبرة أنها تنتهك قوانين الحرب المرعية دوليا.


عمليات مستمرة


في عام 2019 تجددت الهجمات التركية على أراضي إقليم كردستان، لتبدأ أنقرة الإعلان عن كل عملية في أسلوب جديد للحرب ضد عناصر “حزب العمال”، وذلك في انتهاك متعمد لسيادة العراق، بحسب مراقبين.


وعلى هذا النحو، أطلقت القوات التركية عملية “المخلب” في أيار/ مايو 2019، واستخدمت قذائف المدفعية، وهجمات جوية ضد مسلحي “العمال الكردستاني” في شمال العراق.


وما أن مر عام تقريبا، وتحديدا في حزيران/ يونيو 2020، أطلقت تركيا عملية جوية وبرية أخرى أسمتها “مخلب النسر”، قبل أن تستهل العام 2021 بعدة عمليات ضد “حزب العمال”، إذ نفذت في شهر شباط/ فبراير من ذات العام، عملية أطلق عليها اسم “مخلب النسر-2″، عبر ضربات جوية، ونشر جنود أتراك جرى حملهم بالمروحيات، ما أثار ردود فعل سياسية واسعة باعتباره انتهاكا للسيادة العراقية.


يذكر أن العمليات العسكرية التركية، تسببت -ولا تزال- بسقوط العشرات من القتلى والجرحى المدنيين من سكان المناطق الحدودية العراقية، فضلا عن إحداث أضرار كبيرة بالممتلكات العامة والخاصة.

اقرأ/ي أيضا: الاعتداء التركي على دهوك يؤجج غضباً شعبياً وحكومياً.. هل تلجم بغداد تجاوزات أنقرة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة