“العراق لن يكون محافظة إيرانية”، قد يكون هذا الهتاف يعبر عن نبض الكثير من العراقيين وخلفهم أيضا الكثير من العرب والداعمين للديمقراطية في العراق.

تجولنا في الخضراء لتغطية التصعيد الصدري، بعد إعلان زعيم “التيار الصدري” اعتزاله من الحياة السياسية، وسألنا عددا من المتظاهرين عن مطالبهم.

“من يريد العراق بعيدا عن التبعية لإيران لا بد أن يحمل مشروعا وطنيا للبلاد. وإحنا گد التحدي”، يضيف المتظاهر ماجد الساعدي لـ “الحل نت”، وهو في قلب القصر الجمهوري بالمنطقة الخضراء، وسط العاصمة العراقية بغداد.

منذ ظهيرة اليوم، صعّد الصدريون احتجاجهم، وانتقلوا من أمام مبنى البرلمان العراقي عند مدخل الخضراء لعمق المنطقة الحكومية التي تضم البعثات الدبلوماسية، واقتحموا القصر الجمهوري، مقر رئاسة الوزراء.

اعتزال الصدر من الحياة السياسية جاء بعد اعتزال المرجع الديني كاظم الحائري، الذي يقلده الصدريون دينا، ودعوته لأتباعه إلى تقليد المرشد الأيراني علي خامنئي، اليوم الاثنين.

المالكي وإسقاط النظام

بحسب تقرير سابق لـ “الحل نت”، يفسّر الصدر اعتزال الحائري جاء إجباريا من قبل طهران، لإنهاء مرجعية آل الصدر العروبية وجعلها بيد مرجعية خامنئي الفارسية، ولذلك اتخذ خطوة الاعتزال؛ كي لا يكون تحت عباءة خامنئي دينيا.

يقول متظاهر صدري يدعى جبار أحمد، إن دخولهم للقصر الجمهوري، وتحشيدهم الكبير هو لنصرة الصدر والعراق. “حسّينا بانكسار سيّدنا وعجزه على مواجهة الأشرار من الإطاريين والإيرانيين لوحده، وقررنا ننصر إصلاحه بإسقاط هذا النظام”.

“ما نتراجع عن إسقاط النظام إلا بحالة وحدة، محاكمة المالكي علنيا، وانسحاب الإطار من العملية السياسية نهائيا. غير هالشي منتراجع لحد ما نسقط النظام اللي خلاهم يدمرون البلد”، يقول أحمد لـ “الحل نت”.

يعرف نوري المالكي، زعيم “ائتلاف دولة القانون”، والمقرب من إيران والقيادي في “الإطار”، بخصومته مع مقتدى الصدر منذ أكثر من عقد من الزمن.

ما يدفع الصدريون للغضب من المالكي، التسريبات الصوتية الأخيرة له، التي ظهر فيها قبل شهر ونصف وهو يهاجم الصدر بكلمات مخلة، منها وصفه بـ “الجاهل والجبان”، وتوعده بخوض معركة طاحنة ضده في النجف.

خشية من الغدر

في المنطقة الخضراء، يتوافد عشرات الآلاف من الصدريين من مختلف مناطق بغداد لدعم الاحتجاج الصدري، رغم أن الحكومة العراقية فرضت حظر التجوال الشامل في بغداد، بدءا من ظهر اليوم ولإشعار آخر.

التقينا أحد المتظاهرين اسمه عامر ستار، وسألناه عن كيفية دخوله للخضراء وهناك قرار حظر، فأجاب بالتالي: “ما يوگفنا حظر ولا غير الحظر. بس الموت يوگف بوجهنا، وإجينا حتى نساند إخوتنا ونحميهم من الغدر”.

تشهد المنطقة الخضراء حالة من الاستنفار الأمني التام. القوات الحكومة تفرق الجموع بالقوة بالغاز المسيل للدموع وبخراطيم المياه، والميليشيات تطلق النار في الهواء لدفع المتظاهرين إلى التراجع.

يبدي ستار خشيته من غدر الميليشيات المسلحة الموالية لإيران عبر قنص المتظاهرين، ويقول: “كلما زاد عددنا كلما أرعبناهم وخليناهم يتراجعون عن القمع. ثورتنا ما توگف قبل ما ننهي الفساد السياسي بالبلد”.

عدد لا بأس به من الجمهور الصدري يعبر عن نقمته من إيران، إذ رصدنا العشرات منهم وهم يهتفون: “إيران برّا برّا.. بغداد تبقى حرّة”، في تصويب منهم نحو النفوذ الإيراني وتغلغله في الداخل العراقي.

الصدر يتدخل؟

يتناغم الغضب الصدري من إيران، مع قطع الصدر لكل حوار له مع قوى “الإطار” الموالية لطهران، والتي يعدها السبب في فشل العملية السياسية العراقية، نتيجة اعتمادها المحاصصة التي أدت لاستشراء الفساد.

متظاهرون آخرون يرفعون يافطات ضد القضاء العراقي، ويعتبرونه بالمسيّس لخدمة “الإطار” وإيران. ويقول أحدهم لـ “الحل نت”: “فائق زيدان لازم يستقيل من رئاسة مجلس القضاء برضاته أو بدون رضاته”.

كان القضاء العراقي طرفا في الأزمة السياسية العراقية، عندما ألزم البرلمان بحضور ثلثيه أي 220 نائبا من مجموع 329 نائبا لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، الممهدة لتشكيل الحكومة.

ذلك القرار، تسبب بفشل مشروع الصدر الذي فاز في الانتخابات المبكرة الأخيرة بتشكيل حكومة أغلبية من دون قوى “الإطار”؛ لأنه لم يكن يملك سوى 180 نائبا بعد تحالفه مع الكرد والسنة، ونجح ثلث أعضاء البرلمان من منع عقد الجلسة وغالبيتهم من “الإطار”، إثر عدم حضورهم لها.

في النهاية، لا أحد يعرف كيف سيكون المشهد، لكن الرئاسات العراقية تطلب من الصدر التدخل لدعوة أنصاره بإنهاء تصعيدهم وانسحابهم من المنطقة الخضراء والمؤسسات الحكومية، فهل سيتدخل؟ الوقت هو من يجب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.