رغيف الخبز وجودته في سوريا كالدوران في حلقه مفرغة، فالعلاقة المعقدة بين المطاحن الحكومية العامة والمطاحن الخاصة لا تزال ضبابية بسبب العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها، بما في ذلك نقل الخميرة لمسافات طويلة دون تبريد، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى إنتاج خبز دون المستوى، بدليل أن النواتج ما زلت تشكل مادة علفية للمواشي.

مطحنة من نصف قرن

الأهالي في سوريا يضطرون للتوجه إلى الباعة المتجولين، للحصول على الخبز بشكل أسرع، وذلك بسبب الازدحام الكبير، والطوابير الطويلة أمام المخابز، حيث يضطر المواطن للوقوف حتى خمس ساعات يوميا للحصول على مخصصاته من المادة.

وفق ما نقلته صحيفة “تشرين” المحلية، أمس الجمعة، عن مدير فرع السورية للحبوب في محافظة حماة، خالد جاكيش، فإن الحكومة لا تزال تستأجر المطاحن الخاصة لتأمين وتوفير الاحتياجات المطلوبة من الطحين بالمحافظة والمقدر بـ 800 طن يوميا.

وأرجع جاكيش، سبب ذلك، لعدم قدرة مطحنة السلمية على تأمين هذه الكمية بمفردها على الرغم من أنها أفضل طاحونة حكومية في سوريا، لأن عمرها الزمني تعدا النصف قرن تقريبا دون أي صيانة، فقد تآكلت بعض أجهزتها.

إضافة إلى ذلك، قال جاكيش، أن مطحنة “كفر بهم”، قادرة فقط على إنتاج 30 طنا من الدقيق في وقت واحد بسبب وضعها التقني البالغ الصعوبة. فمنذ أن تم بناؤها في منتصف الستينات من القرن الماضي، تضطر المؤسسة إلى التعاقد مع المطاحن الخاصة لتلبية احتياجات المنطقة من الطحين.

لماذا المقايضة؟

حول مقايضة الدقيق بالنخالة، رد جاكيش، أن الإدارة العامة السورية للحبوب وبعض تجار النخالة اتفقوا على عملية تبادل، حيث إن كل طن واحد من الدقيق يأتي معه طنا واحدا و900 كغ من النخالة، ولكن عن كيفية بيعه لمربي الحيوانات مسألة أخرى تحددها “حماية المستهلك”، حسب قوله.

وعند سؤاله عما إذا كان قد حدث تحول في تسعير النخالة بعد ارتفاع أسعار القمح، أجاب جاكيش: “هناك فكرة تشير، أن لاتخاذ قرار بهذا الصدد”.

ووفقا لأحد مربي الماشية، يشتري التجار كيلو النخالة بأقل من 750 ليرة، وبأكثر من 850 ليرة، في أسوأ الأحوال من الأفران والمطاحن، في حين أن الكيلو يباع من قِبل الجمعيات الفلاحية ب 1350 ليرة.

الخميرة وجودة الخبز

بالنسبة إلى تأثر جودة الخبز، فقد نقلت الصحيفة، عدة شكاوى من المخابز بسبب سوء الخميرة التي تؤثر على خواص صناعة الرغيف. فطبقا لما قاله مدير مخابز حماة، هيثم إسماعيل، فإن الخميرة تصل إلى 242 مخبزا وفرنا في المحافظة مجمدة.

وذكر إسماعيل، أن الخميرة تُنقل مرة في الأسبوع من مصنع حمص إلى المخابز، لكن الصحيفة أكدت عكس ذلك، قائلة “رأينا بأم أعيننا كيف يتم نقل الخميرة في سيارات مكشوفة، وغير مبرّدة وسط درجات حرارة عالية جدا، وهذا بالتأكيد سيؤثر على سوية صناعة الرغيف. فعندما تكون حامضة، مثلا سينتج عنها رغيف ليس جيدا”.

وعليه لا يزال هنالك الكثير من الأسئلة التي لا جواب عنها حول صرف منتجات الدقيق من النخالة، ولماذا تؤجر دائما المطاحن الخاصة بدلا من تجديد المطاحن الحكومية. أما بالنسبة لقطاع الخبز، فلم يقنعه مدير مخبز حماه بأن الخميرة لا تتأثر بحرارة الشمس ويمكن أن تدوم لفترات طويلة. واهتمامه بمعرفة المشتكين يوحي بأنه لا يفهم أساس الشكوى.

الجدير ذكره، أنه يتوافر في سوريا نوعان من الخبز. الأول، هو العادي المدعوم من الحكومة، وتقوم ببيعه المخابز العامة والخاصة التي تحصل على الدعم الحكومي لمادة الطحين والمازوت. وفيما يُعرف هذا النوع بكونه أصلا رديئا، أما النوع الثاني المسمى “خبز سياحي” يتميز ببياض لونه وجودته العالية، وهو يُعرف بالسياحي نظرا لغلاء سعره، إذ تصل سعر الربطة منه الآن إلى نحو 3000 ليرة سورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.