في الواقع، لا يبد زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، مرونة إلا مع زعيم “تحالف الفتح” المنضوي في “الإطار التنسيقي”، هادي العامري للتفاهم والحوار. هو الاستثناء من “الإطار” رغم الجفاء أحيانا، والبقية غير مرحب بهم لديه.

تلك المرونة الاستثنائية الممنوحة للعامري، قد تكون هي الفيصل في وقت لاحق لإنهاء الأزمة السياسية في العراق بين “التيار” و”الإطار”، ومقدمتها من خلال لقاء مقبل بين الصدر والعامري، فالأول قرر فتح باب الحنّانة أمام الثاني.

القيادي في “تحالف الفتح”، غضنفر البطيخ، أكد في تصريح صجفي، الخميس، وجود استعدادات لزيارة هادي العامري إلى زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، في الحنّانة خلال الساعات القليلة القادمة.

وقال البطيخ، إن “قنوات الاتصال المفتوحة بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، أثمرت عن اتفاق لزيارة العامري إلى الحنانة وعقد اجتماع مع الصدر لمناقشة المطالب المعلنة وحل الأزمة السياسية”.

ما الذي يحمله العامري؟

البطيخ بيّن، أن العامري يحمل مبادرة إلى الصدر وافقت عليها أغلب الأطراف السياسية الشيعية والكردية والسنية، تقضي بتشكيل حكومة انتقالية وعودة عمل البرلمان لتعديل قانون الانتخابات وتغيير المفوضية ثم الذهاب لحل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة جديدة بفترة قصيرة قادمة.

وأشار البطيخ، إلى أن “مطلب تعديل الدستور ليس مرجحا له التطبيق الآن؛ لوجود اعتراضات من قبل أطراف عديدة عليه، ويحتاج لفترة طويلة من أجل الاتفاق عليه”.

يأتي الحديث عن قرب زيارة العامري إلى الصدر، بعد أن هاجم الأخير عبر وزيره صالح محمد العراقي، 3 من قوى “الإطار”، وهي “دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، و”تيار الحكمة” بزعامة عمار الحكيم، و”صادقون” بزعامة قيس الخزعلي، واتهمها بالفساد، فيما استثنى من هجومه “الفتح” الذي يقوده العامري، و”ائتلاف النصر” بزعامة حيدر العبادي.

واشتدّت الأزمة السياسية العراقية في 30 تموز/ يوليو الماضي، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري” المنطقة الخضراء حينها، وأقام اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار”، مقتدى الصدر وقتئذ.

الصدر وصف الاقتحام الأول للمنطقة الخضراء، بأنه “جرّة إذن” للسياسيين الفاسدين ومنهم قوى “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، قبل أن يحشد أنصاره لاقتحام الخضراء مجددا، وهو ما حدث فعلا.

تظاهرات أنصار الصدر، تأتي بعد إعلان “الإطار التنسيقي” ترشيح السياسي محمد شياع السوداني، المقرب من زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي، لمنصب رئاسة الحكومة العراقية المقبلة.

لماذا يعترض الصدر؟

اعتراض الصدر ليس على شخص السوداني، إنما على نهج المنظومة السياسية بأكملها؛ لأنها تريد الاستمرار بطريقة حكومات المحاصصة الطائفية وتقاسم مغانم السلطة بين الأحزاب، واستشراء الفساد السياسي بشكل لا يطاق، بحسب عدد من المراقبين

العراق يمر في انسداد سياسي عقيم منذ إجراء الانتخابات المبكرة الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد فوز “التيار الصدري” وخسارة القوى السياسية الموالية لإيران، قبل أن تتحالف كلها معا بتحالف سمي “الإطار التنسيقي” لمواجهة الصدر.

وسعى الصدر عبر تحالف مع الكرد والسنة إلى تشكيل حكومة أغلبية يقصي منها “الإطار”، لكنه لم يستطع الوصول للأغلبية المطلقة التي اشترطتها “المحكمة الاتحادية العليا” لتشكيل حكومته التي يبتغيها.

الأغلبية المطلقة، تعني ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، وهم 220 نائبا من مجموع 329 نائبا، وفي حال امتناع 110 نواب، وهم ثلث أعضاء البرلمان عن دخول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتشكيل الحكومة، فسيفعّل الثلث المعطل الذي يمنع تشكيل أي حكومة.

وصل تحالف الصدر إلى 180 نائبا، ولم يتمكن من بلوغ أغلبية الثلثين، ولم يقبل “الإطار” بالتنازل له لتشكيل حكومة أغلبية؛ لأنه أصر على حكومة توافقية يشترك فيها الجميع، ما اضطر الصدر للانسحاب من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو المنصرم.

بعد انسحاب كتلة الصدر من البرلمان، أمسى زعيم “الكتلة الصدرية” يراقب المشهد السياسي من الحنّانة، وحينما وجد أن “الإطار” الذي أضحت زمام تشكيل الحكومة بيده، يريد الاستمرار بنهج المحاصصة، دفع بأنصاره للتظاهر والاعتصام في المنطقة الخضراء، رفضا لنهج العملية السياسية الحالية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة