لم يكن مفاجئا للسوريين، البيان الذي أدلى به عمرو سالم، وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ومفاده أنه يجري العمل على تغيير أسلوب الدعم بحيث يصبح نقدا أو قيمة مادية موضوعة على البطاقات لشراء مواد بكميات أكبر، كما يجري العمل أيضا على حل هذه المسألة بأسرع ما يمكن.

طرح الوزير لموضوع تحويل نظام الدعم إلى النقد لم يكن أول مرة، وعوضا عن ذلك، ذكره عدة مرات وتحدث عنه قبل أن يصبح وزيرا للتجارة الداخلية. ولكن العديد من التساؤلات تسوب هذا النظام الجديد، بدايتها احتمالية فتح باب جديد للفساد، إذا ما تم اعتماد تبديل الدعم الحكومي إلى دعم نقدي مباشر، وإذا كان المستفيدون سيحصلون فعلا على الدعم فيما تم تحويله إلى نقدي.

شكوك حول الآلية

العديد من الأسباب تحوم حول عدم القدرة على إيصال دعم حقيقي للمواطن، ودفع جزء كبير من نفقات معيشته، نظرا لانخفاض مستوى المرتبات والدخل، الذي لا يكفي لتلبية طلبات الأسرة باستثناء بضعة أيام كل شهر.

الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، الدكتور شفيق عربش، شكك في حديثه لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الثلاثاء، في صحة مشروع وزير التجارة الداخلية وإمكانية تحويل الدعم إلى نقدي، وأشار إلى أن رئيس الوزراء قد طرح تحويل الدعم الحكومي إلى أموال خلال اجتماع نقابات العمال منذ خمسة أشهر.

وأضاف عربش، أنه من الناحية النظرية، فإن المساعدات النقدية المقدمة إلى المستفيدين الحقيقيين أفضل من طريقة المساعدات الحالية التي لم تؤد سوى إلى الفساد ولم تصل إلى المستفيدين المقصودين في الوقت المناسب، والتي استفاد فيها الأغنياء والمعدمون أكثر من الفقراء.

وأوضح عربش، أنه نظرا لافتقار سوريا للقدرات وقواعد البيانات اللازمة لتقديم المساعدات المالية للمؤهلين، فمن الضروري إجراء دراسة إحصائية دقيقة تأخذ عينة من قاعدة بيانات شركة “التضامن”، لتحديد مدى الفقر في سوريا واحتياجات الأسر السورية. وإذا وجدت قاعدة بيانات عائلية شبه متكاملة، يمكن استخدامها لقياس مدى الفقر في سوريا، فضلا عن تحديد أهلية الأسر للدعم النقدي.

عجز أم بوابة فساد؟

باستثناء بعض الحالات النادرة للغاية، مثل الأرملة التي لديها أطفال صغار ولا معيل لها أو امرأة عاجزة واحدة، أشار عربش، إلى أن تقديم الدعم النقدي كمصروفات شهرية تلبي تماما احتياجات الأسرة دون أن يكون رب الأسرة عاملا، لأنه يشجع البطالة.

كما يرى الأكاديمي، أنه من غير المنطقي أن يكون الدعم النقدي، إذا ما تمت الموافقة عليه وتطبيقه، موحدا، لأن الأموال التي ينبغي منحها للأسر لا يفترض أن تكون موحدة، ويجب أن تتفاوت وفقا لحالة كل أسرة واحتياجاتها على حدة.

وفي ختام حديثه، أكد عربش أنه لا توجد أي فرصة في رأيه، لنجاح مشروع الانتقال إلى المساعدات النقدية، قائلا: “المعروف جيدا أن هناك عجزا في إنجاز مثل هذا المشروع”.

وتدرس وزارة التجارة الداخلية منذ نيسان/أبريل الفائت، مشروع الاستعاضة عن الدعم من خلال البطاقة الذكية بمبلغ محدد.

وقال الوزير عمرو سالم، آنذاك إن “مبالغ الدعم زادت بشكل كبير، فعلى سبيل المثال يتم بيع كيلو الرز على البطاقة الذكية بألف ليرة سورية بينما سعر الرز المستورد يزيد عالمياً بشكل يومي، وثمن كيس النايلون مئة ليرة”.

وأضاف، “إذا بقيت سياسة الدعم ثابتة من دون رفع بعض الشرائح من الدعم سنصل إلى عجز عن تقديم الدعم وهذا كلام مرفوض”، مشيرا إلى أن الاستعاضة عن الآلية الحالية بالدعم النقدي في سوريا، هو مشروع مطروح منذ زمن، والآن يتم طرحه للمناقشة مع الفريق الاقتصادي ومجلس الوزراء.

الجدير ذكره، أنه منذ مطلع شباط/فبراير الماضي، بدأت وزارة الاتصالات في حكومة دمشق بتطبيق إزالة “الدعم الحكومي” عن مجموعة من حاملي “البطاقة الذكية“، إذ وصل عدد البطاقات المُزالة إلى حوالي 598 ألفا، بحسب تصريح الوزارة لإذاعة “نينار إف إم“ المحلية، في 7 من شباط/فبراير الماضي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.