اتسمت العلاقة بين التيار الصدري والتشرينيين، أي الناشطين في الاحتجاجات الشعبية التي انفجرت في العراق في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019، بكثير من التوتر والخلاف. ومع احتدام الصراعات السياسية في العراق، حول تشكيل الحكومة العراقية، خرج آلاف من أنصار الصدر بتظاهرات، وقاموا باقتحام المنطقة الخضراء المحصّنة أمنيا وسط العاصمة بغداد، والسيطرة على مبنى البرلمان فيها، رفضا لترشيح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة العراقية. فكيف ينظر التشرينيون، الذي برزوا من رحم التظاهرات ضد النظام العراقي، إلى حراك التيار الصدري؟
زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وجه، عبر سلسلة تغريدات على موقع تويتر، دعوات طالب فيها قوى الشعب المختلفة بالانضمام لما سمّاها “الثورة على الفاسدين”، ولعل أبرز تلك الدعوات وجهت إلى قوى انتفاضة تشرين المدنية.
ويبدو أن دعوة الصدر قد زرعت بعض الخلاف بين قوى تشرين المتعددة، بين من عبّر عن رفضه للانقياد تحت راية الصدر ومشاريعه السياسية؛ وآخرين رأوا في مطالب التيار الصدري ضرورة للخروج من الأزمة السياسية في العراق.
محاولة صدرية للصلح مع التشرينيين
مصادر إعلامية أفادت لـ”الحل نت” أنه “تجري محاولات، من قبل التيار الصدري، لعقد لقاء يجمع الصدر مع الناشطين في احتجاجات تشرين”.
وتشير المصادر إلى أن “مقتدى الصدر أرسل دعوة خاصة لمجموعة من الناشطين، طالبا منهم عقد مؤتمر صحفي توضيحي مع أحد قادة التيار الصدري، والتنسيق المشترك بين الطرفين في المرحلة المقبلة”.
وبيّنت أن “الصدر أوصل، عبر وسطاء، رسالة مفادها أنه على استعداد لتقديم عناصره، الذين اعتدوا على المتظاهرين في انتفاضة تشرين، إلى المحاكم، بوصف ذلك بادرة حسين نية. وكذلك إقالة أي من قادة التيار الصدري، تثبت عليه تهم فساد أو سرقة للمال العام”.
وفي تشرين الأول/أكتوبر من عام 2019 خرج آلاف العراقيين، في تظاهرات، شهدتها بغداد والمدن العراقية المختلفة، احتجاجا على سوء إدارة الدولة، وللمطالبة بإقالة الحكومة العراقية السابقة برئاسة عادل عبد المهدي. وانبثقت عن تشرين مجموعة من القوى السياسية، لعل أبرزها حركة “امتداد” وحركة “نازل أخذ حقي”، وحزب “البيت العراقي”. ويوصف أنصار هذه القوى عادة بـ”التشرينيين”.
وقامت ميلشيا مقربة من التيار الصدري، تسمى “القبعات الزرقاء”، بالمشاركة بتظاهرات تشرين، ومحاولة السيطرة عليها، كما اعتدت على عدد من المتظاهرين، ما أوقع كثيرا من الإصابات في صفوفهم.
الخلاف في صفوف التشرينيين
مشرق الفريجي، الناشط في تظاهرات تشرين، ورئيس حركة “نازل آخذ حقي”، يقول إن “غالبية القوى المدنية، والمنبثقة عن احتجاجات تشرين، رفضت الانضمام لتظاهرات الصدر الأخيرة”.
مبينا، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “قوى تشرين لن تكون جزءا من احتجاجات وتظاهرات التيار الصدري، خصوصا وأن هناك أزمة ثقة كبيرة مع التيار. ونحن من الجهات التي لن تشارك في التظاهرات إطلاقا”.
وأضاف أن “التظاهرات، التي تشهدها العاصمة بغداد، تعبّر عن مشاريع طرف سياسي واحد. ولا نعرف ما هي مخرجات هذه التظاهرات بالأساس”.
أما حركة “امتداد”، التي شاركت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وحصلت على تسعة مقاعد، فأعلنت بوضوح تأييدها لمطالب الصدر، ومنها حل البرلمان العراقي، وإجراء الانتخابات المبكرة.
ويقول القيادي في الحركة سجاد الكعبي، في تصريح لموقع “الحل نت”، إن “حركة امتداد مع الحلول التي تؤدي لإنهاء الأزمة السياسية، التي إذا استمرت سيكون تأثيرها كبيرا على أوضاع البلاد الأمنية والاقتصادية”.
مضيفا: “نؤيد خطوة حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، أما قضية المشاركة في التظاهرات، فهذا الأمر متروك للشارع والناس، وهم من يؤيدون أو يرفضون، حسب ما يرونه مناسبا”.
تظاهرات جديدة بعيدا عن التيار الصدري
أميرة الجابر، الناشطة في تظاهرات تشرين، أكدت أنه “لا يمكن للتيار الصدري تقديم أي ضمانات لعودة الثقة مع التشرينيين، لأنها ستكون ضمانات كلامية فقط”.
وتضيف، في حديثها لموقع “الحل نت”، أن “قوى تشرين مستمرة في الحوارات والاجتماعات فيما بينها، لمناقشة التطورات السياسية. ونعتقد أن الحل للأزمة السياسية يكون بحل البرلمان كخطوة أولى”.
وبخصوص انطلاق تظاهرات جديدة لقوى تشرين تقول الجابر إنه “بعد الاجتماع الأخير، الذي انعقد في مدينة الكوت، مركز محافظة واسط جنوبي العاصمة بغداد، بين بعض قادة حراك تشرين، اتفق المجتمعون على أن تخرج تظاهرات للتشرينيين، في ساحة المنصور غربي العاصمة بغداد، لتكون بعيدة عن تظاهرات أنصار التيار الصدري، الذين نصبوا خيامهم في ساحة الاحتفالات داخل المنطقة الخضراء المحصنة، وقرب مبنى البرلمان”.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.