أثار اجتماع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بوفد من المعارضة السورية، يوم الأربعاء الماضي، الرابع والعشرين من شهر آب/أغسطس في أنقرة، تساؤلات عديدة، وحظي كذلك باهتمام المراقبين للشأن السوري، لجهة توقيت انعقاده، المتزامن مع إعلان تركيا عن سعيها لتطبيع علاقتها مع حكومة دمشق، بعد نحو عقد من العداء والقطيعة الدبلوماسية، واقتصار العلاقات بين الطرفين على المباحثات الأمنية.

 ولم يرشح عن الاجتماع، الذي حضره رئيس الائتلاف الوطني المعارض سالم المسلط؛ ورئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى؛ ورئيس هيئة التفاوض بدر جاموس، كثير من التفاصيل، وهو ما أرجعته مصادر “الحل نت” إلى أن الاجتماع لم يتطرق لكثير من المسائل حول التوجه التركي الجديد.

وعقب الاجتماع قال جاويش أوغلو: “التقينا وفدا من المعارضة، وإننا نقدّر وندعم مساهمة المعارضة في العملية السياسية، في إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.

بدوره، أكد رئيس الائتلاف المسلط، نقلا عن جاويش أوغلو، على “الموقف الثابت لتركيا في دعم القضية السورية، ودعم الحل السياسي، المبني على القرار 2254”. مضيفا أن “وفد المعارضة نقل للوزير مجريات لقاءاتنا في المناطق المحررة، وما تحدث به السوريون، إضافة إلى بحث مستجدات الأوضاع الميدانية وتطورات العملية السياسية”.

اجتماع أوغلو مع المعارضة كان بروتوكوليا

وعلم موقع “الحل نت” من مصدر خاص أن “اللقاء مع جاويش أوغلو كان اجتماعا بروتوكوليا، إذ كان النقاش بين الوزير والوفد في السياق العام”. وأضاف المصدر، الذي اشترط عدم كشف هويته، أنه “عقب انتهاء الاجتماع مع الوزير، جلس وفد المعارضة مع المسؤولين الأتراك عن الملف السوري”.

وأكد المصدر أن “الاجتماع جاء بعد تسارع الأحداث أخيرا، إذ تريد تركيا طمأنة المعارضة أنها ليست بوارد التخلي عنها، رغم اندفاعها لتسوية علاقاتها مع الحكومة السورية”.

وفي الإطار ذاته، يعتقد وائل علوان، الباحث في مركز “جسور للدراسات”، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “الهدف من اجتماع وزير الخارجية التركي مع المعارضة السورية الرسمية هو التأكيد على الموقف التركي الداعم للعملية السياسية، بناء على القرارات الأممية، وعلى موقف تركيا الداعم للمعارضة السورية، والضامن لها في مسار أستانا”.

 وأَضاف: “لا يخفى أن تأكيد موقف تركيا في دعم المعارضة، باعتبار ذلك جزءا من العملية السياسية المستندة لقرارات مجلس الأمن، يأتي بعد التصريحات المستفزة لوزير الخارجية السوري فيصل المقداد، التي أدلى بها من موسكو، والتي تثبت من جديد عدم جدية حكومة دمشق في الانخراط في العملية السياسية”.وكان المقداد قد طالب تركيا، خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو، بـ”الانسحاب من الأراضي السورية، ووقف دعمها للتنظيمات الإرهابية”.

وأضاف مهاجما تركيا، أن “الذي اعتاد على دعم الإرهاب لا يمكن الثقة به”، وذلك في رد على التصريحات التركية الأخيرة حول ضرورة فتح صفحة جديدة في العلاقة مع حكومة دمشق.

اجتماع أوغلو مع المعارضة يحمل إشارات سياسية من تركيا

الصحفي التركي عمر أوزكيزيلجيك، قال خلال حديثه لـ”الحل نت”: “ربما تكون تركيا قد أدلت بتعليقات في اتجاه دمشق، لكن هذه التصريحات تخدم اعتبارات سياسية داخلية قبل الانتخابات، ولن تؤدي على الأرجح إلى أي تغيير في السياسة التركية في سوريا، وبالنسبة لتركيا فإن المعارضة السورية ضرورية، وهي الضامن لها”.

 وكان جاويش أوغلو قد كشف أنه أجرى محادثة قصيرة مع وزير الخارجية في حكومة دمشق فيصل المقداد، على هامش اجتماع حركة عدم الانحياز، الذي عقد في تشرين الأول/أكتوبر 2021، بالعاصمة الصربية بلغراد.
وأضاف “علينا أن نصالح المعارضة والنظام في سوريا بطريقة ما، وإلا فلن يكون هناك سلام دائم”، ليثير بتصريحاته هذه مخاوف المعارضة السورية.

واشنطن تخرج عن صمتها

في الأثناء، خرجت الولايات المتحدة عن صمتها حيال خطوات التقارب بين أنقرة ودمشق، مؤكدة أن موقف واشنطن ثابت إزاء التطبيع مع حكومة دمشق.

وذكر نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدانت باتل، في مؤتمر صحفي مساء الخميس، الخامس والعشرين من آب/أغسطس، أن “إدارة بايدن لن تُعرب عن أي دعم لجهود التطبيع مع بشار الأسد أو إعادة تأهيله”.

وأضاف باتل أن “الولايات المتحدة لا تنوي رفع مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع نظام الأسد، ولا تدعم تطبيع العلاقات من قبل الدول الأخرى معه أيضا”، مؤكدا أن “واشنطن لن ترفع العقوبات عن سوريا، ولن تغيّر موقفها المعارض لإعادة إعمار سوريا، حتى يتم إحراز تقدم حقيقي ودائم نحو حل سياسي”.

وتابع: “نعتقد أن التقدم السياسي الحقيقي والدائم ضروري وحيوي لإعادة الإعمار، ولم نشهد تقدما على هذه الجبهة”، داعيا الدول في المنطقة إلى “النظر بعناية شديدة في الفظائع التي ارتكبتها حكومة دمشق ضد الشعب السوري على مدى العقد الماضي”.

ولم يكن الموقف الأميركي مفاجئا لكثير من المراقبين، إذ سبق وعارضت واشنطن، في أكثر من موقف، التطبيع مع حكومة دمشق، غير أن الملفت للانتباه أنه برغم ذلك أعادت بعض الدول علاقتها مع دمشق، ومنها الأردن والإمارات والبحرين، علما أنها من الدول الحليفة للولايات المتحدة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.