في تسريب لتسجيل صوتي هو الرابع، لما يبدو فيه أنه من اجتماعات لرئيس وزراء العراق الأسبق نوري المالكي، أثناء فترة مباحثات القوى السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة ما بعد الانتخابات الماضية التي أجريت في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021، اتهم المالكي “الحشد الشعبي” بأنه “أمة الجبناء“، فيما أشار إلى أن المرحلة القادمة هي مرحلة قتال.


المالكي وخلال التسجيل الذي نشر استكمالا للأجزاء الثالثة التي سبقته خلال اليومين الماضيين، قال إن “المرحلة القادمة هي مرحلة قتال، وأنه حتى يوم أمس قد دعانا رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، وقد أخبرته بأن القادم هو قتال“.


المالكي وأثناء حديثه، اتهم القوات الأمنية في الجيش العراقي والشرطة، أنهم لا يعول عليهم في حماية الأمن قائلا: “أخبرت الكاظمي كلا يدافع عن نفسه، وأنا سأدافع عن نفسي، وأنا تحدثت للأخرين بأن القضية قتال، ومقتدى الصدر أتى ليذبح ويقتل“.


وبما أنه لا يمكن الاعتماد على القوات الأمنية، وفقا لحديث المالكي الذي يوضح التسجيل بأنه كان يتحدث لشخصين لم تتم معرفتهما، فأنه يردف بالقول لهما “نحتاج إلى سلاح، وأنه لا يثق بالشرطة والجيش، وهو من سيحمي نفسه“.


وأثناء ذلك، عاود المالكي الحديث عن زعيم “التيار الصدري“، قائلا: “أنا أعرف، أن الصدر سيستهدفني كأول شخص، لأن من بهدل أحواله“، مشيرا إلى أنه “لن يضع العراق والتشيع بيد مقتدى الصدر، حتى وإن عجزت قوى الأمن الداخلي، فأنا لن أعجز“.


وكشف التسجيل، عن مساعي المالكي في انشاء مجاميع مسلحة، بحسب ما أشار له، بأنه في الوقت الحالي يعمل على تسليح نحو 15 مجموعة، ليضعهم مستعدين للمرحلة الحرجة، على حد تعبيره.


كما بين التسجيل، أن “المالكي ينوي الهجوم على محافظة النجف محل إقامة الصدر، في حال حاول الأخير الهجوم على الناس والمرجعية“، كما يقول، ويضيف أن، “هذا الرجل حاقد ولديه ثلاث خصال سيئة؛ يبحث عن الدم وهو جبان، ويبحث عن المال في حين قد سرق البلد بأكمله، وأن يتسلط على الجميع ليصبح ربكم الأعلى كما يخبرونه اتباعه بأنه الإمام المهدي“.


بالتالي فأن “المرحلة القادمة مرحلة قتال، وأنه حاليا يعمل عليها، كما أن العشائر شعرت بذلك“، مبينا أن “اليوم أول عشيرة كان عندي هي عشيرة بني مالك، التي تعمل على مؤتمر تعلن من خلاله في العاصمة بغداد ومحافظة البصرة، بأنه في حال تعرض أحد له فسيكون لهم تصرف خاص حينها“.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. الصدر “لا يقيم وزنا” لتسجيلات المالكي الصوتية


أمة الجبناء


المالكي تابع بالقول: “أتمنى من أمة الأخيار أن تكون مستعدة، فأن القضية ليست قضية إعلام بل تحتاج استعدادا نفسيا وعمليا ومسلحا، وتوفير لذلك غطاء“، لافتا إلى أنه “يجب التفكير بكيفية توفير لقواتكم غطاء رسمي“، مشيرا إلى أنه “يأس من الحشد الشعبي، لأن أمة الجبناء من الحشد“.


وأردف أنه “يجب توفير غطاء رسمي لحركة العشائر، كون العراق مقبل على حرب طاحنة لا يخرج منها أحد، إلا في حال تمكنا من اسقاط مشروع الصدر والحلبوسي والبارزاني“، مبينا أنه “في حال سقط مشروعهم فقد نجا العراق، وإن لم يسقط فسيقط العراق في دائرة حمراء“.


يأتي ذلك ضمن مجموعة تسريبات أقدم على نشرها الناشط السياسي والإعلامي العراقي علي فاضل، ما يبدو أن العلاقة بين أكبر الزعامات السياسية في العراق مقتدى الصدر ونوري المالكي، في طريقها للتأزم أكثر مما هي عليه، فبدل حل الخلافات بينهما منذ عقد ونصف، زيادة النار على الحطب هو الأمر المتوقع.
واتضح ذلك من خلال ما تم تسريبه منذ أول تسجيل صوتي، يوم الثلاثاء الماضي، لزعيم “ائتلاف دولة القانون“، نوري المالكي، وهو يهاجم من خلاله زعيم “التيار الصدري“، مقتدى الصدر.


في التسريب الأول الذي تم تداوله عبر مواقع “التواصل الاجتماعي“، وصف المالكي ندّه الصدر بـ “الجبان“، وأن الكرد والسنة استطاعوا شق وحدة الصف الشيعي عبر سحبهم للصدر إلى جانبهم ضد “الإطار التنسيقي“.


كذلك، ذكّر المالكي بما تسمى “صولة الفرسان” التي قادها في 2008 ضد ميليشيا “جيش المهدي” التابعة للصدر لفرض هيبة القانون، قائلا إن الصدر “يجبن” ويتراجع عندما يجد من يواجهه.


حينها، وبعد تداول رواد مواقع “التواصل الاجتماعي“، للتسريب بنطاق واسع، سارع مكتب المالكي الإعلامي، إلى إصدار بيان، تبرأ فيه مما ورد في التسريب، وقال إن “التسجيل مفبرك“.


البيان أردف، أن التسجيل المفبرك يتميز بتقليد مقبول لصوت نوري المالكي، يتحدث فيه عن جملة من القضايا السياسية، وما جاء في التسجيل الصوتي المنشور لا يعود للمالكي، وما نشر هو تسجيل تم توليفه عبر تقنيات الصوت الحديثة.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. المالكي يهاجم الصدر في تسريب صوتي ويتبرأ منه!


منعطف حساس


البيان أشار أيضا، إلى أن “تداول وبث هذا التسجيل يأتي في وقت ومنعطف حساس جدا تمر فيه العملية السياسية والواقع العراقي، ويعطي مؤشرا على أن الإعداد له كان إعدادا مسبقا“.


رغم نفي المالكي للتسريب الصوتي، إلا أن الكثير من المراقبين للمشهد العراقي العام، أكدوا أنه يعود للمالكي وغير مفبرك على الإطلاق.


الإعلامي علي فاضل، نشر بيان المالكي الذي نفى فيه علاقته بالتسجيل الصوتي، وتوعده بنشر تسجيلات أخرى له، قائلا بما مفاده باللهجة العراقية: “تنفي، ما تنفي، هذا صوتك والتسجيل إلك“.


بالمقابل، رد زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، ضمنيا على التسريب الصوتي لرئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، والذي تضمن سبابا واتهامات للصدريين بأنهم جبناء.


وقال الصدر في تغريدة له مخاطبا أنصاره: “لا تكترثوا بالتسريبات، فنحن لا نقيم له وزنا“.


جاء ذلك خلال مخاطبة أنصاره قبل صلاة الجمعة الموحدة التي كان قد دعا لها في وقت سابق، قائلا: “قبل صلاة الجمعة الموحدة المقررة غدا، أنه لم يدخل في فتنة، وأن الخيار للشعب، مؤكدا أنه سيكون داعما في الأيام المقبلة لأي حراك شعبي لمناصرة الإصلاح“.

https://twitter.com/shiymapharma/status/1548383810726727681?s=21&t=3bAC-gm3XvQTZWgMAP-p8Q


أُس الخلاف


يشار إلى أن، يصر المالكي على ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة المقبلة، فيما ترفض أغلب قيادات “الإطار التنسيقي” تلك الخطوة، لتجنب حدوث صدام بينه وبين الصدر؛ لأن الأخير قد يخرج بتظاهرات واسعة في حال وصول نده إلى رئاسة الحكومة.


وكان الصدر فاز أولا في الانتخابات العراقية المبكرة الأخيرة التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بحصول حزبه على 73 مقعدا نيابيا، قبل أن ينسحب من البرلمان ومن العملية السياسية برمتها.


جاء انسحاب الصدر، لعدم قدرته على تحقيق الأغلبية المطلقة لتشكيل حكومة أغلبية يقصي منها “الإطار التنسيقي” المقرب من إيران، فانسحب وترك أمر تشكيل الحكومة المقبلة بيد “الإطار“.


ويخشى مراقبون للمشهد السياسي العراقي، من زج الصدر لجمهوره الذي يعد أكبر قاعدة شعبية في البلاد، بتظاهرات واسعة ضد أي حكومة توافقية تأتي عبر المحاصصة، أو أي حكومة تستفزه، ومنها مثلا حكومة بقيادة خصمه المالكي.


الصدر والمالكي ينحدران من خلفيات سياسية إسلامية، إذ يتزعم الأول تيارا شعبيا شيعيا ورثه عن والده المرجع الديني محمد صادق الصدر، فيما يترأس الثاني “حزب الدعوة“، أقدم الأحزاب الشيعية العراقية.


وتنافس الصدر مع المالكي مرارا على تزعم المشهد السياسي الشيعي. إذ يمثل الأول الخزان التصويتي الأكبر على مستوى البلاد في أي عملية انتخابية، بينما يمثل الثاني، الأحزاب السياسية الشيعية التي صعدت بعد إطاحة نظام صدام حسين في ربيع 2003 إلى المشهد.


ومنذ عام 2008 توجد قطيعة سياسية وشخصية بين الصدر والمالكي عندما شن الثاني حربا على ميليشيا “جيش المهدي” التابعة للصدر، لإنهاء انتشارها المسلح في الوسط والجنوب العراقي آنذاك.

اقرأ/ي أيضا: أسباب انسحاب العامري وشكل رئاسة الحكومة العراقية المقبلة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.