تساؤل بات يطرح مؤخرا بكثرة من سياسيين وقادة في المجتمع، مفاده: أين “المرجعية الدينية” المتمثلة بمرجعية النجف من الأزمة السياسية في العراق؟

مرجعية النجف، هي التي يقودها آية الله علي السيستاني، المرجع الديني الأعلى لدى الشيعة في العراق والعالم، وعرفت بتدخلها في اللحظات الحرجة من عمر العملية السياسية في عراق ما بعد 2003.

المفاجئ في الأمر، أن المرجعية التي دعت إلى المشاركة في الانتخابات المبكرة الأخيرة، من أجل إحداث التغيير، اختفت وانزوت وصمتت منذ انتهاء الانتخابات قبل 7 أشهر وإلى اليوم.

مرجعية النجف تنأى بنفسها؟

لا بوادر لانفراجة سياسية، فبعد نصف سنة من إجراء “اقتراع تشرين”، تمر البلاد في انسداد سياسي لم تشهده مسبقا، سببه إصرار زعيم أكبر تيار سياسي شيعي وهو مقتدى الصدر على تشكيل حكومة أغلبية، قبالة قوى “الإطار التنسيقي” الشيعية المقربة من إيران، والراغبة بحكومة توافقية.

العناد الشرس بين قطبي الشيعة، يهدّد بإمكانية حدوث حرب أهلية شيعية-شيعية في أي لحظة، إن نجح أي طرف بكسر عظم الطرف الآخر، وهنا يتخوف المراقبون من تلك اللحظة، ويتساءلون عن دور المرجعية لإنقاذ الوضع، ولماذا اتخذت الصمت؟

بحسب الكاتب والمحلل السياسي علي البيدر، فإن مرجعية النجف اختارت منذ نحو سنة ونصف النأي بنفسها عن أي دور سياسي يخص العملية السياسية العراقية، وهي أعلنت عن ذلك صراحة، على حد تعبيره.

للقراءة أو الاستماع:

البيدر يقول لـ “الحل نت”، إن هناك قضية أخرى دفعت بالمرجعية للابتعاد عن السياسة، وهي خشيتها من عدم التزام الساسة بكلامها وآرائها، خصوصا وأن العديد من السياسيين باتوا لا يحترمون مواقفها، ويضعون مصلحتهم قبل كل شيء.

لذلك، فإن مرجعية السيستاني اختارت حصر اهتمامها بقضايا التصوف والمجتمع من الناحية الدينية، والابتعاد عن أي شأن سياسي قد يمسها ويعود بالضرر عليها، على حد قول البيدر.

مواقف سابقة

البيدر يشير، إلى أن نأي المرجعية عن السياسية هو أمر مهم، للحفاظ على سمعتها ومصداقيتها وهالتها الدينية أمام أتباعها؛ لأن السياسة العراقية مبنية على المؤامرات والمناورات والدسائس، وذلك يضر بمكانتها إن لعبت الدور السياسي.

ويلفت البيدر، إلى أن ذلك لا يعني أن المرجعية لن تتدخل في القضايا والمسائل الحساسة جدا التي تهدد المجتمع والبلد، مثل فتوى “الجهاد الكفائي” ضد “داعش”، بل سيكون لها صوتها وموقفها في تلك القضايا.

وكانت مرجعية النجف، أصدرت فتوى “الجهاد الكفائي” في صيف 2014، لمقاتلة تنظيم “داعش”، الذي اجتاح ثلث مساحة العراق آنذاك، بهدف منع تمدده لبقية المدن وطرده من الأراضي التي سيطر عليها.

كذلك تدخلت مرجعية السيستاني عام 2014، وأبعدت رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي عن مسعاه لنيل ولاية ثالثة على التوالي برئاسة الحكومة، بعدما أراد خرق الدستور الذي لا يسمح لأي شخص بتولي رئاسة الحكومة لأكثر من ولايتين.

للقراءة أو الاستماع:

وكان أول موقف سياسي لمرجعية النجف، عام 2005 عندما حشّدت الشارع العراقي للتصويت على الدستور العراقي الدائم الذي كُتب في ذلك العام، تمهيدا لإجراء أول انتخابات في عراق ما بعد نظام صدام حسين.

أما آخر أهم المواقف التي اتخذتها مرجعية النجف، كان غضبها من تعامل حكومة عادل عبد المهدي السابقة مع “انتفاضة تشرين”، عندما كانت تقمع المتظاهرين، فاستقالت الحكومة نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، بعد ساعة من خطبة الجمعة للمرجعية حينها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.