خلال اليومين الماضيين تداولت أنباء عن انتشار إصابات بالكوليرا في سوريا، وتحديدا في محافظة حلب، دون تأكيد رسمي أو نفي من الجهات الحكومية المعنية حتى الآن. لكن وسائل إعلام محلية، إلى جانب بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أكدت أن بعض المستشفيات في حلب استقبلت حالات إسهال مصحوبة بانخفاض في الضغط، وجفاف في بعض الحالات الأخرى، ما قد يؤدي إلى إصابة الكلى، وبالتالي هذا جزء من الأعراض المصاحبة للكوليرا.

إصابات كثيرة؟

مدير صحة حلب، الدكتور زياد الحاج طه، أكد أن: “هناك حالات استقبلتها بعض المستشفيات الحكومية، وهذه الحالات مصابة بـ الإسهال الصيفي، الذي يحدث عادة في مثل هذه الأوقات بسبب موجات الحر الشديدة، وعوامل أخرى”، بحسب ما نقلته قناة “الخبر” قبل يومين.

وأشار الدكتور زياد الحاج طه، إلى أن “الأعراض تتراوح ما بين الخفيفة والمتوسطة، وأغلب الحالات تتعافى سريعا ويتم تخريجها في اليوم التالي”. زاعما إلى توافر العلاج والأدوية اللازمة بشكل كامل.

ووسط تعتيم من قِبل الجهات الحكومية حول انتشار الكوليرا، كشفت مصادر طبية مطّلعة، (فضلت عدم الكشف عن هويتها) للتلفزيون المحلي، أنه تم إجراء اختبار فحص الكوليرا السريع، على براز المرضى، وكانت نتيجته إيجابية. وتم أيضا إجراء اختبارات الزرع، والـ PCR اللازمة، والنتائج أكدت وجود الإصابات بالكوليرا.

في حين اكتفت وزارة الصحة، ومديرية صحة حلب، بنشر بعض النصائح والإرشادات الوقائية “لتجنب الإصابة بالاضطرابات الهضمية والأمراض المنقولة بالغذاء”، بحسب ما ذُكر عبر منصاتهما وصفحاتهما الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، دون توضيح رسمي للأمر.

واللافت أن بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أكدوا من مصادر طبية محلية من حلب، انتشار الكوليرا، فيما لم تصدر وزارة الصحة السورية بيانا رسميا بهذا الشأن حتى اللحظة. وأضاف النشطاء: “للأسف، تأكدت أنباء انتشار الكوليرا أو ما يشبه أعراض الكوليرا في حلب ومحيطها، وأكد الخبر عدد من الأطباء في المحافظة”.

مشفى “الرازي” بحلب وطالة “سبوتنيك”

وحول انتشار الخبر بين المواطنين، فقد أشار مدير صحة حلب، إلى أنه “إجراءات التقصي والتدقيق في الحالات الواردة إلى بعض المشافي، تبيّن أن الأقاويل والأرقام المتداولة بين الناس وعبر مواقع التواصل الاجتماعي مبالغ بها”، على حد وصفه للتلفزيون المحلي.

في غضون ذلك أكد مصدر طبّي مطلع، أنه تم تخصيص جناحَين لاستقبال تلك الحالات في المشافي الحكومية، وأن الأسِرّة في الأقسام المخصصة، والتي يقارب عددها الـ 60 سرير، كانت ممتلئة يوم الأحد الفائت.

وأضاف المصدر ذاته للتلفزيون المحلي، أن: “هناك تعميم للمشافي، يُلزم باستقبال أي حالة تعاني من إسهالات مائية، بهدف تقديم كل العلاجات اللازمة.

كيف ينتشر “الكوليرا”؟

في المقابل، أشار ناشطون نقلا عن مصادر محلية إلى أن مستشفى “الرازي” في حلب، مليء بحالات الكوليرا، مما أدى إلى توقف المستشفى عن عمليات الباردة، وعزله، وتخصيصه لحالات الكوليرا فقط. وعزا ناشطون سبب انتشار حالات شراء السكان لألواح ثلجية من مصادر مجهولة، إضافة إلى خضروات تسقى من مياه المجارير.

ويُعد الكوليرا مرض معدٍ، يصيب الصغار والكبار، تسببه جراثيم عصوية الشكل تسمى “ضمة الكوليرا”، تعيش في الظروف الطبيعية بالماء الآسن عند مصبات الأنهار، ومناطق التقائها بالبحار والمحيطات.

وتنتقل بكتيريا “ضمة الكوليرا”، إلى الشخص السليم عن طريق مياه الشرب أو الخضراوات أو الفواكه الملوثة ببقايا براز أشخاص مصابين، أو عن طريق تناول الأطعمة المكشوفة، وفق مصادر طبية.

كذلك، يموت المرضى المصابون بإصابات شديدة بـ”الكوليرا” في غضون ثلاث ساعات، إذا لم يتم تقديم العلاج الطبي اللازم.

وبالعودة إلى مدير صحة حلب، الدكتور زياد حاج طه، فقد نوّه إلى أنه:”تم عقد اجتماع في مجلس محافظة حلب، جرى خلاله توزيع المهام على القطاعات المعنية، كلّ بحسب اختصاصه، بحيث تم اتخاذ كافة التدابير الوقائية اللازمة، إلى جانب جولات الرقابة التموينية المستمرة”. لافتا إلى أنه “تم إغلاق عدد من معامل الثلج التي تستخدم مياه من مصادر مائية غير مضبوطة”.

كما وأشار الدكتور زياد حاج طه، إلى أنه “يجري إتلاف جميع الحشائش والخضروات التي تمت سقايتها بمياه الصرف الصحي، وذلك بالتنسيق والتعاون مع المكاتب المعنية في مجلس محافظة حلب”، حسب زعمه.

كما وقد أكدت مصادر مطّلعة لتلفزيون “الخبر” المحلي، أن هناك 10 معامل للثلج، اثنان منهم استخدما مياه ملوثة وتم ضبطهما أصولا، في حين أن لا معلومات واضحة حول ما إذا كان عدد المعامل المخالفة أكثر من اثنين.

هذا وقد كشف رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق، عبد العزيز المعقالي، لموقع “أثر برس” المحلي، في وقت سابق أن “50 بالمئة، من الفلاحين يستخدمون مياه الصرف الصحي في ري مزروعاتهم الورقية كالبقدونس، والنعنع، والخس، والسلق، والملوخية وغيره”.

ولفت، إلى أن “السبب في ذلك يعود لعدم قدرتهم على شراء المازوت لتشغيل المولدات إضافة لانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة لذلك لا يمكن استجرار المياه النظيفة من الآبار الارتوازية”.

في إطار انتشار الكوليرا، عادة ما يتطور المرض من البراز السائل إلى التجفاف، والصدمة (هبوط في الدورة الدموية) في غضون أربع إلى 12 ساعة، وتحدث الوفاة في غضون 18 ساعة إلى عدة أيام، ما لم يقدم العلاج بالسوائل عن طريق الفم، أو الوريد حسب الحالة.

بركة لمياه الصرف الصحي قرب محطة معالجة للصرف الصحي على طريق درعا الدولي، التي تعرضت للقصف المتكرر “إنترنت”

وتعتبر الجراثيم الموجودة في براز الشخص المصاب المصدر الرئيس للتلوث، فتحدث العدوى عن طريق تلوث مياه الشرب بالفضلات البشرية التي تحتوي على جرثومة الكوليرا، أو عن طريق دخول الجرثومة بطريقة مباشرة عبر الفم باستعمال أدوات ملوثة به أو تناول طعام ملوث نيء، أو غير مطبوخ جيدا.

وتبقى الجراثيم موجودة في براز المصاب لمدة تتراوح بين أسبوع وأسبوعين من العدوى، ولأن ثلاثة أرباع المصابين بالكوليرا لا تظهر لديهم الأعراض، فإنهم ينقلون العدوى دون أن يعلموا أنهم مصابون، وهذا يزيد من انتشارها.

قد يهمك: بورصة لتكاليف عمليات القلب في سوريا

لا انتشار في الحسكة

في سياق انتشار الكوليرا في سوريا، بحسب مصادر صحفية محلية وناشطين، ظهرت الحالات في حلب فقط، حيث نفت مصادر طبية تسجيل حالات إصابة بالكوليرا في محافظتي دير الزور، أو الحسكة، مشيرة إلى أن الحالات التي تم تحويلها إلى المستشفيات حالات إسهال شديد لأسباب متعددة، وفق ما نقله موقع “أثر برس” المحلي، اليوم السبت.

هذا ونقل “أثر برس”، عن مصادر في مديرية صحة الحسكة بأن عددا كبيرا من حالات الإسهال الحاد راجعت النقاط الطبية التابعة للحكومة السورية، وقد أُجري اختبار مرض الكوليرا لحالتين منها تم الاشتباه بهما نتيجة تداخل الأعراض.

وأشارت المصادر، إلى أن وزارة الصحة سلمت المديريات “اختبارات الكوليرا”، نتيجة ارتفاع عدد حالات الإسهال المسجلة في المنطقة، والتي يكون ارتفاعها في فصل الصيف متوقعاً نتيجة أسباب عدة منها استخدام المياه الملوثة وغير موثوقة المصدر.

وفي السياق نفسه أكدت مصادر طبية في مديرية الصحة بدير الزور عدم وجود أي إصابة بالكوليرا ضمن مناطق سيطرة الحكومة السورية في المحافظة، وفق ما أورده موقع “أثر برس”.

قد يهمك: عدا أجور المواصلات.. 100 مليون تكلفة دراسة الطب في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.