في خضم استمرار حملة “الإنسانية والأمن”، التي أطلقتها قوى الأمن الداخلي (الأسايش) التابعة لـ”الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا، لملاحقة خلايا تنظيم “داعش”، في مخيم “الهول” بريف الحسكة، بعد أن صار المخيم مصدر “خطر دائم” يستغلّه التنظيم في عمليات التجنيد ونشر “أفكاره التحريضية”، أكّدت القيادة المركزية الأميركية من أن الحل الأكثر ديمومة بالنسبة لمخيم “الهول”، هو إعادة البلدان الأصلية لمواطنيها وإعادة تأهيلهم ودمجهم، وأن المخيم يمثل تهديدا حقيقيا للمنطقة.

تهديد وكارثة إنسانية

القيادة المركزية الأميركية، أفادت، إن الحل الأمثل بالنسبة لمخيم “الهول” شرقي الحسكة، هو إعادة مواطنيها لبلدانهم الأصلية ومن ثم إعادة تأهيلهم وإدماجهم في مجتمعاتهم الأصلية.

وذكرت القيادة المركزية، أنه لا يوجد حل عسكري للتهديد الذي يمثله مخيم “الهول”، حيث وجود الآلاف من عائلات مقاتلين سابقين بتنظيم “داعش”، في بيان نشرته، اليوم السبت.

وحذّرت القيادة المركزية في بيانها، من أن المخيم يمثل تهديدا حقيقيا للمنطقة “كارثة إنسانية”، حيث يتواجد فيه 56 ألف شخص، أكثر من 90 بالمئة، منهم من النساء والأطفال، وسط ارتفاع شديد لدرجات الحرارة، وشح كبير في المياه.

ووفق البيان الأميركي، فإن تنظيم “داعش” يسعى لاستغلال الظروف في المخيم، إلى جانب أن الشباب فيه عرضة للتطرف نظرا لنمط عيش حياتهم، كما يعد الجيل القادم في المخيم أرضا خصبة لإعادة إحياء التنظيم.

هذا وهناك حوالي 80 ولادة في المخيم كل شهر، رغم أن 70 بالمئة من السكان هم تحت سن 12 عاما، ويرفض القاطنون في مخيم “الهول” تنظيم “داعش” ويريدون العودة إلى أوطانهم، للعمل وإعادة أطفالهم إلى المدارس، وفق بيان القيادة المركزية الأميركية.

الحملة الأمنية مستمرة

في سياق متّصل، فقد جاء في مقدمة البيان تعازي القيادة الأميركية لعائلات عنصرين من “قوات سوريا الديمقراطية”، (قسد) قُتلا بالأسلحة النارية في المخيم، يوم أمس الجمعة.

من جانبها، تستمر “قسد” في مهمتها في عملية “تطهير” المخيم من تنظيم “داعش”، ما سيجعله أكثر أمانا لجميع السكان، ونوّهت القيادة المركزية، إنها تواصل العمل مع “قسد”، لمعالجة الأوضاع الأمنية في المخيم وكذلك الظروف الإنسانية، طبقا للبيان المنشور.

وفي أواخر آب/أغسطس الفائت، أطلقت قوى “الأسايش”، بشمال شرقي سوريا، عملية أمنية تحت عنوان “الإنسانية والأمن”، لملاحقة خلايا “داعش” في مخيم “الهول”، وأُطلقت الحملة بدعم من “قسد”، والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.

من جانبها، قالت قوى “الأسايش”، إن هذه الحملة هي المرحلة الثانية من عملية “الإنسانية والأمن”، وذلك بعد أن بات المخيم مصدر “خطورة دائمة”، يستغله التنظيم في عمليات التجنيد، ونشر “أفكاره التحريضية”، وفق بيان إعلان إطلاق الحملة.

قد يهمك: لإخراجهم من المخيم.. افتتاح مكتب لشؤون اللاجئين العراقيين في مخيم الهول بريف الحسكة

“داعش” يستغل الظروف

ضمن السياق، حذرت باحثة في مجال الإرهاب، من مخاطر ممارسات النسوة المتشددات (زوجات داعش)، في مخيم “الهول”، التي يستخدمهن تنظيم “داعش” الإرهابي، كأحد موارده لإعادة دويلته المزعومة مجددا.

وقالت لامار أركندي، صحفية من سوريا، وباحثة في مجال الإرهاب، في حديث سابق لموقع “الحل نت”، إن زوجات تنظيم “داعش” السابقات تشكلن نسبة كبيرة من سكان مخيم “الهول”، ويستخدم التنظيم هذه النسبة كأحد موارده في المخيم، وسلاح هام في إطار ايديولوجيته التوسعية.

وأضافت أركندي، أن التنظيم لازال حيّا، ويمارس مهامه في المخيم الذي يشهد حوادث قتل متكررة ومنها قبل أيام، حيث عُثر على جثة امرأة، تم فصل رأسها عن جسدها، وهي نازحة من الجنسية العراقية.

وفي وقت سابق، عثرت قوى “الأسايش”، على جثة امرأة مقطوعة الرأس، في المخيم، حيث سُجل منذ بداية العام الجاري، حوالي 20 جريمة قتل بين نازحين سوريين، ولاجئين عراقيين، بينهم مسعف في نقطة طبية للهلال الأحمر الكردي، و 9 عراقيين، وغالبيتهم قتلوا بأسلحة نارية.

قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا قرب مخيم “الهول” شرقي الحسكة- 9 من أيلول/سبتمبر 2022 (U.S. Central Command)

وأشارت أركندي، إلى أن هذه الحادثة وغيرها من الحوادث التي يشهدها المخيم بشكل متكرر، يؤكد أن “داعش”، لا زال حيّا، ويمارس تعاليمه في جلباب نسائه، اللواتي تحكمن دويلة “الهول”، وتقتلن كل من يرفض أيديولوجية التنظيم.

وقالت أركندي، إن “الحسبة”، أو القوى الأمنية (الشرطة النسائية) التابعة لتنظيم “داعش”، لازالت تمارس مهامها في المخيم وتعقد محاكمات، وتصدر عقوبات غالبيتها القتل والجلد، وهي عقوبات عنيفة بحق المخالفين لعقيدته، على حد تعبيرها.

وأضافت، أن هذه النسبة من المتطرفات تشكلن خطرا على النساء المتواجدات داخل المخيم، لا سيما على الراغبات في العودة إلى بلادهن، وإظهارهن التوبة، والعودة عن التنظيم تكون نهايتهن غالبا القتل.

وحذرت أركندي، من المخاطر على الأطفال الذين يعيشون مع تلك النسوة المتشددات، اللواتي تحرصن على زرع أفكار التنظيم في عقول الأطفال، وتربيتهم على أساس أنهم اللبنة الأساسية في إعادة بناء دولة الخلافة المزعومة مستقبلا.

أما الأطفال الذكور البالغين، يجبرون على ممارسة الجنس مع نساء “داعش”، بأوامر النسوة المتشددات، كونهن يعتبرن أن هؤلاء الأطفال هم المقاتلون المستقبليون الذين سيعيدون دولة الخلافة بحسب زعمهم، وتعمد النسوة المتشددات في المخيم، إلى التهديد والوعيد للأطفال إما بممارسة الجنس أو القتل، وهذه الحالات تندرج تحت جريمة الاغتصاب، وهي مضاعفة في حال كانت الضحية طفلة، وفق قول الباحثة.

وأن الأطفال الذين ولدوا خلال فترة حكم تنظيم “داعش”، وأعدادهم بالآلاف وهم مجهولي النسب، هم القنبلة الأكثر خطورة، حيث كانت المرأة “الداعشية”، تتزوج خلال اليوم الواحد بأكثر من رجل من خلال “جهاد النكاح”، وفق أركندي.

جنرال أميركي يتجول في “الهول”

في سياق متّصل، زار الجنرال في القوات الأميركية التي تقود التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” في سوريا والعراق، مايكل إريك كوريلا، مخيم “الهول” يوم أمس الجمعة.

كوريلا، قال إن التحالف الدولي يواصل العمل مع “قسد”، لمعالجة الأوضاع الأمنية في المخيم وكذلك الظروف الإنسانية، واعتبر أن المخيم “يمثل تهديدا حقيقيا للمنطقة، وإن المخيم يشهد عملية أمنية واسعة النطاق ستجعل منه أكثر أمانا لجميع السكان، وفق تعبيره.

زيارة الجنرال في القوات الأميركية مايكل إريك كوريلا لمخيم “الهول” بريف الحسكة (التحالف الدولي)

ومنذ كانون الثاني/يناير 2021، تلقت الأمم المتحدة، بلاغات عن 90 حادثة قتل، لسكان سوريين وعراقيين في المخيم، بمن فيهم عاملان إغاثيان على الأقل، وأصيب كثيرون آخرون بجراح خطيرة، وفقا لتقارير دولية.

وفي الثالث والعشرين من آذار/مارس الفائت، حذرت منظمة “سايف ذي تشيلدرن-أنقذوا الأطفال”، من بقاء أطفال عناصر “داعش”، عالقين في المخيمات لثلاثين عاما.

ومخيم “الهول”، هو أكبر مخيم للاجئين والنازحين داخليا في سوريا، أكثر من نصفهم دون سن 18، ويقطن في المخيم نحو 56 ألف شخص، منهم 36 ألفا دون سن الثامنة عشر، وفقا لمسؤول المخيمات، حيث أفاد أن المخيم يضم نحو 56,567 شخص، وأن عدد العوائل15,471 عائلة، وفق مسؤول المخيمات.

قد يهمك: “داعش” لازال حيا في جلباب نسوة التنظيم في مخيم الهول شرقي سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.