تتصاعد الخلافات داخل الإطار التنسيقي، الذي عرُف بولائه لإيران، وسط التوتر الشديد بين القوى الشيعية في العراق، والذي وصل لدرجة التهديد بحرب أهلية، عقب الاشتباكات العنيفة التي شهدتها المنطقة الخضراء في بغداد.

ما يسميه البعض “أزمة كبرى” داخل “الإطار”، يتمثّل في الصراع بين ثلاثة أجنحة فيه، وهي جناح زعيم “ائتلاف دولة القانون”، نوري المالكي؛ وجناح رئيس “تحالف الفتح”، هادي العامري؛ وجناح “تحالف قوى الدولة”، بقيادة عمار الحكيم.

وتقول مصادر مطلعة من داخل الإطار التنسيقي، إن “اجتماعات قوى “الإطار”، طوال الشهرين الماضيين، والتي غاب العامري، عن معظمها بداعي إصابته بفيروس كورونا، باتت تقتصر على موضوعات هامشية تداولية، تدور حول الانسداد الحالي، ولا تناقش أصله، أو الحلول الممكنة لإنهائه”.

وتفيد المصادر لموقع “الحل نت” أن “جناح المالكي يحاول الترويج لتماسك قوى الإطار التنسيقي، وعدم وجود انشقاقات أو اختلافات حول قضايا جوهرية، وعلى رأسها كيفية التعاطي مع زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، والاشتباكات مع أنصاره التي تصاعدت مؤخرا، إلا أن محاول إخفاء الخلافات لم تعد ناجحة”.

وتذهب المصادر إلى القول أيضا، إن “المالكي يرفض فكرة استبدال مرشحه محمد شياع السوداني، رفضا مطلقا، على العكس من العامري، الذي يبدو أكثر مرونة وتقبلا لفكرة تقديم مرشح تسوية لرئاسة الوزراء، لا يستفز الصدر، حتى وإن كان رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي”.

الكاظمي والخلافات داخل الإطار التنسيقي

أحد أهم عوامل الخلافات داخل الإطار التنسيقي، الموقف من رئيس الوزراء العراقي الحالي مصطفى الكاظمي، وإمكانية التجديد له لولاية ثانية. إذ يبدو نوري المالكي معارضا بشدة لأي اقتراح بالتمديد للكاظمي. أما هادي العامري فيُبدي مرونة كبيرة بهذا الخصوص، فضلا عن تقاربه الواضح مع سياسات ومبادرات رئيس الوزراء.

وقام العامري، بزيارات مكوكية لمختلف الأطراف السياسية العراقية، بدأها بلقاء طرفي البيت السني، أي “تحالف تقدم”، و”تحالف عزم”، في بغداد؛ ثم الحزبين الكرديين الأساسيين، الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، في أربيل، والسليمانية. ونجح عبر هذه الزيارات بالدفع بمبادرة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، نحو جمع مختلف الأطراف السياسية على طاولة الحوار الوطني. وهو الحوار الذي انعقدت أولى جلساته في القصر الحكومي، في السابع عشر من شهر آب/أغسطس الحالي.

والتقى العامري، بالكاظمي في مناسبتين على الأقل، خلال مدة لا تزيد عن عشرة أيام، وهو تطور وصفه مراقبون للشأن السياسي بـ”اللافت”. في المقابل، يقول قياديون في الإطار التنسيقي، ممن يحضرون اجتماعاته الدورية، إن “المالكي كان غاضبا من فكرة التجديد للكاظمي”. مذكّرين بأنه، “كان الغائب الأبرز من بين قادة الكتل السياسية، الذين حضروا مناسبة تكليف الكاظمي، بتشكيل الحكومة العراقية عام 2020”.

وزادت هوة الخلاف بين المالكي، والكاظمي بعد شهور من التوتر، على خلفية اعتقال قياديين في الحشد الشعبي، واتهامات، طالت الحكومة ومفوضية الانتخابات العراقية، بحرف نتائج الانتخابات الأخيرة بعيدا عن قوى الإطار التنسيقي.

الصراع حول تشكيل الحكومة

الخلافات داخل الإطار التنسيقي تتبدّى أيضا في الموقف من إمكانية تشكيل “الإطار”، للحكومة العراقية المقبلة، فبينما يصرّ نوري المالكي، على إنشاء حكومة “الإطار”، يرى هادي العامري، وعمار الحكيم أن الأفضل التريث في هذا الشأن، لإبقاء الباب مفتوحا للتفاهم مع الصدر.

“.وظهرت معارضة العامري، لمشروع المالكي، بتأسيس الحكومة بشكل واضح، عندما قرر عدم المشاركة في أي حكومة تتشكل مستقبلا. في المقابل، أكد كل من جناحي “تحالف قوى الدولة”، عمار الحكيم وحيدر العبادي، عدم مشاركتهما في الحكومة المقبلة، وتأييدهما لفكرة تشكيل حكومة انتقالية، تعبّد الطريق أمام انتخابات مبكرة، خلال مدة لا تتجاوز عاما ونصف.

الإطار التنسيقي والتأثير الإيراني

تتأثر الخلافات داخل الإطار التنسيقي بالموقف من إيران بشكل كبير، فعلى الرغم من أن “الإطار” يعتبر ذراعا سياسيا لطهران في العراق، إلا أنه يوجد تمايز نسبي في مواقف قواه المختلفة من العلاقة مع الحكومة الإيرانية، ومدى الالتزام بتعليماتها.

صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، تقول إن “الفاعل الإيراني لم يعد صاحب اليد الطولى داخل قوى الإطار التنسيقي، لا سيما بعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني، ومجيء قائد فيلق القدس الإيراني الحالي، إسماعيل قاآني”.

 وتنقل الصحيفة عن فهد الجبوري، العضو في “تيار الحكمة”، بقيادة عمار الحكيم، قوله إن “إيران تقدم لنا بعض النصائح، لكن لا نطبق النصائح الإيرانية كلها”.

من جانبها، كشفت وكالة “رويترز”، أن “اجتماعا عقد بين قاآني، وزعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، في مدينة الحنانة بمحافظة النجف، في شباط/فبراير الماضي، استمر لمدة ثلاثين دقيقة فقط”، ووصفت “رويترز”، اللقاء بـ”المتوتر”، خاصة بعد إبلاغ الصدر لقاآني، بالكف عن التدخل في الشأن السياسي العراقي، وفقا لمسؤولين مطلعين على حيثيات اللقاء.

من جانبه، يقول الباحث والأكاديمي، الدكتور رمضان البدران، لموقع “الحل نت”، إن “طهران قد تلجأ إلى التضحية برؤوس كبيرة داخل الإطار التنسيقي، وإعطاء ضمانات للصدر بعدم مشاركة تلك الرؤوس في الانتخابات المقبلة. كما قد تتبرّأ من أجنحة مسلحة داخل الحشد الشعبي، في مقابل ضمان بقاء نفوذها داخل الحكومات العراقية المقبلة”.

ويذهب الباحث نزار حيدر، في حديثه لـ”الحل نت”، إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ يقول إن “إيران لن تمانع التجديد للكاظمي، خصوصا وأن التقارب الإيراني السعودي، برعاية العراق، عزز من حظوظ الكاظمي في الظفر بولاية ثانية، خلافا لرغبة جناح المالكي داخل الإطار التنسيقي”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.