أهالي ضحايا انفجار بيروت يتحركون قضائياً.. ولبنانيون يستعينون بالمغتربين من أجل الطاقة الشمسية

منذ أن ارتفعت الديون على الإدارات المتعاقبة لبنان، دون أن تسفر عن أي نتائج، يمر لبنان الآن بأزمة اقتصادية خطيرة، كان آخرها استعانة اللبنانيون بالمغتربين، أو بيع مقتنياتهم لتوفير كلفة الطاقة الشمسية، وفيما يخص ضحايا انفجار بيروت، شهدت الفترة السابقة تحرك أهالي الضحايا قضائيا بوجه وزيري العدل والمال.

شكوتين جزائيتين

لا تزال أُسر ضحايا انفجار مرفأ بيروت تصر على رفع دعواها ضد كل من تسول له نفسه القيام بتكتيكات وتزوير غير أخلاقي، من أجل إحباط التحقيقات وتحقيق العدالة في القضية، فقد تم هذه المرة اتخاذ الإجراء النهائي من خلال النظام القانوني، الذي تضمّن تعيين هنري خوري، وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال، ويوسف الخليل، وزير المالية، في شكايتين جنائيتين.

يوم أمس الثلاثاء، وردّا على ما قاله وزير العدل في مداخلة تلفزيونية متهما إياهم بالتسييس، تقدمت أسر الضحايا بشكوى جنائية أمام النيابة العامة التمييزية ضده بتهمة “التشهير والقذف”. حيث تقدم المحامي شكري حداد، بشكايتين جنائيتين ضد خوري، والخليل أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت، نيابة عن إحدى عائلات ضحايا انفجار 4 آب/أغسطس 2020.

وطالب الأهالي بإحالة الشكوى إلى المراجع المختصة لإجراء التحقيق مع المدعى عليه وزير العدل، الذين اتخذوا بوجهه صفة الادعاء الشخصي، وتوقيفه وإنزال أشد العقوبات بحقه، وحبسه وإلزامه بتقديم اعتذار علني من جميع أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت.

وأتت الشكوى “نتيجة إمعان وزير المال من حصة رئيس البرلمان نبيه بري، الحكومية، برفض توقيع التشكيلات القضائية من دون أي سند قانوني، كما إمعان وزير العدل من حصة الرئيس ميشال عون، الحكومية، استغلال هذا الواقع، وطرح حلول غير قانونية تأتي بهدف إفادة بعض الجهات المدعى عليها بملف تفجير مرفأ بيروت، وفي أي حال، أفعال الوزيرين تضرب بشكل صارخ مسار العدالة في هذه القضية”.

وكان وزير العدل اللبناني، قد شن هجوما قويا على الأهالي، متهما إياهم بالتحرّك لقاء قبض الأموال من جهات سياسية “تشغّلهم”، وفق تعبيره، وتؤمن لهم التنقل بسيارات ومواكبة، في حين وصف انفجار مرفأ بيروت بـ”الحادثة”، في تعبير عرّضه لكثير من الانتقادات تزامنا مع انهيار الوضع الاقتصادي مؤخرا.

بيع المقتنيات لتوفير كلفة الطاقة

لا يبدو أن لبنان سينتهي من أزمته الاقتصادية الخانقة في الوقت القريب، بل العكس هو السائد، آخرها قرار برفع الدعم عن الوقود في بلد الأرز، من قِبل “البنك المركزي” اللبناني، الأمر الذي سيؤثّر على الأهالي خصوصا مع اقتراب فصل الشتاء.

خلال الشتاء الماضي، كان أهالي منطقة تولا اللبنانية، يحظون بثلاث ساعات فقط يوميا من الكهرباء عبر المولدات الخاصة، ومتى حالفهم الحظ، بساعة أو ساعتين إضافيتين من مؤسسة كهرباء لبنان.

ولذلك، عملت مجموعة من المتطوعين على جمع مبلغ 100 ألف دولار من مغتربين لإقامة مشروع إنتاج كهربائي عبر الألواح الشمسية لتأمين تغذية بالتيار للبلدة، في ظل أزمة كهرباء خانقة في كل لبنان، ومتواصلة منذ سنتين.

ووفقا لما نقلته وكالة “فرانس برس” أمس الثلاثاء، عن المهندس إيلي جريج، وهو أحد المتطوعين في المشروع، قوله “في الظرف الحالي، لم تعد الطاقة الشمسية مجرد بديل، بل باتت ضرورة”.

ويرجع تنفيذ المشروع، لأن مواطنو البلدة أدركوا أن الدولة اللبنانية ومؤسساتها “عاجزة”، ولن تفعل شيئا، فقرروا الانتقال للطاقة البديلة، واتصلوا بأقربائهم الذين في الخارج، ليعطوهم تمويلا يزيد على 100 ألف دولار، لكي يتمكنوا من تركيب 185 لوحة طاقة شمسية.

وطبقا للوكالة، وصلت الألواح بالشبكة الكهربائية التابعة لمولّد خاص لتوزيع الطاقة على منازل القرية. وتنعم القرية حاليا بالتيار لمدة 17 ساعة يوميا، ويقول جريج: “لو لم نركّب ألواح الطاقة الشمسية، لما نعمت القرية بالكهرباء بالأساس”.

“البنك المركزي” يرفع الدعم عن الوقود

متحدث باسم “البنك المركزي” اللبناني، قال الاثنين الفائت، لوكالة “رويترز”، إن البنك توقف عن دعم الوقود تماما، من خلال عدم توفير الدولار لواردات البنزين، في خطوة أدّت إلى ارتفاع أسعار الضخ بشكل كبير في بيروت.

العام الماضي، قال “البنك المركزي”، إنه سيتوقف عن تقديم الدولار بأسعار الصرف المدعومة؛ بسبب تضاؤل احتياطيات العملات الأجنبية، لكنه واصل القيام بذلك بسعر أقل من أسعار السوق عبر منصة “صيرفة”، قبل أن يخفض البنك مبلغ الدولارات تدريجيا خلال الأسابيع الماضية.

وقال متحدث باسم البنك المركزي لـ “رويترز”، إنه على المستوردين الآن الحصول على دولارات من السوق السوداء، حيث تم تداول العملة عند حوالي 35 ألف ليرة لبنانية للدولار، في حين استقر معدل “صيرفة”، الأسبوع الماضي بالقرب من 28.000 ليرة.

وبعد رفع الدعم عن البنزين، أصبح المواطن اللبناني رهينة 3 أمور، وهي بحسب الباحث الاقتصادي، جاسم عجاقة، “سعر النفط العالمي، سعر الدولار في السوق السوداء، وسعر صفيحة البنزين بالدولار”.

ولفت عجاقة، إلى أنه “رغم تراجع سعر برميل النفط عالميا، إلا أن سعر دولار السوق السوداء يشهد ارتفاعا في لبنان، ما يعني أن سعر صفيحة البنزين، سيرتفع”. وأن ما ينتظره المواطن اللبناني هو المزيد من الأعباء، “فقد دخلنا في حلقة تضخمية، حيث سنشهد ارتفاع معظم الأسعار كونها مرتبطة بالمحروقات”.

الجدير ذكره، أن لبنان يشهد منذ صيف عام 2019، أزمة اقتصادية حادة، صنّفها “البنك الدولي”، بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، حيث فقدت الليرة اللبنانية نحو 90 بالمئة من قيمتها، نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.