بعد تأجيل انعقاد أعمال الجولة التاسعة من اللجنة الدستورية السورية، إثر اختلاق روسيا مطلب جديد، كان يرى أنه سلاح روسي للقضاء على آمال استمرار هذا المسار، أعادت موسكو التلويح بأنها مهتمة بما أسمتها “قضايا التسوية السورية”، بما في ذلك أنشطة اللجنة الدستورية السورية.

وفي ظل مناورات مستمرة يقوم بها وفد حكومة دمشق، مقابل ضعف وفشل، أكده الكثير من المراقبين لأداء وفد المعارضة السورية، والتي تتناغم مع ضعف جهود المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، حيث تدور في حلقة مفرغة منذ أولى أيام تعيينه، هنا تنبعث عدة تساؤلات، حول مدى صدق موسكو في الضغط على دمشق، للمضي قدما في اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، وفيما إذا كان الإعلان الأخير، تقف ورائه نوايا لتحقيق مآرب أخرى.

مسار التطبيع مع دمشق

منذ حوالي شهر، كان من المقرر عقد الجولة التاسعة من المحادثات خلال شهر تموز/يوليو الفائت في جنيف، إلا أن حكومة دمشق أبلغت المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، أن وفده لن يكون مستعدا للمشاركة فيها “إلا بعد تلبية طلبات روسيا”.

إعادة روسيا لإحياء المسار الأممي، يراه الخبير والمحلل السياسي الروسي، فاتسلاف ماتوزوف، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أنه يأتي لتهدئة الرأي العام الغربي، بعد نجاح موسكو في وضع أنقرة، ودمشق على طريق إعادة العلاقات بين البلدين، والذي سيقود نحو إعادة دمشق، سيطرتها على أغلب المناطق التي خارج سيطرتها.

وبما أن روسيا صاحبة القرار فيما يتعلق بمكان المحادثات، بحسب ماتوزوف، فإن دمشق لديها قناعة بأن المسار السياسي لن يفض إلى نتيجة، ولذلك صرح الرئيس السوري، في وقت سابق، أن الدستور “يعبر عن رغبات، وأخلاق، وتطلعات، وثقافة الشعب السوري كحل وسط بين مختلف الشرائح، والتيارات في المجتمع، وإذا تمت صياغته فإنه سيطرح للتصويت عليه بالقبول أو الرفض”.

وما يؤكد رؤية دمشق، وفقا لحديث ماتوزوف، هو أنه في أيلول/سبتمبر المقبل، سيعقد اجتماع في جنيف لمناقشة موضوع اللجنة الدستورية في الجلسات العامة للأمم المتحدة، بعد حوالي ثلاث سنوات من إنشائها، دون نتائج ملموسة.

ما علاقة الاجتماعي والاقتصادي في سوريا؟

في السياق ذاته، نوه المحلل والسياسي الروسي، أن روسيا لا تريد إنهاء التواصل مع الدول الغربية في سوريا، والذي يمثل هذا الخط هو اجتماعات اللجنة الدستورية المنبثقة بموجب تفويض قرار مجلس الأمن، ضمن قرار الأمم المتحدة رقم 2254، وهي كجزء أساسي من العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة في سوريا.

ويعتقد ماتوزوف، أن روسيا تريد تسوية الوضعين الاجتماعي والاقتصادي في سوريا، واجتذاب الجهود الدولية لتنفيذ المشاريع الهادفة إلى استعادة البنية التحتية الاجتماعية لسوريا، عبر آلية التعافي المبكر، وإعادة الإعمار، بالإضافة لجهودها لتحويل خط المساعدات الإنسانية الدولية عبر دمشق.

وبحسب ما قاله المحلل الروسي، فإن موسكو لم يعد أمامها أي عقبة سياسية في سوريا بعد إقناع أنقرة بمحاورة دمشق، وتفعيل ملف إعادة اللاجئين السوريين في الدول المجاورة، لذا فإن إعادة الاهتمام بملف اللجنة الدستورية، هو في العموم لـ”تهدئة الرأي العام الدولي حول مواقفها في سوريا”.

موسكو تدعم بيدرسون

خلال اجتماع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، غير بيدرسون، نفت روسيا أن تكون “فقدت اهتمامها” بالتسوية في سوريا.

وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، الخميس الفائت، عن لقاء جمع بيدرسون، بلافروف في العاصمة موسكو. وقالت الخارجية، في بيان، إن الطرفين أجريا مباحثات موسّعة حول القضايا الراهنة على الصعيد السوري، مشيرا إلى أنهما أوليا “اهتماما خاصا” لعمل اللجنة الدستورية السورية، وأكدا على أهمية الحفاظ على “حوار إيقاعي ومثمر” في منصة التفاوض.

وقالت الخارجية في بيانها: “جرت مناقشة موضوعية حول الجوانب الموضوعية لتسوية سورية شاملة، مع التركيز على دفع العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة والتي تقودها سوريا، على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن رقم 2254”.

وأكدت الخارجية الروسية، أنه تم خلال الاجتماع “إيلاء اهتمام خاص لأنشطة اللجنة الدستورية السورية التي تشكلت بقرار من المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي عام 2018”. وأشارت إلى أنه “في الوقت نفسه، “تم تأكيد أهمية استمرار الحوار المنتظم والمثمر في منصة التفاوض هذه”.

وتأتي زيارة بيدرسون إلى روسيا، عقب يومين من لقاء جمع وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، بـ “لافروف” في العاصمة موسكو، كشف خلالها الأخير أن بلاده تعمل منذ سنوات على تطبيع العلاقات بين أنقرة، ودمشق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.