لم ينتهِ الانسداد السياسي في العراق بعد، حتى أن البلاد كادت تنزلق في حرب أهلية شيعية-شيعية، ولتجاوز الأزمة السياسية العراقية، طرح رئيس الحكومة الأسبق، حيدر العبادي، رؤية لتصفير تلك الأزمة، فما تفاصيلها؟

“ائتلاف النصر” الذي يتزعمه العبادي، قال في بيان إنه “بعد أحداث 29-30 آب المأساوية والمُفجعة والتي سقط فيها “شهداء” وجرحى، وأصابت قلب الوطن بالصميم، يطرح “النصر” رؤيته لحل الأزمة الراهنة من 5 نقاط.

النقطة الأولى، هي أنه “على القوى السياسية تصفير الأزمة، وطي صفحة فاجعة أحداث 29-30 آب 2022 وما قبلها، والشروع الجاد والبنّاء لرسم مراحل حل وطني دستوري متفق عليه بين جميع الأطراف، وبسقوف زمنية سريعة، بعيدا عن عقلية المنتصر وروح الكراهية وكسر الإرادات، فالجميع أخوة وطن وشركاء مصير”.

مرحلة انتقالية

النقطة الثانية، هي أن أي حل يجب أن تترجمه خارطة طريق واضحة ومحل اتفاق الجميع، تستند إلى قواعد دستورية وقانونية ومؤسسية شرعية، ولبلوغها لابد من انتهاج الحوار والتحلي بالروح الإيجابية وتحمل المسؤولية المشتركة والتقليل من سقوف المطالب، واعتماد التنازلات المتبادلة، خدمة للصالح العام.

اقرأ/ي أيضا: وزير الصدر برسالة سياسية جديدة.. “على إيران كبح جماح بعيرها في العراق”

النقطة الثالثة، نرى ضرورة الاتفاق على خارطة طريق وفق مرحلتين، المرحلة الأولى حل الأزمة الراهنة بما ينهي الانسداد القائم، والمرحلة الثانية الاتفاق على خطوط عريضة لإصلاح النظام السياسي ليتمكن من تجاوز مصداته الذاتية، ويكون كفوءا وصالحا وقادرا على إدارة الدولة.

النقطة الرابعة تتمثل بضرورة اعتبار المرحلة القادمة انتقالية يتفق على مدتها، تنتهي بانتخابات مبكرة جديدة وعادلة ومحل اتفاق على قوانينها وآلياتها، وتشكيل حكومة جديدة محل اتفاق بين الأطراف كافة، مهمتها الأساس تمشية أمور الدولة والإعداد لانتخابات نزيهة تؤسس لمرحلة دستورية سليمة.

النقطة الخامسة، هي على المرحلة الدستورية الناتجة عن الانتخابات المبكرة القادمة أن تعتمد الإصلاح والتغيير بالحياة السياسية والنظام السياسي لتفادي تكرار الأزمات، “فدونما إصلاحات جريئة وحقيقية لكل ما هو خاطئ وفاسد، لا أمل بنظام أفضل يستطيع القيام بمهام الدولة سياسيا وأمنيا واقتصاديا وسياديا”.

وشهدت بغداد أول أمس الاثنين، ومعها محافظات الجنوب العراقي تصعيدا صدريا على إثر إعلان الصدر اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحامهم لكل بقعة في المنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

حصيلة أحداث الخضراء

الميليشيات “الولائية” هاجمت أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، واندلعت مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل الاثنين، وحتى ظهر الثلاثاء، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

وسقط جراء العنف المسلح 37 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الحمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

يجدر بالذكر، أن الأزمة السياسية العراقية، اشتدّت في 30 تموز/ يوليو الماضي، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

فشل الأغلبية

“إنقاذ وطن”، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

اقرأ/ي أيضا: الأزمة السياسية العراقية.. البداية من البرلمان والنهاية بالقصر الجمهوري

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة