بعد عام ونصف العام من المفاوضات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران لإعادة إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 والتي انسحبت منه الإدارة الأميركية إبان عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، يجري الحديث الآن عن التواصل لتقارب من أجل إحياء اتفاق جديد، لاسيما بعد انتهاء الجولة الجديدة من محادثات فيينا، والتي كانت قد توقفت منذ خمسة أشهر.

وعلى الرغم من أن محادثات فيينا التي انتهت يوم الاثنين الماضي، تعد أهم جولة من المباحثات والتي جاءت استكمالا لمحادثات الدوحة التي أجريت في العاصمة القطرية أواخر حزيران/يونيو الماضي دون التوصل لصيغة نهائية حول الاتفاق، وفي الوقت الذي يجري الحديث فيه عن تقارب نهائي، يرى مراقبون أنها ليست إلا محاولات إيرانية لإطالة أمد المفاوضات.

جولة فيينا التي عدت أبرز جولات المفاوضات التي تضمنت للمرة الأولى تقديم مسودة نص نهائي للمفاوضات بين الأطراف من قبل مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، والذي يلعب دور الوسيط بين الجانبين،سرعان ما لاقت تحفظا إيراني على الرغم من إبداء واشنطن موافقتها عليها مباشرة.

التحفظ الإيراني يتعلق ببعض القضايا الخلافية بين الطرفين، والتي تتمثل بمطالبة طهران بضمانات جادة من قبل الجانب الأميركي لاحترام الاتفاق وعدم الانسحاب منه، وانهاء وكالة الطاقة الذرية لتحقيقات بشأن أنشطة نووية سرية، في حين أعتبرت واشنطن أن المسودة النهائية المقدمة هي الأساس الوحيد الممكن لإحياء الاتفاق النووي مع إيران، مؤكدة استعدادها للتوصل سريعا إلى اتفاق على هذا الأساس.

اقرأ/ي أيضا: تطورات جديدة.. إعلان قريب عن وفاة الاتفاق النووي الإيراني

من الذي يعطل الاتفاق النووي؟

في ظل التأكيدات الدولية حول ما توصلت إليه جولة فيينا وأن النص الذي تم قدمه المنسق الأوروبي للمفاوضات إنريكي مورا هو أقصى ما تستطيع كل الأطراف تقديمه، تصر إيران على ضرورة تقديم تنازلات أكبر من ذلك، معتبرة أن النص النهائي الذي تم تقديمه لا يمثل سوى عرض أوربي للاتفاق وليس نص نهائي، وهذا ما فتح الباب أمام السؤال التالي؛ هل تتقصد إيران تعطيل الاتفاق النووي الذي تحمل مبادرات غربية كبيرة؟

وفي هذا الشأن، ووسط الاستبشار حول التقديم الذي أحرزته مفاوضات الأخيرة وإذا ما كانت فعلا قد حققت نجاحا يمكن من خلاله إنهاء الاتفاق النووي، يجيب الباحث والمحلل السياسي العراقي هيم الهيتي في حديث لموقع “الحل نت”، قائلا إن “عدم التوصل إلى اتفاق جديد هو المتوقع منذ بدايات المفاوضات”.

وأضاف أن “لدى إيران في الوقت الحالي ورقتين رئيسيتين، أولا أن تكون قوة نووية، وثانيا أن تفرض سيطرتها علىالدول المحيطة بها مثل العراق امتدادا إلى سوريا ولبنان، بالمقابل الولايات المتحدة الأميركية تطالب طهران بتقديمتنازلات، بالمقابل أن الأخيرة لا ترغب بهذه التنازلات وتلعب على عامل الوقت”.

وبين أن “أي تنازل لإيران سواء بما يتعلق بالورقة الإقليمية أو الورقة النووية هو صعب جدا على النظام السياسيالإيراني فهي لا تريد التخلي عن أي من الورقتين، بالتالي هي تعول على عامل الوقت الذي تنتظر فيه صعود الصينوروسيا لإستلام دورهما الدولي وهيمنتهما المؤثرة التي يمكن أن تكون منافسا للولايات المتحدة، لتستند عليهما فيالحصول على القوة النووية والسيطرة الإقليمية”.

وفي إطار ذلك التصور، يعتقد الهيتي أنه “ليس هناك نهاية لهذه المفاوضات ولن تنتهي إطلاقا على اعتبار أن أميركا لاترغب بأن تصبح إيران دولة نووية، كما لا ترغب باستمرار النفوذ الإيراني في المنطقة الإقليمية، بالتالي هذين العاملينمعقدين وبناء على ذلك قد لا تفضي الأمور إلى حل سلمي”.

اقرأ/ي أيضا: الاتفاق النووي الإيراني.. لماذا انتقل مقر المفاوضات من النمسا إلى قطر؟

استجابة مبدئية

وكالة الأنباء الإيرانية كانت قد نقلت في وقت سابق عن مسؤول إيراني أن طهران قدمت ردا مبدئيا على نص الاتحاد الأوروبي لإحياء الاتفاق النووي.

من ناحيتها، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الوزير أمير عبد اللهيان بحث مع المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تطورات المحادثات النووية، حيث قال الوزير “نأمل تمهيد الطريق للتوصل إلى اتفاق بتجنب المواقف غير البناءة من جانب واشنطن”.

وأضاف عبد اللهيان “فريقنا المفاوض في فيينا كان عازما على التوصل لاتفاق وقدم أفكارا لحل القضايا العالقة”، مؤكدا أن “الاتفاق النهائي يجب أن يضمن حقوق ومصالح الشعب الإيراني ورفع العقوبات بشكل فعال ودائم”.

وفي الوقت الذي عادت فيه الوفود المفاوضة إلى عواصمها من دون التوصل إلى حلول للقضايا المتبقية وإبرام الاتفاق النهائي، أكد بوريل مواصلة الجهود لتقريب وجهات النظر للوصول إلى نتيجة إيجابية وجيدة لكل الأطراف.

اقرأ/ي أيضا: ما علاقة الصين بإيقاف الاتفاق النووي مع إيران؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.