العراق.. واشنطن قلقة بشأن تظاهرات الصدريين و”الإطار” يؤجل تظاهراته المضادة

بعد اقتحام أنصار “التيار الصدري”، للبرلمان العراقي، ومحاولات القوات الأمنية بمنعهم باستخدام قنابل الصوت والغاز، مما أدى لوقع 125 جريح، علقت السفارة الأمريكية لدى بغداد، على الأحداث، فيما عبرت عن قلقها إزاء العنف الذي استخدم ضد المحتجين. 

السفارة وفي بيان لها، تلقاه موقع “الحل نت”، قالت إن “نحن نراقب عن كثب الاضطرابات التي حصلت اليوم في بغداد ونشعر بالقلق حول التقارير التي تتحدث عن العنف”، مبينة أن “الحق في التظاهر السلمي وحرية التعبير مكفولان في الدستور العراقي”.

وأضافت: “نضم صوتنا إلى دعوة الأطراف السياسية العراقية من مختلف الأطياف إلى الالتزام بضبط النفس والابتعاد عن العنف وحل خلافاتهم السياسية من خلال عملية سلمية وفقا للدستور العراقي”.

بالمقابل، أعلن “الإطار التنسيقي”، اليوم السبت، تأجيل التظاهرات المضادة، التي دعا لها في وقت سابق ردا على تظاهرات زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر.

وصدر بيان عن ما يسمى بـ”اللجنة التحضيرية لتظاهرات الدفاع عن الشرعية الدستورية”، وتلقى “الحل نت”، نسخة منه، بأنه “بناء على بيانات الأخوة قادة الإطار التنسيقي وتدخل شيوخ العشائر الكريمة ورجال الدين الأفاضل تقرر تأجيل موعد التظاهرات المدافعة عن الدولة ومؤسساتها إلى إشعار آخر وإعطاء وقت للحوار والحلول الإيجابية السياسية لضمان وحدة الصف وتجنبًا للفتنة وتفويت الفرصة على مدعيها”.

وفي وقت سابق من اليوم السبت، دعا الإطار التنسيقي عبر بيان إلى “التظاهر دفاعًا عن الدولة وشرعيتها ومؤسساتها وفي مقدمتها السلطة القضائية والتشريعية والوقوف بوجه التجاوز الخطير والخروج عن القانون والأعراف والشريعة”، وذلك في رد على تظاهرات أنصار الصدر في المنطقة الخضراء.

اقرأ/ي أيضا: العراق يغلي.. أنصار الصدر يقتحمون البرلمان والقوات الأمنية تستخدم قنابل الغاز

موقف رئيس الجمهورية

من جهته، علق رئيس الجمهورية برهم صالح، على تظاهرات أنصار زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، التي شهدت اقتحاما للمنطق الخضراء، داعيا إلى، عقد حوار يبحث في جذور الأزمة.

وقال صالح في بيان، إن “الظرف الدقيق الذي يمر ببلدنا اليوم يستدعي من الجميع التزام التهدئة وتغليب لغة العقل والحوار وتقديم المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار، وحماية الوطن بسواعد كل أبنائه ليظل قويًا ومنيعًا وعصيًا لا تفرقهم خلافات داخلية”.

وأضاف أنه “لتدارك الأزمة الراهنة والحؤول دون أي تصعيد، نؤكد الحاجة المُلحّة لعقد حوار وطني صادق وحريص على مصلحة الوطن والمواطنين، هادف لضمان حماية أمن واستقرار البلد وطمأنة العراقيين، وترسيخ السلم الأهلي والاجتماعي وتحصين البلد أمام المتربصين لاستغلال الثغرات وإقحام العراقيين بصراعات جانبية”.

وأشار إلى أن “الحوار المطلوب بين الفرقاء السياسيين يجب أن يبحث في جذور الأزمة التي شهدتها البلاد في الفترة الماضية، وإيجاد الحلول المطلوبة لتجاوزها والوصول بالبلد إلى بر الأمان والاستقرار، فالأوضاع العامة في البلد ومطالب شعبنا الصابر تضعنا جميعًا على المحك، وتستدعي عملًا جادًا نحو تصحيح المسارات ورفع الحيف والظلم ومحاربة الفساد، وترسيخ الدولة المقتدرة الحامية والخادمة لكل العراقيين، ولا خيار أمامنا سوى تحقيق ذلك”.

وأشار إلى أن “العراق ينتظر منا الكثير، والعراقيون يستحقون الأفضل في العيش الكريم الحر ويتطلعون بنفاد صبر لتجاوز الإخفاقات، وضحى خيرة رجاله وشبابه من أجل رفعة الوطن وكرامة أبنائه”.

من جانبه، أعلن رئيس تحالف “النصر” حيدر العبادي، اليوم السبت، استعداده لتبني مبادرة لحل الأزمة بين زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر و”الإطار التنسيقي”.

وقال العبادي في بيان له: “من منطلق المسؤولية الشرعية والوطنية، ندعو القادة إلى الحوار والاتفاق، على أن يكون العراق وأمنه ومصالح أبنائه هو الكلمة السواء التي يجب أن نتفانى في سبيلها، إنقاذًا من الفتن والمنزلقات”.

اقرأ/ي أيضا: بعد اقتحام البرلمان.. أنصار الصدر يتوجهون لمجلس القضاء ويعلنون اعتصاما مفتوح

تغليب المصلحة الوطنية

العبادي أضاف، “أملي من الإخوة والكتل جميعا، اعتماد لغة الحوار وتغليب المصلحة الوطنية على الخلافات كافة التي قد تعصف بأمن واستقرار البلاد، ومن هذا المنطلق نعلن استعدادنا لتقريب وجهات النظر بين الإخوة للخروج من عنق الأزمة، وإبعاد الوطن والمواطنين عن أي فتنة لا سمح الله”.

بالمقابل، دعا زعيم “تيار الحكمة” عمار الحكيم، اليوم السبت، إلى حوار مباشر بين “التيار الصدري” و”الإطار التنسيقي”، وتغليب لغة العقل والحوار للوصول إلى الحلول المناسبة والناجعة ﻹنقاذ البلد. 

وأيضا، دعا زعيم تحالف “الفتح” هادي العامري، اليوم السبت، إلى التهدئة بين “التيار الصدري” و”الإطار التنسيقي” وإطلاق حلول سلمية للتفاهم والتناول من أجل حل ما وصفها في بيانه “المعضلة السياسية”.

وكان أنصار الصدر قد اقتحموا صباح اليوم السبت، المنطقة الخضراء، معقل الحكومة المحصنة أمنيا، إضافة إلى مبنى البرلمان، وذلك بعد الأربعاء الماضي اقتحامه في خطوة مماثلة، ليتوجهوا فيما بعد للاحتجاج أمام منى مجلس القضاء الأعلى.

اقتحام واستخدام للقنابل الغاز

أنصار الزعيم الشيعي الصدر، وبحسب مراسل موقع “الحل نت”، في بغداد، كانوا قد احتشدوا منذ مساء أمس الجمعة، في ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد، لينطلقوا صباح اليوم في تظاهرات حاشدة صوب المنطقة الخضراء، عبر جسري الجمهورية والسنك المؤديان إليها، احتجاجا على جلسة محتملة للبرلمان.

وتمكن المحتجون منذ ساعات الصباح الأولى من تجاوز الحواجز الأمنية، التي كانت قد اقتطعت بها القوات الأمنية الجسور الحيوية بين جانبي العاصمة، الكرخ والرصافة، والمؤدية لمعقل الحكومة وتجمع البعثات الدبلوماسية، ليتمكنوا من عبور الكتل الخرسانية التي أقيمت على ثلاث مراحل مرددين عبارات منددة بالفساد، ومعبرة عن رفضهم لمرشح “الإطار”، محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة.

بعد ذلك، وصل المحتجون من أنصار الصدر إلى مداخل المنطقة الخضراء، لتصطدم محاولاتهم باقتحام المنطقة بالقوات الأمنية التي حاولت منعهم من الدخول باستخدام القنابل المسيلة للدموع والصوتية، ما تسبب بوقع عشرات الإصابات، بينها أكثر من 6 إصابات خطرة.

كما نقل مراسل “الحل” عن شهود عيان، استخدام الرصاص الحي من قبل عناصر مجهولة الهوية ترتدي زيا أسودا، كانت تعتلي البنايات على مدخل المنطقة.

وتسببت الصدامات بوقع 125 إصابة، بحسب بيان رسمي لوزارة الصحة العراقية، تلقاه موقع “الحل نت”، أشار إلى استنفار كافة المؤسسات والملاكات الصحية، لإسعاف وعلاج الجرحى وتقديم كافة الإجراءات الصحية اللازمة.

فيما بعد، تمكن المحتجون من دخول المنطقة الخضراء والتوجه نحو مجلس النواب واقتحامه، احتجاجا على جلسة محتملة للبرلمان لانتخاب رئيسا جديدا للبلاد.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. “الإطار” يدعو لتظاهرات مضادة و“يونامي” تحذر من التصعيد

موقف الحكومة

وفي سياق ذلك، دعا القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، المتظاهرين إلى التزام السلمية وعدم التصعيد.

وقال في بيان صدر عن مكتبه، تلقى “الحل نت”، نسخة منه، إن الكاظمي، وجه “القوات الأمنية بحماية المتظاهرين، داعيا “المتظاهرين إلى التزام السلمية في حراكهم، وعدم التصعيد، والالتزام بتوجيهات القوات الأمنية التي هدفها حمايتهم، وحماية المؤسسات الرسمية”.

الكاظمي أكد أيضا، أن “استمرار التصعيد السياسي يزيد من التوتر في الشارع بما لا يخدم المصالح العامة”، مشددا على أن “القوات الأمنية يقع عليها واجب حماية المؤسسات الرسمية، فضلا عن ضرورة اتخاذ كل الإجراءات القانونية لحفظ النظام”.

من جهته، حمّل المقرب من الصدر، صالح محمد العراقي، والمعروف بـ “وزير الصدر”، الكتل السياسية مسؤولية أي اعتداء على المتظاهرين.

وقال وزير الصدر، في تدوينة تبعها “الحل نت”، إنه “نحمّل الكتل السياسية أي اعتداء على المتظاهرين السلميين، فالقوات الأمنية مع الإصلاح والإصلاح معها”، مردفا: “سرقتم أموال العراق فكفاكم تعدي على الدماء الطاهرة”.

من جانبه، علق المسؤول العام لـ”سرايا السلام” الميليشيا التابعة لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، على الأحداث التي رافقت تظاهرات أنصار الصدر في المنطقة الخضراء.

وقال تحسين الحميداوي، في تدوينة تابعها “الحل نت”، إن “الجماهير أقوى من الطغاة مهما تفرعنوا”، مضيفا “دماء الشعب طاهرة وعزة”، مختتما تدوينته بوسم: “#كفاكم_سفكا_للدماء”.

اقرأ/ي أيضا: الصراع السياسي في العراق.. هل ينتهي باقتحام أنصار الصدر للبرلمان؟

سبب الاحتجاج

يأتي ذلك في ظل رفض زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، لمحاولات غرمائه الشيعة في “الإطار” المضي في تشكيل حكومة جديدة، وهذا ما عبر عنه جمهور التيار في اقتحام المنطقة الخضراء معقل الحكومة العراقية، الأربعاء الماضي، ودخولهم مجلس النواب احتجاجا على إعلان “الإطار” ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، فضلا عن تلميح الصدر لموجة تظاهرات جديدة في قادم الأيام.

رفض التيار الصدري، جاء في إطار الرد على إقصائهم من عملية تشكيل الحكومة، بعد فوزهم في أكبر عدد من مقاعد البرلمان العراقي بـ73 مقعدا، في الانتخابات المبكرة التي أجريت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2021، وتشكيلهم أكبر تحالفا نيابيا بـ180 مقعدا، مع تحالف “السيادة”، والحزب “الديمقراطي الكردستاني”.

التحالف الثلاثي، الذي سمي بـ”إنقاذ وطن”، بقيادة الصدر، فشل في المضي بمشروع تشكيل حكومة “أغلبية وطنية”، لعدم تمكنهم من حشد العدد النيابي المطلوب دستوريا لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في ثلاث مرات، بسبب تشكيل تحالف “الإطار” لما سمي بـ”الثلث المعطل”.

والثلث المعطل، هو حشد 110 مقعدا نيابيا، من أصل 329، ما يمنع جمع الحضور القانوني 220 نائبا للمضي في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، الذي تكمن أهميته في تكليف مرشح الكتلة الأكبر في تشكيل الحكومة.

سبب ذلك كان لعدم توصل القوى السياسية لتفاهمات مشتركة، وبسبب تمسك “إنقاذ وطن” بمشروع “الأغلبية” الذي تستثني مشاركة بعض أطراف “الإطار”، وهذا ما لم يقتنع “الإطار” به الذي ظل يدعوا لحكومة “توافقية”، يشترك الجميع فيها.

استمر الصراع أكثر من 7 شهور على الانتخابات المبكرة، وبقي الانسداد السياسي حاضرا طول تلك المدة، وهذا ما أدى إلى تعقيد المشهد أكثر.

نتيجة ذلك، انسحب الصدر من العملية السياسية، ووجه أعضاء كتلته في تقديم استقالتهم من البرلمان العراقي في الثاني عشر من حزيران/يونيو الماضي، لينفرط تحالف “إنقاذ وطن”، وتستبشر بعدها قوى الإطار التي اعتقدت حينها إن انسحاب الصدر، سيسهل من عملية تشكيل الحكومة.

https://twitter.com/theomarhabeeb/status/1553360270466113540?s=21&t=QKHdLc6asIeuqkrlyQxzEw

اقرأ/ي أيضا: العراق.. ما مستقبل شياع السوداني بعد “فيتو” الصدر؟

استمرار العقد السياسية

لكن الإطار ظل يراوح مكانه، حتى أن توصل إلى تفاهمات داخلية أفضت إلى ترشيح رئيس تيار “الفراتين”، وعضو مجلس النواب، محمد شياع السوداني، إلى رئاسة الحكومة يوم الاثنين الماضي.

وعلى الرغم من التوصل إلى مرشح لرئاسة الحكومة، إلا أن الصراع داخل البيت الكردي ما زال مستمرا حول منصب رئيس الجمهورية، الذي يشغلونه منذ العام 2005 ضمن عرف سياسي يمنحهم المنصب، مقابل رئاسة الحكومة للشيعة ورئاسة البرلمان للسنة.

الصراع داخل البيت الكردي، سببه تمسك “الديمقراطي”، أكبر كتلة كردية بـ 31 مقعدا، بأحقية المنصب، مقابل محاولات حزب “الاتحاد الوطني”، بـ 17 مقعدا الحفاظ على المنصب الذي يشغلونه منذ 3 ولايات رئاسية.

هيمنة “الاتحاد الوطني – اليكتي”، على رئاسة العراق طيلة تلك المدة، هو نتيجة اتفاق سياسي حصل ما بين زعيم “الديمقراطي – البارتي” مسعود بارزاني، وزعيم غريمه الراحل جلال الطالباني، يمنح رئاسة إقليم كردستان للبارتي، مقابل ذلك.

لكن هذه المرة، يسعى البارتي إلى فك مبدأ التوازن مع اليكتي، والعمل بموجب الأحقية الانتخابية، وهذا ما لم يقتنع به اليكتي، ليبقى التدافع حول المنصب منذ انتهاء الانتخابات.

لكن البارتي يراهن على اصطفافه مع الإطار، صاحب 83 مقعدا نيابيا، ودوره في ترجيح كفة الإطار على التيار الصدري في موضوع تشكيل “الثلث المعطل”، لإعادة سيناريو 2018.

يذكر أن سيناريو 2018، شهد أيضا صراع ما بين الحزبين الكرديين حول المنصب، استمر حتى لحظة الذهاب إلى قبة البرلمان دون الاتفاق على مرشح للمنصب، ليدخل الحزبين الجلسة بمرشحين، فاز على إثرها مرشح البارتي برهم صالح الرئيس الحالي للعراق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.