بينما تؤكد مصادر دبلوماسية روسية، أن لقاءً سيعقد بين الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره التركي رجب طيب أردوغان قريبا، أشارت صحيفة روسية إلى أن موسكو مستعدة لجعل علاقاتها مع إسرائيل أقل سلاسة، وإرضاءً لدمشق من أجل تخفيف أو مواجهة الغارات الجوية الإسرائيلية على الأراضي السورية. لذلك، فإن موسكو تحاول استغلال دمشق لتحقيق أطماعها قدر المستطاع في سوريا والمنطقة عموما.

لقاء بين الأسد وأردوغان

صحيفة “الشرق الأوسط”، نقلت عن دبلوماسي روسي، رفض الكشف عن هويته، قوله: “إن موسكو عملت دائما على تشجيع قنوات الاتصال والتواصل بين تركيا وسوريا، وبعض هذه القنوات موجودة عمليا وهي مباشرة، والبعض الأخرى تجري عبر روسيا”.

وأضاف، “فيما يخص ترتيب لقاء على المستوى الرئاسي نحن نقدّر أن هذا صعب للغاية حاليا، ويجب أن تسبق أي لقاء خطوات مسبقة عملية على الأرض، وهذا ما نسعى إليه ونعمل لتحقيقه”، بحسب الصحيفة.

وجاء حديث الديبلوماسي الروسي تعليقا على أنباء نشرتها بعض وسائل الإعلام، تفيد باحتمال عقد لقاء بين الرئيس الأسد، وأردوغان، على هامش قمة “شنغهاي” الروسية في أيلول/ سبتمبر المقبل.

بدوره، أشار غينادي بيتروف، في مقال نشرته صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية إلى أن اللقاء الذي جمع وزير الخارجية السورية فيصل المقداد، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، يوم أمس الثلاثاء في موسكو، خالف التوقعات بخصوص ملف التقارب السوري-التركي، حيث قال: “لم يعد المدى الذي يمكن أن يبلغه التقارب السوري التركي أكثر وضوحا”.

يشار إلى أن المقداد، أعلن أمس خلال مؤتمر صحفي مع نظيره لافروف، عن موقف بلاده الرسمي من إعادة العلاقات مع تركيا قائلا: “لا شروط لدينا للتقارب ولكن الوجود التركي يجب أن ينتهي”، وبدوره أشار لافروف، إلى احتمال العودة إلى اتفاقية أضنة التي تم توقيعها بين سوريا وتركيا عام 1998 وهي اتفاقية أمنية، كما أنها تقضي بترسيم الحدود بين الدولتين.

قد يهمك: هل تتحول سوريا لساحة حرب إيرانية إسرائيلية؟

تراجع العلاقات مع إسرائيل

خلال المؤتمر الصحفي، شدد لافروف على إدانة بلاده لكافة الهجمات الإسرائيلية على سوريا، مضيفا: “القصف الإسرائيلي لسوريا مقلق، وندينه، وندعو إسرائيل إلى احترام سيادة سوريا”.

وأردف، “تواصُلنا الدائم هو تنفيذ لتعليمات الرئيسين المتعلقة بتكريس العلاقات الثنائية بين البلدين وتسيير التسوية في سوريا”، مشددا على أن “روسيا، وسوريا بالإضافة لعدد من الدول الأخرى التي تحترم مبادئ القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، والسيادة والعدالة في العلاقات الدولية”.

في غضون ذلك، أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن تصريحات لافروف، تسببت بتزايد حالة التوتر بين موسكو وتل أبيب، وضمن هذا السياق، أشارت صحيفة “نيزافيستيا غازيتا”، الروسية إلى أن “التعاون بين روسيا وسوريا يصبح أوثق فأوثق، ففي المستقبل القريب، سيظهر سفيران سوريان في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، وسفيران لجمهوريتي دونباس في دمشق، وروسيا بدورها، وبما يرضي سوريا مستعدة لجعل علاقاتها مع إسرائيل أقل سلاسة من ذي قبل”.

كما وأن تجديد الإدانة الروسية للغارات الإسرائيلية على سوريا، تتزامن مع حالة توتر تشهدها العلاقات الروسية-الإسرائيلية، خاصة بعد التهديد الروسي بإغلاق مكاتب “الوكالة اليهودية” في روسيا، وذلك على خلفية الموقف الإسرائيلي المؤيد للغرب، للغزو الروسي لأوكرانيا.

ويُعرب خبراء وعسكريون إسرائيليون باستمرار عن تخوفهم من التوترات الحاصلة مع روسيا، إلى جانب تخوفهم من تطور العلاقات الروسية-الإيرانية، حيث قال سابقا الخبير الإسرائيلي، يوناثان فريمان: “إن إسرائيل تلاحظ بشكل كبير أنه بات من الصعب العمل في سوريا، وربما تكون روسيا قد غيرت سياستها”. مبينا أن “أحد مخاوف إسرائيل، هو أن الخلاف مع روسيا قد يعني أنه لن تكون لدى إسرائيل القدرة الكافية لمزاولة الضربات الجوية الإسرائيلية على سوريا”.

الفجوة تتسع بين روسيا وإسرائيل

في المقابل، صحيفة “تايمز أوف إسرائيل“، قالت أيضا إلى أن تصريحات وزير الخارجية الروسي بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا، تشير إلى “التوتر المتزايد” في علاقة الكرملين بتل أبيب من غزو أوكرانيا.

وخلال اجتماع رؤساء مجالس الأمن القومي لروسيا، والولايات المتحدة وإسرائيل، في صيف عام 2018، تم الاتفاق بين الأطراف الثلاثة، على أن أمن إسرائيل أولوية قصوى بالنسبة لهم، ومنذ ذلك الوقت أُعطيت إسرائيل الضوء لاستهداف المواقع والتحركات الإيرانية في سوريا.

وبناء على هذا التوافق، أنشأت إسرائيل، وروسيا ما يسمى بالخط الساخن لتجنب التضارب بهدف منع الأطراف من الاشتباك العرضي حول سوريا. وسمحت روسيا، التي تتمتع بسيطرة كبيرة على سوريا، لإسرائيل إلى حد كبير بتنفيذ هجمات على نقاط الميليشيات الإيرانية داخل الأراضي السورية دون تدخل.

لكن، في تموز/ يوليو، أطلقت صواريخ روسية مضادة للطائرات على مقاتلات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، فوق الأراضي السورية أثناء استهدافها مواقع عسكرية إيرانية بالقرب من مدينة مصياف شمال غرب سوريا.

وعلى الرغم من أن الصواريخ الروسية لم تشكل تهديدا للطائرات الإسرائيلية، إلا أن محللون يعتبرون ذلك، في إطار التوترات بين البلدين. ونظام الصواريخ المضادة للطائرات تديره روسيا ولا يمكن إطلاقه إلا بموافقة روسية.

وإزاء ذلك، قال وزير الدفاع، بيني غانتس، إن هذا “حدث لمرة واحدة”، مشيرا إلى أنه “عندما أُطلقت الصواريخ، كانت الطائرات الإسرائيلية تبتعد بالفعل”.

في وقت سابق من هذا الشهر، قصفت إسرائيل مواقع عسكرية إيرانية بالقرب من مدينة طرطوس السورية، وعلى مشارف دمشق مما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود، وفق تقارير صحفية، وتعتبر طرطوس موطنا لأكبر قاعدة بحرية روسية في سوريا.

على الرغم من المحاولات الإسرائيلية المبكرة للبقاء على الحياد الدبلوماسي، تبادلت إسرائيل، وروسيا الانتقادات اللاذعة مرارا وتكرارا بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا.

وبحسب العديد من التقارير الصحفية التي اطلع عليها “الحل نت”، فإن المسؤولين الإسرائيليين، يؤكدون دائما، أن إسرائيل لن تردد باستهداف إيران، وستتحرك في أي وقت ومكان لضمان أمن إسرائيل، فهم بالإضافة لما يرونه خطرا متمثلا بالبرنامج النووي الإيراني، يدركون أيضا الخطر الذي يشكله تواجد الميليشيات الإيرانية في سوريا على حدود الجولان.

وكان رئيس هيئة الأركان العامة للقوات الروسية، إيغور كوستيوكوف، حذر الأسبوع الماضي، من أن “هناك خطرا من تحول سوريا إلى ساحة مواجهة إسرائيلية إيرانية”.


قد يهمك: لقاء الأسد وأردوغان.. هل بات الموعد قريباً؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة