عدد من العقبات يواجهها القطاع الطبي في سوريا بين الحين والآخر، سواء تلك التي تتمثل في نقص المستلزمات الطبية والأدوية، وصولا إلى غياب الدعم الحكومي لهذا القطاع، ولعل من أكثرها تضررا الأطباء والممرضين، فبعد هجرة أعداد كبيرة منهم،  بقي العبء الأكبر على القلة المتبقية والذين باتوا يعملون لساعات طويلة لاحتواء عدد المرضى الوافدين إلى المستشفيات، فضلا عن تدني مستوى رواتبهم والتي لا تتناسب مع الواقع المعيشي إطلاقا.

غياب الأطباء في المشفى

صحيفة “تشرين” المحلية، نشرت اليوم الإثنين، تقريرا يفيد بأن “مستشفى اللواء قيس حبيب الوطني” في منطقة السلمية بريف حماة يغطي الخدمات الصحية والعلاجية لمساحة تقدر بحوالي 56 بالمئة من مساحة محافظة حماة جغرافيا، لكنه أظهر في الفترة الأخيرة عجزا غير مسبوق في تلبية متطلبات العلاج والاستشفاء للمرضى الفقراء ومحدودي الدخل.

من جانبهم، أفاد عدد من مراجعي المستشفى أن المسافة التي قطعوها للوصول إلى المستشفى من البادية تقدر بأكثر من 90 كيلومترا، ولا يوجد طبيب أو دواء للكثير من الحالات الصعبة.

واشتكى عدد من أهالي مدينة سلمية للصحيفة المحلية، من عدم وجود أطباء متخصصين في المستشفى، وندرة الأدوية وإن توفرت فهي لفترة محدودة، إلى جانب وجود نقص في التحاليل المخبرية، بحجة عدم توفر مواد لإجراء التحاليل، وفي قسم العظمية لا يوجد جبس طبي للجبائر في المشفى ولا قساطر وريدية، على حد قولهم.

قد يهمك: انقطاع مستلزمات غسيل الكلى في المستشفيات بسوريا

قلة الرواتب السبب؟

في المقابل، قال بعض الأطباء داخل وخارج المشفى الوطني بحماة إنهم لا يريدون العمل في المستشفى لعدة أسباب أهمها قلة الراتب، واستبعادهم من الدعم الحكومي، ونقص الأدوية، وقلة الأطباء المقيمين، والضغط الكبير في عدد المراجعين يوميا، بحسب ما أوردته الصحيفة المحلية.

بدوره، اعترف مدير المشفى الدكتور أسامة ملحم أن عدد الأطباء في المشفى في تراجع وأصبحت بعض الاختصاصات مفقودة ومنها القلبية بشقيها الجراحية والداخلية والجراحة الصدرية والهضمية والبولية والجراحة البولية والكلية والغدد والأورام ويصل عددها إلى 10 تخصصات.

وأضاف ملحم أنه يوجد في المشفى حاليا طبيب داخلية واحد فقط وآخر جراحة وطبيب اختصاص أنف وأذن وحنجرة وطبيب سنية وطبيب طوارئ، وطبيبا أشعة، واثنان عظمية و3 أطباء نسائية، و3 أطباء تخدير وعينية، و3 أطباء مخبر، و5 أطباء أطفال، يضاف إليهم 38 طبيبا مقيما من الجنسين، مشيرا إلى أن الحاجة الفعلية لأطباء الداخلية 10 بالحد الأدنى ولباقي الاختصاصات المفقودة اثنان على الأقل.

وكما وبيّن ملحم أن هناك “نقصا كبيرا” في بعض المستلزمات العلاجية كالجبس الطبي والقساطر الوريدية والمواد المخبرية، على حد تعبيره للصحيفة المحلية.

من جانبه، أضاف المدير الإداري للمشفى غياث فهد، أن مشكلة نقص الأطباء التي تتزايد تتمثل بكون أغلبهم يعمل بعقود سنوية ولابدّ من إصدار قانون تفرغ الأطباء الذي ينهي مشكلة القطاع العام الصحي، لأن الطبيب يفضل العمل الخاص على العام نتيجة الراتب الضعيف وساعات العمل الطويلة، وفق قوله.

تضييق حكومي؟

تقارير إعلامية تحدثت عن معاناة الكوادر الطبية، لا سيما العاملين في قطاع المشافي الحكومية، ففضلا عن ضعف الرواتب، حيث يعاني الأطباء من ضغط كبير في العمل والمناوبات، والتي تصل في بعض المشافي إلى أربع أو خمس مرات أسبوعيا، ما يعني أن الطبيب محروم من ممارسة أي عمل آخر.

عشرات الأطباء المقيمين في المشافي، اشتكوا إلزامهم من قبل إدارات المشافي، بالعمل لأيام متواصلة، وسط ظروف سيئة تعيشها الكوادر الطبية في المشافي، فضلا عن قلة الدخل والرواتب.

الطبيب السوري، عمرو الخطيب، أكد إن الأطباء المقيمين في المشافي بدمشق، يعيشون ظروفا قاسية خلال إقامتهم في المشافي لأيام متتالية، وذلك في ظل غياب المستلزمات الأساسية للطبيب المقيم، وأبرزها مكان الإقامة والنوم.

وقال الخطيب خلال لقاء سابق عبر إذاعة “المدينة إف إم”، مؤخرا، إن عمل الطبيب يتطلب منه الإقامة في المشفى لأيام متتالية قد تصل إلى 6 أيام، إلا أن المشافي لا تؤمن مكان إقامة جيد للطبيب.

وأضاف الخطيب، خلال اللقاء الذي جاء في برنامج “المختار“: “نضطر أحيانا للذهاب إلى منزلنا من أجل النوم فقط، وأحيانا نضطر للنوم في غرفة الأطباء داخل المشفى، إلا أن معظم الأسرّة في هذه الغرفة تملؤها الحشرات، وغير صالحة للنوم“.

انقطاع مستلزمات غسيل الكلى

من حين لآخر، يتكرر انقطاع بعض مستلزمات غسيل الكلى، لمرضى محافظة درعا، ما يفرض عليهم أعباء مالية كبيرة لا يمكنهم الاستمرار في تحمّلها في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها عموم البلاد.

والنواقص اللازمة الآن، بحسب ما أفاد به بعض المرضى وذويهم، لصحيفة “تشرين” المحلية، مؤخرا، هي (الأنبوب والفلتر والخرطوشة)، مما يضطرهم لشرائها من السوق بقيمة تتراوح ما بين 70 و 75 ألف ليرة سورية، وهو مبلغ كبير خاصة، وأن المريض يحتاج شهريا إلى 8 جلسات دورية باستثناء الرعاية الطارئة عند الحاجة، مما يعني أن المريض يحتاج لشراء هذه النواقص حتى تتم جلسة غسيل الكلى إلى حوالي 600 ألف ليرة في الشهر الواحد، وهو مبلغ لا يستطيع معظم المرضى تحمّله.

بدورهم، طالب المرضى، الجهات المعنية في الحكومة السورية بضرورة حل هذه المشكلة في أسرع وقت ممكن، وتأمين كافة متطلبات جلسات غسيل الكلى التي لا يمكن الاستغناء عنها أو تأجيلها، مشيرين إلى أنه لا يوجد مبرر مقنع لانقطاعها لأنها متوفرة في السوق.

تاليا، تُعد هجرة الأطباء بمختلف اختصاصاتهم من الملفات المهمة التي تحتاج إلى حلول بعد تزايدها خلال الآونة الأخيرة، والمؤسف أن نزيف الهجرة لم يتوقف حتى الآن، بل تضاعف، ولم تعد هجرة الأطباء مقتصرة نحو الدول العربية، ولا على كبار الأطباء، بل بدأت الهجرة إلى بلدان أوروبية في ظل العديد من الإغراءات العلمية والمادية.

قد يهمك: لا تعليم مجاني في سوريا.. ما حقيقة ذلك؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.