خلال الفترة الماضية وقعت جريمة قتل الطفلة، جوى استانبولي في محافظة حمص السورية، والتي هزت المجتمع السوري والعربي إلى حد ما، وبعد إلقاء القبض على القاتل، تبيّن أنه اعتدى جنسيا على الطفلة جوى، ومن ثم قتلها ووضعهما في أكياس قمامة، وألقى بها ليلا في حاوية قمامة في نفس الحي، وتبلغ الطفلة من العمر 4 سنوات فقط. وضمن هذا الإطار، كشف قاضي محكمة بداية الجزاء في العاصمة السورية دمشق، أن قضايا الاعتداء الجنسي على مختلف الدرجات التي تعرض على محاكم دمشق، تصل من 7 إلى 8 حالات شهريا، وأن الطفلة جوى، ليست الوحيدة بل إن حالات الاعتداء الأخرى غائبة عن الإعلام.

أرقام صادمة

أثناء اللقاء مع إذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، كشف قاضي محكمة بداية الجزاء في دمشق، طارق الكردي، أن دعاوى الاعتداء الجنسي بمختلف درجاته التي ترد إلى محاكم دمشق، تصل من 7 إلى 8 حالات شهريا.

وصرح الكردي، في حديثه للإذاعة المحلية، يوم أمس الثلاثاء، أن “نسبة الاعتداء الجنسي ترتفع في فترات وتقل في أخرى”. موضحا أنه، “إذا كانت الحالة لطفل تحت 12 سنة، تذهب لقاضي التحقيق في حال وجود إيذاء أو عنف، أما إذا كانت فوق 12 سنة، مع رضا وقبول فتذهب إلى بداية الجزاء”.

وأردف، أن “أغلب دعاوى الاعتداء هي لفئة الأطفال، وتشكل نسبتهم 75 في المئة، من مجمل القضايا، بينما أقل الأعمار كانت لطفل عمره أربع سنوات”. مشيرا إلى أن “غالبية حالات الاعتداء التي تقع على أطفال تحت سن العشر سنوات، تؤدي إلى الوفاة”.

وأوضح القاضي خلال برنامج الإذاعة المحلية “حوار على النار”، أن “المحاكم تتعامل مع العديد من القصص المشابهة لقصة الطفلة جوى، ذات الثلاث سنوات، التي تعرضت للاعتداء والقتل، لكن تلك القصص لا تطرح على وسائل الإعلام كما حدث مع جوى”. معتبرا أن “الأصل هو عدم طرحها على الإعلام قبل صدور قرار قضائي بإدانة الفاعل”.

قد يهمك: لا تعليم مجاني في سوريا.. ما حقيقة ذلك؟

تفاصيل جريمة قتل الطفلة جوى

منتصف الشهر الجاري، أي قبل أيام معدودة، عثرت الأجهزة الأمنية السورية على جثة الطفلة، جوى استانبولي، البالغة من العمر أربع سنوات، مشوهة ومرمية في مكب نفايات، الأمر الذي هز المجتمع السوري وعموم مجتمعات المنطقة، وذلك بعد نحو أسبوع من اختطافها من أمام منزلها في حي المهاجرين في حمص.

وبحسب بيان وزارة الداخلية السورية حينئذٍ، فإن والدة الطفلة تعرفت إليها من خلال ملابسها، مشيرة إلى أن سبب وفاة الطفلة، هو النزيف الحاد الناجم عن ضربة بآلة حادة على رأسها.

لكن، وبعدما أعلنت وزارة الداخلية السورية، إلقاء القبض على المدعو “مدين الأحمد”، الذي بدوره “اعترف بإقدامه على استدراج الطفلة إلى منزله بتاريخ الـ 8 من آب/أغسطس، لكونه من الجيران، والاعتداء عليها جنسيا، ومن ثم قتلها ووضعها بأكياس قمامة ورميها ليلا في حاوية القمامة بنفس الحي”، وهذا ما ناقض مع التقرير الطبي الأول الذي أفاد بأن سبب موت الطفلة جوى هو “نزيف حاد” ناجم عن ضربة على الرأس.

والأحد الفائت، أكد مدير الهيئة العامة للطب الشرعي، الدكتور زاهر حجو، وجود آثار اعتداء جنسي ونقص أكسجة يوافق تتالي الأحداث التي رواها القاتل “مدين الأحمد”، وذلك بعد أن تم إخراج جثة الطفلة جوى من القبر لفحصها، والتأكد من أقوال القاتل.

وأوضح حجو، في تصريح لموقع “أثر برس” المحلي “،”في البداية كان التقرير يتحدث عن غياب، ولم يستطع تأكيد أو نفي وجود اعتداء جنسي، بالإضافة إلى سبب الوفاة، هاتان النقطتان كانتا الخلاف”.

وتابع في حديثه: “عندما تم إخطارنا بالحادث وتقديم اللجنة الطبية تقريرا لنا، كهيئة عامة للطب الشرعي كان تصريحنا بعدم تأكيد أو نفي وجود اعتداء جنسي، بناء على تقرير اللجنة الأولية التي لم تستطع تأكيد وجود اعتداء جنسي، والسبب عدم قيامها بالتشريح، لو تم تشريح لكان اختلف الوضع”.

ولفت إلى أن “هناك عدة نقاط كان بها تقصير من لجنة الفحص الأولية، لكن الهيئة العامة للطب الشرعي، استدركت الموضوع من جديد، مبنيا أنه ورئيس فرع الأمن الجنائي في حمص كانا متأكدين من وجود اعتداء جنسي من اللحظة الأولى لرؤيتهما للصور، حيث كان هنالك علامات واضحة على حدوث اعتداء جنسي”، على حد تعبيره.

وأردف، أن “سبب الوفاة لم يكن دقيقا أبدا لأن الكسر على الجمجمة هو كسر متمادٍ، وعندما تأكدنا وفحصنا اليوم العلامات الموجودة حول الكسر تبين أنها غير حياتية مماتية”.

وأكد في حديثه للموقع المحلي: “من خلال الصور وصلْنا لمعلومات واستنتاجات، وتواصلنا مع فرع الأمن الجنائي، وتبادلنا المعلومات والأفكار حول الجريمة، لم يكن بإمكاننا التصريح بأي معلومات احتراما لسرية التحقيق، رغم توصلنا لاستنتاجات وقناعات بأكثر من 90 في المئة، تتوافق مع اعترافات المتهم”.

وأوضح حجو، أنه “تم تشكيل لجنة ثلاثية، وفحصنا وتأكدنا من استنتاجاتنا، والشيء المفاجئ لنا، هو أن سبب الوفاة بالإضافة إلى نقص الأكسجة الناجم عن الخنق والضغط على الرقبة وأعلى الصدر، كان هناك صدمة ألمية، ونزف ناجم عن الاعتداء الجنسي على الطفلة”.

وأضاف، “قمنا بفحص دقيق ومركز بعد استخراجها من القبر ووصلنا إلى استنتاجات حول سبب الوفاة، وزمن الوفاة وعن وجود اعتداء جنسي، وتأكدنا من الموضوع، وتوصلنا لقناعة مطلقة بتتالي الأحداث وتوافقها لاعترافات المتهم”.

ولفت حجو، أخيرا إلى استقالة رئيس مركز الطبابة الشرعية بحمص الدكتور جورج صليبي، على خلفية الأخطاء في تقرير الطبابة الشرعية في حادثة مقتل الطفلة جوى، وفق التقرير المحلي، يوم الأحد الفائت.

قد يهمك: جريمة مقتل الطفلة السورية جوى استانبولي تهز المجتمع.. ما قصتها؟

التدهور المجتمعي إلى أين؟

عدة تقارير رصدت تزايد حالات العنف، والاختطاف بحق الأطفال من قِبل عصابات مجهولة في سوريا مع استمرار تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية عامة.

وفي شباط/فبراير الماضي، تصدرت قضية اختطاف الطفل، فواز قطيفان، حديث الشارع، قبل زعم حكومة دمشق تحريريه من خاطفيه، في حين أكد والد الطفل آنذاك، بأنه تم الإفراج عن ابنه، بعد دفع فدية مقدارها 105 ألف دولار أميركي أي ما يعادل نحو 380 مليون ليرة سورية، حيث تُعد هذه العملية، الأولى من نوعها من حيث الفدية والتنفيذ.

ووفق عدة تقارير للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والطفل، يعتبر الأطفال السوريين، هم أكثر من دفعوا ضريبة الأزمة السورية الدامية منذ سنوات عديدة. وبحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”، فقد تم توثيق مقتل وإصابة حوالي 12 ألف طفل خلال العقد الماضي، أي بمعدل أكثر من 3 أطفال يوميا، وذلك خلال تقرير صدر عنها في آذار/مارس من عام 2021.

وتشهد عموم المحافظات السورية، وخاصة المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، فلتان أمني وانتشار الأسلحة وعمليات الخطف، دون أن تضع الحكومة حدّا لانتشار مثل هذه الحوادث التي تؤدي إلى بث الخوف والرعب بين الناس من جهة وعدم ردع العصابات المقدِمين على هكذا جرائم من جهة أخرى.

قد يهمك: ازدياد الطلب على الأدوية النفسية في سوريا.. ما القصة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.