مواجهة أوروبية روسية في قطاع الطاقة يبدو أنها في نهاية المطاف ستكون لصالح الأوروبيين، الذين بدأوا بالبحث عن حلول بديلة لتخفيض واردات الغاز الروسي، وذلك للخروج من أزمة الطاقة بأقل الأضرار الممكنة، فما تأثير نجاح الاتحاد الأوروبي في إيجاد البدائل على الاقتصاد الروسي المعتمد بشكل أساسي على صادراته من الطاقة.

شبكة “بلومبيرغ” الأميركية، نقلت عن مصادر غربية أن “أزمة نقص الغاز” في أوروبا، ستستمر حتى عام 2025 على الأقل، وسط تحذيرات من نفاذ الاحتياطيات الأوروبية بوتيرة أسرع، مع بداية فصل الشتاء.

خطة بديلة

مسؤولون في شركات الطاقة، أكدوا أن الاتحاد الأوروبي عازم على مواجهة الازمة، بدون الرضوخ للجانب الروسي، وقال رئيس أبحاث السلع في مجموعة “سيتي جروب” إد مورس، في مقابلة مع الشبكة الأميركية: “في وقت ما بين عامي 2025 و2027 سنرى الأسعار في أوروبا تعود إلى ما كانت عليه في بداية عام 2021، ذلك لأن الأمر سيستغرق وقتا لاستبدال الغاز الطبيعي المفقود من روسيا”.

الباحث في العلاقات الاقتصادية الدولية، حسن الشاغل، يرى أن نجاح الدول الأوروبية في تخفيض إيراداتها من الغاز الروسي، سيمثل ضربة موجعة لاقتصاد موسكو، لا سيما على المدى البعيد، مؤكدا في الوقت ذاته أنه لا يمكن لأوروبا الاستغناء بشكل كامل عن الغاز الروسي.

ويقول الشاغل في حديث خاص لـ”الحل نت”: “أوروبا تحاول حاليا البحث عن بدائل للغاز الروسي الطبيعي، من الدول المنتجة للغاز، لكن هذا الأمر صعب تحقيقه بسرعة، ويحتاج إلى وقت وتعديل في البنى التحتية الأوروبية”.

التأثير على اقتصاد روسيا

وفق الشاغل فإن روسيا قد تذهب لتقديم تنازلات للجانب الأوروبي، وذلك بسبب استفادتها الكبير من الواردات المالية الأوروبية من عمليات بيع الغاز.

وحول ذلك يضيف: “بطبيعة الحال روسيا مستفيدة من أوروبا من الواردات المالية من بيع الغاز، الطرفين لهما مصالح، ليس من مصلحة الروس خسارة السوق الأوروبية، بسبب عدم وجود بديل في الوقت الحالي، بنفس الوقت الاتحاد الأوروبي لا يملك بديل سريع عن الغاز الروسي”.

ويوضح الشاغل أن: “الخطة الأوروبية قد تهدف على المدى المتوسط، إلى تخفيض واردات الغاز من روسيا إلى نسبة قد تصل إلى 40 بالمئة، ما قد يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الروسي، لا سيما وأن 40 بالمئة من صادرات روسيا، هي من الطاقة”.

ويعتقد الشاغل أن أزمة الطاقة، قد تمتد لتصبح أزمة عالمية، ويختم حديثه بالقول: “أعتقد أن الأزمة ستستمر سنوات، السبب الأول الجفاف، وبالتالي توقف سدود كبيرة تنتج كهرباء، السبب الثاني البنية التحتية تحتاج لإعادة تطوير وتهيئة، فضلا عن سياسات الاتحاد الأوروبي للمناخ”.

سقف سعر للنفط الروسي

مجموعة دول السبع اتفقت مؤخرا، على إقرار آلية تحديد سقف لأسعار النفط الخام الروسي، في محاولة لإعادة ضبط أسعار الخام عالميا وخفض إيرادات روسيا من مبيعات النفط، حيث تسعى الدول الأوروبية إلى إلحاق “هزيمة اقتصادية” بروسيا، بعد الحرب التي بدأتها على أوروبا باستخدام الغاز الروسي التي تصدره للقارة الأوروبية.

قد يهمك: رئيسة وزراء جديدة لبريطانيا.. التفاصيل الكاملة

وبعد الإعلان عن هذه الخطوة علّقت روسيا تدفقات الغاز الطبيعي للقارة العجوز إلى أجل غير مسمى، وسط حرب اقتصادية بين الغرب، وموسكو بالتوازي مع استمرار روسيا في غزوها لجارتها الغربية أوكرانيا.

وأفادت شركة الطاقة الروسية “غازبروم“، الجمعة، إنها لن تستأنف التدفقات عبر خط أنابيب “نورد ستريم 1″، كما كان مخططا، لأنها رصدت تسربا نفطيا في محطة بورتوفايا، دون أن تذكر جدولا زمنيا لموعد استئناف صادرات الغاز، عبر خط “نورد ستريم 1″، المغلق منذ الأربعاء الماضي بسبب أعمال الصيانة.

وقالت “غازبروم” في بيان: “إلى أن يتم حل المشكلات المتعلقة بتشغيل المعدات، تم إيقاف إمدادات الغاز إلى خط أنابيب نورد ستريم1 تماما“.

الباحث في الشأن الاقتصادي، حسام عايش، رأى أن الدول الأوروبية، تسعى لتقليل استفادة روسيا من الارتفاع الكبير في أسعار النفط والغاز، ومردود ذلك على المجهود الحربي الروسي لأوكرانيا، مؤكدا أن هذا الإجراء قد يضع روسيا أمام ورطة حقيقية قد تتجاوز الجانب الاقتصادي.

وقال عايش، في حديث سابق مع “الحل نت“: “جاءت فكرة وضع سقوف لسعر النفط الروسي، لتقليل العائدات الروسية من بيع النفط، وبالتالي ضبط إيراد النقد الروسي من بيع الطاقة إلى الحد الأدنى، بحيث لا يسمح لروسيا الاستفادة بذلك في حربها بأوكرانيا“.

وتأتي هذه المواجهة في مجال الطاقة بين روسيا، وأوروبا منذ أن غزت الأولى أوكرانيا في أواخر شباط/ فبراير الماضي، وكانت روسيا قد هددت بالفعل بالانتقام من خلال حظر صادرات النفط إلى الدول التي تطبق سقفا للسعر.

وكان خط أنابيب “نورد ستريم 1″، أيضا مركزيا للصراع الاقتصادي المستمر بين روسيا، والغرب. فمنذ حزيران/يونيو الماضي، قلّصت “غازبروم“، التدفقات عبر “نورد ستريم 1″، إلى 20 بالمئة فقط من طاقتها، مشيرة إلى مشكلات الصيانة والخلاف حول نقص التوربينات إثر عقوبات التصدير التي فرضتها الدول الغربية.

تزوّد روسيا، أوروبا بنحو 40 بالمئة من احتياجاتها من الغاز، معظمها عبر خطوط أنابيب، وبلغت الإمدادات في العام الماضي نحو 155 مليار متر مكعب. وعن طريق أوكرانيا، يصل الغاز إلى النمسا وإيطاليا وسلوفاكيا ودول أخرى في أوروبا الشرقية، وأغلقت أوكرانيا خط الأنابيب “سوخرانوفكا”، الذي يمر في الأراضي التي تحتلها روسيا في شرق البلاد.

يذكر أن دول الاتحاد الأوروبي، كانت قد اتفقت على إجراءات طارئة لتقليل استخدامها للغاز في الشتاء المقبل بنسبة 15 بالمئة، بالتزامن مع استعداد أوروبا لمواجهة غموض يتعلق بإمدادات الغاز من روسيا، وتتطلب الخطة من الدول الأعضاء، خفض استهلاك الغاز طوعا بنسبة 15 بالمئة، بناء على معدّل خمس سنوات للأشهر المعنية، اعتبارا من شهر أيلول/سبتمبر الحالي، وخلال الشتاء التالي حتى آذار/ مارس المقبل.

اقرأ أيضا: من جديد أردوغان يهدد اليونان.. ما الأسباب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة