تطور متسارع في الأحداث يشهده العراق، بعد اعتزال مقتدى الصدر الحياة السياسية، وتصعيد جمهوره باقتحامه لكل شبر من “المنطقة الخضراء”، ودخوله للقصر الجمهوري، حتى وصل المشهد للعنف وسقوط الجنوب العراقي بيد الصدريين وفرض حظر شامل للتجوال، فما هي التفاصيل؟

في التفاصيل، شنت القوات الحكومية العراقية من جهة وميليشيات “ولائية” تابعة لـ “الإطار التنسيقي” حملة مكثفة لتفريق تظاهرات الجمهور الصدري داخل الخضراء، وذلك عبر الرصاص الحي وخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع.

وتمكنت القوات الأمنية والميليشيات من تفريق المتظاهرين وإخراجهم من القصر الجمهوري، مقر رئاسة الوزراء بقيادة مصطفى الكاظمي، ما اضطرهم للعودة إلى الاعتصام في باقي بقع المنطقة الخضراء وخاصة عند مبنى اابرلمان.

وتسبب القمع المفرط للمتظاهرين الصدريين بسقوط 20 قنيلا و285 جريحا على الأقل، في وقت كثفت الحكومة من أمن المنطقة الخضراء بتعزيزات عسكرية هائلة.

حكومات الجنوب بيد الصدريين

أمام ذلك المشهد، خرج الآلاف من أنصار “التيار الصدري”، بتظاهرات في مختلف مناطق العاصمة العراقية بغداد، ومعهم فصيل “سرايا السلام” المسلح التابع للصدر لحمايتهم من أي عنف قد يطالهم.

بالتزامن مع ذلك، خرج الجمهور الصدري في تظاهرات واسعة بمعظم محافظات الوسط والجنوب العراقي، وسقطت 3 محافظات هي البصرة وذي قار والمثنى بيد الصدريين، عبر سيطرتهم على مباني الحكومات المحلية لتلك المحافظات.

ذلك التسارع، دفع بالحكومة العراقية إلى إعلان حظر شامل للتجوال في عموم العراق، وبدأ سريانه منذ الساعة السابعة مساء وحتى إشعار آخر، بعد أن فرضت حظر التجوال في بغداد العاصمة منذ ظهر اليوم.

الوضع الأمني الذي شهدته البلاد، دفع بوزارة التربية العراقية أيضا، إلى تأجيل الامتحانات الوزارية “البكالوريا” للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة إلى إشعار آخر.

سياسيا، دعت الرئاسات العراقية، في اجتماع لها إلى التهدئة وضبط النفس وانسحاب المتظاهرين من داخل المؤسسات الحكومية في الخضراء، فيما طلب رئيس الحكومة الكاظمي من الصدر، التدخل بدعوة أتباعه للانسحاب من الخضراء.

الموقف الدولي

دوليا وإقليميا، الكل دعا في بيانات رسمية له إلى التهدئة والحوار وتجنب الفوضى، وعلى رأسها بعثة “يونامي” ممثلة “الأمم اامتحدة” في العراق، وكذلك السفارة الأميركية في العراق.

جاءت كل هذه الأحداث، بعد إعلان زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر في تغريدة له عبر “تويتر”، اليوم الاثنين، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا والكل من أتباعه “في حل من أمره”، على حد تعبيره.

يجدر بالذكر، أن الأزمة السياسية العراقية، اشتدّت في 30 تموز/ يوليو الماضي، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

إخفاق “الأغلبية”

“إنقاذ وطن”، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعدها، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.