بعد أن أصدرت الدول الأوروبية الثلاث، بريطانيا وألمانيا وفرنسا، بيانا يوم أمس السبت، وصفت فيه الوضع الحالي لتوسيع برنامج إيران النووي، بأنه “يفتقر إلى مبررات مدنية”، وأن إيران وراء “فشل المفاوضات النووية”، رفضت إيران، ذلك البيان واصفا إياه، بأنه “غير بنّاء”.

إيران تعرقل المفاوضات؟

الدول الأوروبية الثلاث، أعلنت السبت، أنه بسبب ما قامت به طهران، وإفشالها إبرام الاتفاق، فإنها ستتشاور مع شركائها حول أفضل طريقة لمواجهة تصعيد التوترات، وتهديدات إيران النووية.

وأضافت في بيانها، أن الحزمة النهائية التي قدمها منسق مفاوضات إحياء الاتفاق النووي، شملت تغييرات في النصوص السابقة، والتي كانت أقصى مرونة من الجانب الغربي.

أشارت الدول الأوروبية الثلاث إلى أن لديها “شكوكا جدية”، في نوايا إيران، إزاء إحياء الاتفاق النووي.

وجاء في البيان، أنه رغم ذلك فإن إيران، اختارت عدم انتهاز فرصة دبلوماسية حاسمة، وواصلت التصعيد في برنامجها النووي بما يتجاوز بكثير ما يمكن تبريره بشأن سلمية البرنامج النووي لديها. مؤكدة، أنه “بينما كنا نقترب من إبرام اتفاق، فتحت إيران مجددا قضايا منفصلة مرتبطة بتعهداتها الدولية”.

من جانب آخر، قال دبلوماسيون، إن ردّ إيران على منسق الاتحاد الأوروبي، كان خطوة إلى الوراء مع سعيها إلى ربط إحياء الاتفاق بإغلاق تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في آثار اليورانيوم التي عُثر عليها في ثلاثة مواقع.

قد يهمك: تطورات جديدة في ملف الاتفاق النووي مع إيران

رد إيران

في المقابل، ذكرت وسائل إعلام إيرانية، أن إيران رفضت بيانا أصدرته فرنسا وبريطانيا وألمانيا، الذي صدر يوم أمس السبت، وقالت فيه، إن مطالب طهران، تهدد محادثات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى العالمية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، إن البيان “غير بنّاء”، لافتا “ننصح الدول الأوروبية الثلاث بلعب دور أكثر فاعلية فيما يتعلق بتقديم حلول لإنهاء الخلافات القليلة المتبقية”، وفق ما نقلته وكالة “رويترز”.

هذا وعبّرت القوى الأوروبية الثلاث في بيانها عن إحباطها من مطالبة إيران، في المحادثات النووية بأن تغلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التابعة للأمم المتحدة تحقيقا في آثار اليورانيوم، المكتشفة في ثلاثة مواقع.

رد روسيا

ضمن السياق ذاته، قال المبعوث الروسي إلى المحادثات النووية، ميخائيل أوليانوف، للرد عبر منصة “تويتر” واصفا إياه، بأنه “جاء حقا في وقت غير مناسب تماما”. لكنه قال، إن ما يبدو حاليا حجر عثرة أمام المحادثات “لا يمثل عقبة خطيرة”.

من جانبه، قال الدبلوماسي الفرنسي، الحاضر في هذه المفاوضات، ردا على نظيره الروسي، إنه منذ رد إيران الأخير، لم تكن هناك “مفاوضات نشطة”.

جانب من المفاوضات النووية الإيرانية في العاصمة النمساوية فيينا مايو 2021 “رويترز”

وكتب الدبلوماسي الفرنسي الموجود في مفاوضات إحياء الاتفاق النووي، فيليب هيريرا، على “تويتر”، ردا على ميخائيل أوليانوف: “أنت تعرف أكثر من أي شخص آخر أن هذا غير صحيح، منذ رد إيران الأخير، لم تكن هناك مفاوضات نشطة”.

وردا على نظيره الفرنسي، كتب ميخائيل أوليانوف، على “تويتر”: “بالطبع أنا على علم برد إيران، وأنا مقتنع تماما بأن هذا ليس عقبة خطيرة في الطريق إلى اليوم الأخير. يمكن إيجاد حل بسهولة”، مضيفا: “أتفق معك في نقطة واحدة، لم تعد هناك مفاوضات نشطة. هذا خطأنا”.

رد أميركا

وحول الردود على البيان الأوروبي بخصوص المفاوضات النووية الإيرانية، أيدت أميركا البيان النقدي لثلاث دول أوروبية بشأن نهج إيران، في المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، لـ”صوت أميركا”: “نتفق مع الدول الأوروبية الثلاث على أن إحياء الاتفاق النووي لا ينبغي أن يكون مشروطا بإعلان إغلاق تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية في اكتشاف جزيئات اليورانيوم، في ثلاثة مواقع نووية إيرانية”.

وكان الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، قد أكد خلال الأسبوع الماضي على مطالب بلاده بالمفاوضات النووية، مبيّنا أنها تشمل رفع العقوبات بشكل مستدام، والتحقق المطمئن من رفعها، والحصول على الضمانات الكافية، وإغلاق قضايا الضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأضاف رئيسي، في مؤتمر صحفي بمناسبة أسبوع الحكومة والذكرى الأولى لتشكيل حكومته، أن حكومته تعمل في مسارين في آن واحد، هما السعي لإفشال العقوبات الأميركية، الذي وصفها بأنها “ظالمة”، والمسار الثاني هو العمل على رفع هذه العقوبات عبر المفاوضات النووية.

وجدان عبد الرحمن، الخبير في الشأن الإيراني، أوضح خلال حديث سابق لـ”الحل نت”، أن تصريحات الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، كتصريحات تضيف شروطا اقتصادية بهدف تعطيل الحل من خلال جعل الشروط أكثر صعوبة، نابعة من الخطة، أو المشروع الذي أتى به التيار المتشدد في إيران، وعلى رأسه حسين شريعة مداري، رئيس تحرير صحيفة “كيهان”، المقربة من المرشد الإيراني، علي خامنئي، والداعي إلى تأخير التوقيع على الاتفاقية لمدة شهرين إضافيين على الأقل، ومن الواضح أن تصريحات رئيسي تدل على استجابته للمتشددين.

أضاف عبد الرحمن، أنه لو تم توقيع الاتفاق بين إيران والغرب، وعادت الولايات المتحدة إلى مجموعة “5+1” فإن ذلك لا يعطي ضمانات اقتصادية لإيران، أو ما يمكن تسميته الانتفاع الاقتصادي من توقيع الاتفاقية.

وأردف وجدان عبد الرحمن، أنه لو تم توقيع الاتفاق، فإن موضوع المواقع النووية الثلاث المشتبه بها والتي عُثر فيها على ذرات من اليورانيوم المخصّب ستبقي الملف مفتوحا أمام “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، أي أنه، الملف سيكون سيفا مسلطا على النظام الإيراني.

وأشار عبد الرحمن، إلى أن إيران بكل حال لن تستفيد من التوقيع على الاتفاقية من الناحية الاقتصادية، وحتى الأموال الإيرانية المحجوزة في الخارج فلن تتمكن من الوصول إليها ما لم يتم الإفراج عن السجناء السياسيين لديها، والفائدة الوحيدة من التوقيع على الاتفاقية هي الحفاظ على النظام الحالي، وتجنب احتمال حدوث ضربة عسكرية.

هذا وبعد 16 شهرا، من محادثات إيران المتعددة الأطراف مع الدول المشاركة في الاتفاق النووي والمفاوضات غير المباشرة مع أميركا لإحياء الاتفاق، قدم الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي اقتراحا نهائيا لكسر الجمود في هذه المفاوضات.

كما وقدمت إيران، وأميركا ردهما على هذا الاقتراح “النهائي”، من الاتحاد الأوروبي. لكن في ردها الأخير في 2 أيلول/ سبتمبر، طالبت إيران، بتلقي ضمانات من الولايات المتحدة، لإغلاق ملف الضمانات في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأمر الذي قلل من آمال الدول الأوروبية الأعضاء في الاتفاق النووي، والولايات المتحدة في إحياء هذا الاتفاق.

قد يهمك: تلاشي حظوظ التفاهم على الاتفاق النووي مع إيران

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.