يبدو أن مصطلح “ارتفاع الأسعار”، سيبقى مرافقا ليوميات المواطن السوري، إذ لم يعد ارتفاع الأسعار “الجنوني”، محصورا بالسلع والمواد، بل طال أسعار صيانة الأدوات، والأجهزة الكهربائية التي لا تخضع لأي رقابة من قِبل الجهات المعنية في حكومة دمشق، حيث تجاوزت تكلفة إصلاح براد، 300 ألف ليرة، وسط انهيار الليرة السورية أمام النقد الأجنبي، وتدني مستوى الرواتب والمداخيل.

أعطال متكررة

ضمن السياق، أوضح أحد المواطنين أن معظم الأدوات والمعدات الكهربائية، صينية من نوع وسط وأعطالها الميكانيكية والكهربائية كثيرة، وقطع التبديل سيئة وأحيانا يقومون بإصلاح القطعة أكثر من مرة خلال فترة قصيرة، وتكلفة إصلاح غالية جدا والذريعة أن أسعار المواد والسلع ارتفعت عالميا، متسائلا عن رقابة الأسواق والتسعيرة، وفق ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأحد.

فيما اعتبر آخر، أن القطع التبديلية في الأسواق رديئة للغاية، وتتلف بعد فترة قصيرة من الاستخدام، وقال: “هناك العديد من حالات الغش والمواطن لا حول له ولا قوة، لأن هذه المهنة بدون محاسبة أو رقابة، وكل صاحب مهنة يسعّر حسب مزاجه، وتتفاوت الأسعار وترتفع مع ارتفاع الأسعار”.

بحسب التقرير المحلي، فإن تكلفة إصلاح ثلاجة، تتجاوز 200 ألف ليرة، والبراد، 300 ألف ليرة، ومحرك البراد يباع وفق سعر الصرف الرائج بـ 330 ألفا، ولوحة غسالة بـ 600 ألف ليرة.

وأشار التقرير، إلى أنه نظرا لارتفاع تكلفة الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، لجأ المستهلك إلى استبدالها بدلا من إصلاحها لأن تكلفة الإصلاح لا تعد ولا تحصى مقارنة بشراء جهاز كهربائي، أو إلكتروني جديد.

بدوره، المهندس وضاح الخير، المشرف على ورشة صيانة، قال في تصريحات صحفية سابقة، إنه لا توجد لوحة إلكترونية “بورد”، جديدة سواء للغسلات أو البرادات في سوريا حاليا، وإن وجدت فتكلفتها ما لا يقل عن 500 ألف ليرة سورية، وكلفة تركيبها ستبلغ أكثر من 100 ألف ليرة.

أما تكلفة استبدال المضخة، ورولمان، وقشاط فتبلغ حوالي 100 ألف ليرة، إذا ما تم إحضار الغسالة إلى مركز الصيانة، أما تكاليف الذهاب إلى المنازل لإجراء الصيانة، تبلغ بحدود 30 ألف ليرة سورية، على حد قول الخير.

أما بالنسبة للثلاجات، فإن تكلفة محرك التبريد، بحسب الحجم والنوع، إن وجد، ارتفعت إلى 300 ألف ليرة، كما ارتفعت أجور التركيب إلى 100 ألف ليرة، وارتفع سعر الغاز الصناعي المستخدم في ملئ الثلاجة إلى مستويات قياسية جديدة.

قد يهمك: المقايضة بين الدقيق والنخالة تقضي على فرص تحسن الخبز السوري

التهرب من المسؤولية

في المقابل، قال رئيس جمعية حماية المستهلك، عبد العزيز المعقالي، أن “الموضوع مبهم ويخضع لصاحب المهنة، وكجمعية لسنا مسؤولين عن رقابة ورش إصلاح الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، بل تعود رقابتها إلى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك”.

وأردف المعقالي، أنه لا توجد معايير لتسعير إصلاح الأدوات والمعيار الأساسي، هو الشكاوى المقدمة من المستهلك، مشيرا إلى أن هناك العديد من الشكاوى وردت إلى الجمعية بسبب تقاضي بعض أصحاب المهن أجوراً زائدة، ومن دون فواتير وتمت مراسلة الجهات المعنية، ومازال الموضوع متعلقا بالحرفي والمهني نفسه.

صورة لصيانة الأجهزة الكهربائية “إنترنت”

واعتبر المعقالي، أن المشكلة الأكبر هي أن معظم أصحاب هذه المهن ليس لديهم سجل تجاري أو صناعي، وعملهم فردي أي عبارة عن محلات، أو أحيانا حتى بدون محلات يتم استدعاؤهم على الهاتف مما يسبب مشكلة في السيطرة على العديد من الشكاوى التي يتم التعامل معها بشكل فردي، هذا فضلا عن غياب تعليمات ناظمة لهذا الموضوع من الوزارة السورية، يبقي الأمر مرهونا بعدم الانضباط.

أسباب غلاء الصيانة

من جهته قال رئيس الاتحاد العام للحرفيين، ناجي الحضوة، إن هؤلاء لهم جمعية تسمى جمعية الكهرباء والإلكترونيات، وهي مرخصة في كل محافظة وهناك جمعية صيانة الموبايلات وجمعية لف المحركات وغيرها من الجمعيات.

وأشار الحضوة، إلى أن التسعير ليس ملزما لها خاصة أن هناك ارتفاعاً بأسعار كلف القطع عالميا، إضافة لأجور الخبرة وثمن المواد الأولية، هو السبب وراء هذا الارتفاع إضافة إلى ارتفاع أجور الشحن للبضائع، إلى جانب الضرائب وأجور المحال وأجور فك وتركيب وغيرها من المصاريف، حتى إن بعض المحال تطلب من الزبون شراء القطعة وهي مسؤولة عن تركيبها فقط، على حد وصفه للصحيفة المحلية.

وبشأن ضرورة وجود رقابة على هذه المحال من الجمعيات، أكد الحضوة، ضرورة أن تكون هناك متابعة لكن لا توجد رقابة قضائية على هذه المحال.

قد يهمك: سوريا.. “كسر عضم” بين التُجّار والتموين في أسعار الفروج

استغلال للأوضاع

من جانب آخر، الكثير من المواطنين الذين يمتلكون أدوات كهربائية مستعملة منذ عقود يسعون لتصليحها بأي شكل من الأشكال، لأن تكلفة غسالة جديدة حوالي 3 ملايين ليرة.

المواطن حسين زين الدين، قال في تصريحات صحفية سابقة، إن إحدى شركات الصيانة سبّبت له ضررا مضاعفا، وكلّفته أموالا لإصلاح الثلاجة مرتين، ولم تعد إلى سابق عهدها، مبينا أنه بسبب الطلب المتزايد على خدماتهم لتصليح الثلاجات ومكيفات الهواء، خصوصا في فصل الصيف، فإن العلاقات مع متخصصين في الصيانة تشكل تحديا كبيرا، إذ نادرا ما يفون بوعودهم.

من جهته، ذكر الدكتور لؤي إبراهيم، الأستاذ بجامعة دمشق، أن هناك أدوات كهربائية منخفضة الجودة في السوق، وأن مهنة صيانة الأدوات الكهربائية لا تزال مطلوبة، فمعدل أجور الساعات في صيانة الأجهزة الإلكترونية والكهربائية، أعلى من معدل ساعات الأستاذ الجامعي، وفق تقارير محلية سابقة.

وفي خضم كل القضايا الاقتصادية التي يعاني منها السوريون ومن بينها محدودية قوتهم الشرائية، بسبب انخفاض سعر صرف الليرة السورية إلى أدنى مستوى له أمام الدولار، وعدم توفر السيولة النقدية لديهم والتضخم السريع واليومي لكل شيء، فإن انقطاع التيار الكهربائي يزيد من معاناتهم بسبب الضغط النفسي، الذي يفرضه عليهم بإبقائهم في الظلام ليلا، أو حرمانهم من التدفئة خلال الشتاء أو التبريد في الصيف إلى جانب فساد الطعام، أو عفنه في البرادات والثلاجات. ويأتي موضوع تصليح الأجهزة الكهربائية، كعبء إضافي، يثقل ساعد السوريين، ويذهب قليل ما في جيوبهم إلى ما هم بغنى عنه، ولكن لا مفر من ذلك.

قد يهمك: “عشر سنوات لجمع المَهر”.. عن التكاليف الباهظة للزواج في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.