يبدو أنه موسم التسريبات وكشف الخفايا السياسية في العراق، فبعد تسريبات المالكي الصوتية وتسريب وزير الصناعة السابق، ها هي الكواليس السياسية لدى المكون السني مهدّدة بكشفها في أي وقت.

محافظ صلاح الدين السابق، عمار الجبر، طالب في تغريدة له عبر “تويتر”، بالحماية الدولية له ولأفراد عائلته؛ لأنه سيكشف كثيرا من الملفات السياسية التي ستقلب الأوضاع رأسا على هقب، بحسب تعبيره.

وقال الجبر: “سأتكلم بالأسماء الصريحة والأرقام، ولن استثني أحدا، وإذا فقدت حياتي؛ فالعراق و شعبه المظلوم أغلى منها”، مردفت: “هذا الفيديو لبراءتي من أبو مازن أمامكم”.

مشعان الجبوري على الخط

الجبر أرفق في تغريدته مقطع فيديو، صور في عام 2020، يظهر انسحابه من “حزب الجماهير” الذي يرأسه النائب أحمد الجبوري “ابو مازن”.

تغريدة الجبر تأتي بعد تداول صورة له تظهره وهو يمسك بكتاب القرآن، عقب ساعات من فيديو مسرب لوزير الصناعة السابق، صالح الجبوري، يظهره وهو يقسم على القرآن برهن الوزارة للنائب أحمد الجبوري.

وقال مغردون، إن الصورة التي ظهر بها عمار الجبر، وهو يمسك بالقرآن مشابهة لفيديو وزير الصناعة السابق، وفسّروها بأنه رهن محافظة صلاح الدين لصالح “أبو مازن” مقابل حصوله على منصب المحافظ، بحسبهم.

في الأثناء، علق النائب السابق مشعان الجبوري، الأحد، في تغريدة له على تغريدة الجبر، وقال إنه إذا نفذ وعده وكشف ما لديه، سيتخذ هو الآخر قرارا مماثلا ويكشف ما لديه.

أول أمس، ظهر وزير الصناعة السابق، صالح الجبوري، بمقطع فيديو مسرّب، تداوله رواد مواقع “التواصل الاجتماعي” بكثافة، وهو يؤدي القسم على القرآن، ولاءً لرئيس “حزب الجماهير”، النائب أحمد الجبوري “أبو مازن”، ويتعهد بتنفيذ تعليماته.

الجبوري أقسم في الفيديو الذي نشره المدون العراقي علي فاضل، بعدم مخالفة توجيهات “أبو مازن”، فضلا عن تحمله لكافة التبعات التي قد تحدث في حال نكثه لليمين.

علي فاضل، الذي سبق له وأن نشر تسريبات صوتية لرئيس الحكومة العراقية الأسبق، نوري المالكي، قال إن صالح الجبوري كان قد أدى القسم قبل يوم واحد من استلامه المنصب.

الوزير السابق، كان قد شغل منصب وزير الصناعة في حكومة عادل عبد المهدي السابقة لمدة عامين، منذ 2018 وحتى عام 2020، عندما استقالت الحكومة تحت ضغط “انتفاضة تشرين”، التي خرجت ضد الفساد السياسي والمالي في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 واستمرت لمدة 6 أشهر.

تحرك قضائي

مغردون عراقيون علّقوا على الفيديو المتداول، بقولهم، إنه يكشف حقيقة كيفية تكليف الشخصيات بالمناصب العليا في العراق، دون الرجوع لخلفياتهم العلمية وخبراتهم العملية، وكيف تحولت الوزارات إلى دكاكين تتاجر بها الأحزاب وتكسب منها الأموال.

في السياق، أعلن القضاء العراقي في بيان له، اليوم الأحد، اتخاذ إجراءات قانونية بحق صالح الجبوري، للتحقيق معه عما ورد بالتسجيل الذي يظهر فيه وهو يؤدي اليمين للعمل لمصلحة جهة سياسية”، دون تفاصيل أخرى.

ويتذيّل العراق مؤشر الفساد في غالبية الدراسات والتقارير الدولية، فقد حصل على 18 نقطة من أصل 100 في تقرير عالمي رصد 180 اقتصادا حول العالم بوقت سابق.

كما وضعَ مؤشر الفساد العالمي لعام 2019 الصادر عن “منظمة الشفافية الدولية”، العراق في ذيل التصنيف الدولي، بوصفه واحدا من أكثر الدول فسادا في العالم.

إذ حل وقتها العراق بالمركز 162 من مجموع 180 دولة، في وقت تعجز الحكومات العراقية المتعاقبة منذ العام 2003 على إيقاف انتشار الفساد بمفاصل الدولة العراقية.

تسريب وزير الصناعة السابق، هو الثاني من نوعه الذي يسربه المدون العراقي علي فاضل، بعد أقل من شهر لنشره تسريبات المالكي الصوتية، بالضبط في الربع الأخير من تموز/ يوليو الماضي.

امتد تسريب المالكي إلى 48 دقيقة، كان قد نشر منه فاضل 6 أجزاء بين دقيقتين و3 دقائق سابقا، واعدا باستكمال نشره على شكل دفعات بهدف إدامة الزخم حول الموضوع، كي لا يتم نسيانه بسرعة مع الأيام في حال نشره على دفعة واحدة، قبل أن يقوم بنشره كاملا وبشكل مفاجئ.

التسريب الذي كشف عن اجتماع للمالكي مع قادة لميليشيا تسمى بـ “أئمة البقيع”، المسيطرة على مواقع حيوية بمحافظة ديالى شرقي العراق، سلط الضوء على حجم الكراهية والطائفية التي يفكر بها المالكي تجاه بقية المكونات والأطراف السياسية في البلاد، فضلا عن حجم الفساد داخل هيئة “الحشد الشعبي”.

قطيعة شخصية

خلال التسريب الذي كان يتحدث فيه المالكي، قال إنه “ينوي لتسليح من 10-15 جماعة مسلحة استعدادا لمرحلة اقتتال طاحن في العراق”، كما وصفه.

حضور قادة ميليشيا “أئمة البقيع” للاجتناع مع المالكي، كان هدفه استحصال الدعم المالي والغطاء القانوني من زعيم “ائتلاف دولة القانون” لـ 20 ألف مقاتل يعمل تحت إمرتهم في “أئمة البقيع”.

وعرض عليهم المالكي، أن يربطهم بـ “الحرس الثوري” الإيراني، وذلك في محاولة لتوفير الدعم لهم من إيران التي تدعم ميليشيات مسلحة أخرى، مثل “كتائب سيد الشهداء، كتائب حزب الله، عصائب أهل الحق، ومنظمة بدر”.

التسريب تخلله تجاوزات واساءات كبيرة من قبل المالكي تجاه زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، والمرجعيات الدينية، فهي تصمت عما يحاول فعله الصدر بابتلاع الحكومة العراقية ومن ثم تسليمها إلى السنة والكرد، ضمن مشروع إسرائيلي-بريطاني، وبمحاولة لإبادة شيعة العراق، وفق المالكي.

ووصف المالكي، خصمه الصدر بـ “الجاهل والجبان”، واتهمه بالعمالة لصالح إسرائيل، الأمر الذي آثار ردود فعل صدرية غاضبة، فيما دعا الصدر نده إلى اعتزال العمل السياسي وتسليم نفسه للقضاء.

وينحدر الصدر والمالكي من خلفيات سياسية إسلامية، إذ يتزعم الأول تيارا شعبيا شيعيا ورثه عن والده المرجع الديني محمد صادق الصدر، فيما يترأس الثاني “حزب الدعوة”، أقدم الأحزاب الشيعية العراقية.

وتنافس الصدر مع المالكي مرارا على تزعم المشهد السياسي الشيعي. إذ يمثل الأول الخزان التصويتي الأكبر على مستوى البلاد في أي عملية انتخابية، بينما يمثل الثاني، الأحزاب السياسية الشيعية التي صعدت بعد إطاحة نظام صدام حسين في ربيع 2003 إلى المشهد.

منذ عام 2008 توجد قطيعة سياسية وشخصية بين الصدر والمالكي عندما شن الثاني حربا على ميليشيا “جيش المهدي” التابعة للصدر، لإنهاء انتشارها المسلح في الوسط والجنوب العراقي آنذاك، قبل أن يفتح المجال لتأسيس ميليشيات مسلّحة موالية لإيران.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة