في ظل استمرار الأزمة السياسية بين “التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، وتحالف “الإطار التنسيقي” الذي يضم قوى شيعية موالية لإيران، بزعامة هادي العامري رئيس تحالف “الفتح” ومنظمة “بدر” المنضوية في “الحشد الشعبي”، تترقب الأوساط السياسية والشعبية لقاء العامري بالصدر بحذر شديد، لاسيما وأنه قد يمثل آخر محاولة لنزغ فتيل الأزمة المتصاعدة.

اللقاء من المتوقع أن يأتي خلال الأيام القريبة المقبلة، بحسب مصادر من داخل تحالف “الفتح” أكدت استعداد العامري لزيارة الحنانة محل إقامة الزعيم الصدري بمحافظة النجف، الذي ما زال على الأقل حتى الآن يرفض الحوار مع “الإطار”، دون أن يغلقه تماما، خاصة بعد مهاجمته علانية لأطراف “الإطار” باستثناء العامري الذي يبدي مرونة واضحة تجاهه.

لقاء قد يمثل عتبة لإنهاء التدافع السياسي ما بين طرفي “التيار” و”الإطار”، أو نقطة فاصلة لنهاية حقبة التخندقات المكوناتية والشروع بمرحلة جديدة من التحالفات الطولية، وللوقوف على أبرز السيناريوهات المحتملة استطلع موقع “الحل نت” أراء المهتمين في الشأن السياسي في البلاد. 

وتوقع أحمد السلمان المهتم في الشؤون السياسية في حديثه لـ”الحل”، أن “زيارة العامري للصدر قد ا تمثل لحظة فاصلة في تاريخ عراق ما بعد 2003، خصوصا في ظل دعاوات مقتدى الصدر إلى تغيير جذري يتعلق بالنظام والدستور”.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. العامري يقترب من الحنّانة بعد جفاء؟

نقطة فاصلة

السلمان قال إنه “مع ذلك السقف من المطالب ومع تحريك الشارع لمستوى اقتحام المنطقة الخضراء وتعطيل عمل البرلمان منذ ثلاثة أسابيع من قبل أنصار الصدر، فأن نتائج الزيارة ستكون مهمة للغاية في تقريرها عقد سياسي جديد أو العودة إلى الوراء مجددا واستدراك مرحلة جديدة من النظام المتهاوي”.

من جهته، علي الزاملي المختص في الشأن السياسي، يعتقد أن “زيارة العامري هي الخطوة الأخيرة للتوقيع على عقد جديد من النظام السياسي الحالي، لكن بمكتسبات كبيرة لصالح التيار الصدري”، مبينا أن “التيار الصدر أكتشف مدى تعقيد النظام السياسي وتغلغل الأحزاب الحاكمة بالتالي هو استنفد كل محاولاته بإجراء تغيير حقيقي على مستوى العملية السياسية في البلاد، بالتالي الآن ليس أمامه الخروج من هذا المأزق سوى بأكبر حفنة من المكتسبات وإعلان عودة جديدة للنظام التقليدي والعلمية السياسية المعتادة منذ نحو عقدين”.

الزاملي قال في حديث لموقع “الحل”، إن “أنصار الصدر معتصمون في المنطقة الخضراء منذ ثلاثة أسابيع والبرلمان خارج عن الخدمة، ومع كل ذلك لم يحدث ذلك أثرا حقيقي، وما أبعد من ذلك يمكن أن يفعله الصدر، وبغض النظر عن نواياه، لكن التفسير المنطقي لما يحدث هو أن هناك رعاية محلية وخارجية لهذا النظام السياسي في العراق، بالتالي لم يمكن حدوث أكثر مما حدث ولا بعد من العودة لخارطة التوازنات السابقة”.

واشتدّت الأزمة السياسية العراقية في 30 تموز/ يوليو الماضي، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري” المنطقة الخضراء حينها، وأقام اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار”، مقتدى الصدر وقتئذ.

اقرأ/ي أيضا: تصاعد حدّة الخطاب الصدري في العراق

أسباب اعتراض الصدر 

الصدر وصف الاقتحام الأول للمنطقة الخضراء، بأنه “جرّة إذن” للسياسيين الفاسدين ومنهم قوى “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، قبل أن يحشد أنصاره لاقتحام الخضراء مجددا، وهو ما حدث فعلا.

تظاهرات أنصار الصدر، تأتي بعد إعلان “الإطار التنسيقي” ترشيح السياسي محمد شياع السوداني، المقرب من زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي، لمنصب رئاسة الحكومة العراقية المقبلة.

اعتراض الصدر ليس على شخص السوداني، إنما على نهج المنظومة السياسية بأكملها؛ لأنها تريد الاستمرار بطريقة حكومات المحاصصة الطائفية وتقاسم مغانم السلطة بين الأحزاب، واستشراء الفساد السياسي بشكل لا يطاق، بحسب عدد من المراقبين.

العراق يمر في انسداد سياسي عقيم منذ إجراء الانتخابات المبكرة الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد فوز “التيار الصدري” وخسارة القوى السياسية الموالية لإيران، قبل أن تتحالف كلها معا بتحالف سمي “الإطار التنسيقي” لمواجهة الصدر.

فشل مساعي التحالف الثلاثي؟

سعى الصدر عبر تحالف مع الكرد والسنة إلى تشكيل حكومة أغلبية يقصي منها “الإطار”، لكنه لم يستطع الوصول للأغلبية المطلقة التي اشترطتها “المحكمة الاتحادية العليا” لتشكيل حكومته التي يبتغيها.

الأغلبية المطلقة، تعني ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، وهم 220 نائبا من مجموع 329 نائبا، وفي حال امتناع 110 نواب، وهم ثلث أعضاء البرلمان عن دخول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتشكيل الحكومة، فسيفعّل الثلث المعطل الذي يمنع تشكيل أي حكومة.

وصل تحالف الصدر إلى 180 نائبا، ولم يتمكن من بلوغ أغلبية الثلثين، ولم يقبل “الإطار” بالتنازل له لتشكيل حكومة أغلبية؛ لأنه أصر على حكومة توافقية يشترك فيها الجميع، ما اضطر الصدر للانسحاب من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو المنصرم.

بعد انسحاب كتلة الصدر من البرلمان، أمسى زعيم “الكتلة الصدرية” يراقب المشهد السياسي من الحنّانة، وحينما وجد أن “الإطار” الذي أضحت زمام تشكيل الحكومة بيده، يريد الاستمرار بنهج المحاصصة، دفع بأنصاره للتظاهر والاعتصام في المنطقة الخضراء، رفضا لنهج العملية السياسية الحالية.


اقرأ/ي أيضا: ما نتائج “الحوار الوطني” العراقي؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.