لم تمر 48 ساعة على إطلاق سراح الشيخ إقبال دوحان الگرعاوي، حتى أعلنت عائلته، اليوم الخميس، عن وفاته، الأمر الذي أثار ردة فعل شعبية غاضبة في العراق، لكن ما علاقة “الحشد الشعبي” بذلك؟

قبل أقل من أسبوع، اعتقل أمن “الحشد الشعبي”، الشيخ إقبال الگرعاوي، واقتاده لأحد مقراته، تحت تهمة الانتماء إلى “حزب البعث”، المحظور والمنحل في العراق.

فجأة، أُطق سراح الگرعاوي، أول أمس الثلاثاء، دون أن يدلي “الحشد” بأي تفاصيل تخص التحقيق معه، ودون أن يتحدث الراحل ولا عائلته عمّا جرى معه. الصمت سيد الموقف.

وفاة الگرعاوي السريعة بعد 48 ساعة من إطلاق سراحه، دفع بالكثير من ناشطي مواقع “التواصل الاجتماعي” في العراق، يضاف لهم قنوات سياسية عبر “تليجرام”، إلى اتهام “الحشد الشعبي”، بتسببه بوفاة الشيخ إقبال الگرعاوي.

تعذيب الگرعاوي؟

الاتهام الذي طال “الحشد الشعبي”، هو سرعة وفاة الراحل بعد إطلاق سراحه، ما يمكن تفسيره بأن الوفاة جاءت نتيجة تعرضه إلى تعذيب مبرح من قبل أمن “الحشد”، بحسب رواد مواقع “التواصل الاجتماعي”.

الشيخ إقبال دوحان الگرعاوي، هو أحد مشايخ عشائر الأگرع المعروفة في محافظة الديوانية، جنوبي العراق، ولا يبدو أن رحيله سيمر مرور الكرام؛ لأن بعض المعلومات المتداولة تشير إلى نية عشيرة الأگرع التصعيد ضد “الحشد”.

قبل شهرين، هاجم النائب العراقي سجاد سالم، في سلسلة تغريدات عبر “تويتر”، قيادات “الحشد الشعبي”، وقال إن الدفاع عن تضحيات المتطوعين في المعركة ضد “الإرهاب”، يلزمه أولا قيادات غير متورطة في الفساد وسفك الدم.

وأردف، أن كل إصلاح في العراق وسلام واستقرار، يجب أن يمر أولا على موضوعة الفصائل و”السرايا” وهيئة “الحشد الشعبي”، وحصر السلاح بيد الدولة “وحدها لا شريك لها في ذلك”.

سالم تساءل بالقول: “كيف نثق بقيادات مثل أبو فدك والفياض؟ هذه الأسماء متهمة من المجتمع العراقي بقتل المحتجين وتغييب بعضهم، وممارسة الإبعاد القسري لآخرين، فضلا عن إضعافهم الدولة ومؤسساتها، ومساهمتهم المباشرة في حماية الفاسدين”.

ولفت سالم، إلى أنّ هيئة “الحشد الشعبي” بصريح العبارة، هي ذراع مسلح للأحزاب الإسلامية جميعا، وهي العقدة الآن وجذر المشكلة التي باستمرار وضعها الحالي “لن يشهد مجتمعنا مستقبلا، أي نظام ديمقراطي ولا استقرار أو حتى انتخابات”.

الولاء لخامنئي

حديث سالم جاء ضد “الحشد” وقياداته؛ لأن معظم ألوية “الحشد الشعبي” تتبع إلى الميليشيات الموالية لإيران؛ بسبب قيادات “الحشد” التي تعود بالولاء الفكري والعقائدي إلى المرشد الإيراني، علي خامنئي.

ويقف على رأس قيادة “الحشد” فالح الفياض، و”أبو فدك”، ويعرف الأول بقربه من طهران، أما الثاني فهو من أبرز قيادات ميليشيا “كتائب حزب الله” الموالية لإيران.

وتتهم قيادات “الحشد”، بوقوفها وراء قتل وتعذيب وتغييب الشباب العراقي الذي خرج إلى الشارع في “انتفاضة تشرين” في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 ضد البطالة والفساد السياسي ونقص الخدمات والتدخل الإيراني بالشأن العراقي.

واستمرت “انتفاضة تشرين” 5 أشهر ونصف حتى تاريخ 15 آذار/ مارس 2020، وجوبهت بقمع شديد من قبل “قوات الشغب الحكومية” والميليشيات الموالية لإيران، وأسفرت عن مقتل 750 متظاهرا، وإصابة 25 ألفا، منهم 5 آلاف بإعاقة دائمة.

كيف تأسس “الحشد”؟

رغم العنف الذي واجهته الانتفاضة، إلا أنها تمكنت من إسقاط حكومة عادل عبد المهدي السابقة في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، ومجيء حكومة جديدة، هي حكومة مصطفى الكاظمي الحالية.

“الحشد الشعبي” تأسس في حزيران/ يونيو 2014، نتيجة فتوى “الجهاد الكفائي” من قبل المرجع الديني الأعلى لدى الشيعة في العراق والعالم، علي السيستاني، لمقاتلة تنظيم “داعش” بعد سيطرته على ثلث مساحة العراق آنذاك.

وخرج الآلاف من أبناء الوسط والجنوب العراقي، تلبية لفتوى السيستاني، وقاتلوا “داعش”، لكن الميليشيات الموالية لإيران، استغلت الفتوى، وأسّست “الحشد الشعبي” بشكل رسمي، عبر تشريع قانوني من البرلمان العراقي.

ولا يتجاوز عدد المنضوين في “الحشد” من غير الموالين لإيران 65 ألف شخص، بينما البقية هم من الميليشيات العراقية الموالية لإيران، ويبلغ عددهم نحو 425 ألف شخص.

وتنتشر في العراق، 67 ميليشيا مسلّحة موالية إلى إيران، تنفذ أجندة طهران في البلاد، وتقتل وتعذّب وتغيّب كل من يهدّد مصالحها، وأبرز تلك الميليشيات، هي “العصائب والنجباء وكتائب حزب الله وكتائب سيد الشهداء”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.