تغريدة جاءت بشكل غير متوقع من قبل زعيم “التيار الصدري” في العراق، مقتدى الصدر، فالرد كان “عقلانيا” ويحمل فيه “الاستنقاص” من خصمه رئيس الحكومة العراقية الأسبق، نوري المالكي، دون الانجرار لمواجهات ومهاترات مباشرة.

رد الصدر في تغريدة عبر “تويتر”، اليوم الخميس، كان ضد التسجيلات الصوتية المسربة للمالكي، أمس الأربعاء، وهو يهاجم زعيم “الكتلة الصدرية” بكلمات “غير مهنية” و”لا أخلاقية”.

وجاء الرد عبر آية قرآنية من قبل الصدر: “أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا”، وأضاف: “فلا تكثروا بالتسريبات، فنحن لا نقيم له وزنا”.

تظاهرات مقبلة؟

زعيم “التيار الصدري” أردف، أنه لن يدخل في فتنة أخرى، تعقيبا منه على الكثير من التوقعات من قبل خبراء في السياسة العراقية، بأن تسجيلات المالكي الصوتية، قد تتسبّب بإشعال الشارع الشيعي بين جمهور الصدر وأتباع الأحزاب الموالية لإيران، التي ينضوي فيها المالكي.

ولمّح مقتدى الصدر في تغريدته، إلى إمكانية خروج تظاهرات شعبية في الأيام المقبلة من قبل الشعب، قائلا إنه من الداعمين للشعب “إن أراد الوقوف من أجل مناصرة الإصلاح”، على حد تعبيره.

البارحة، تداول رواد مواقع “التواصل الاجتماعي” في العراق، تسريبات لتسجيلات صوتية للمالكي، وصف بها نده الصدر بـ “الجاهل والجبان”، وأن الكرد والسنة استطاعوا شق وحدة الصف الشيعي عبر سحبهم للصدر إلى جانبهم ضد “الإطار التنسيقي”.

كذلك، ذكّر المالكي بما تسمى “صولة الفزسان” التي قادها في 2008 ضد ميليشيا “جيش المهدي” التابعة للصدر لفرض هيبة القانون، قائلا إن الصدر “يجبن” ويتراجع عندما يجد من يواجهه.

بعد تداول رواد مواقع “التواصل الاجتماعي”، للتسريبات بنطاق واسع، سارع مكتب المالكي الإعلامي، إلى إصدار بيان، تبرأ فيه مما ورد في التسريبات، وقال إن “التسجيل مفبرك”.

تسريبات أخرى؟

البيان أردف، أن التسجيل المفبرك يتميز بتقليد مقبول لصوت نوري المالكي، يتحدث فيه عن جملة من القضايا السياسية، وما جاء في التسجيل الصوتي المنشور لا يعود للمالكي، وما نشر هو تسجيل تم توليفه عبر تقنيات الصوت الحديثة.

وأشار البيان، إلى أن “تداول وبث هذا التسجيل يأتي في وقت ومنعطف حساس جدا تمر فيه العملية السياسية والواقع العراقي، ويعطي مؤشرا على أن الإعداد له كان إعدادا مسبقا”.

رغم نفي المالكي للتسريبات الصوتية، الذي نشرها أولا الإعلامي العراقي علي فاضل عبر “تويتر”، إلا أن الكثير من المراقبين للمشهد العراقي العام، أكدوا أنها تعود للمالكي وغير مفبركة على الإطلاق.

الإعلامي علي فاضل، نشر بيان المالكي الذي نفى فيه علاقته بالتسجيل الصوتي، وتوعده بنشر تسجيلات أخرى له، قائلا بما مفاده باللهجة العراقية: “تنفي، ما تنفي، هذا صوتك والتسجيل إلك”.

في السياق، أكدت مصادر خاصة لـ “الحل نت”، صحة التسجيلات، وقالت إن ما تحدث به المالكي، كان في اجتماع له مع شيوخ عشيرة بني مالك التي ينتمي لها، قبل نحو 6 أشهر، وأنه تحدث بقضايا أخرى لم يتم تسريبها بعد.

المصادر بيّنت، أن من سرّب التسجيل الذي يهاجم به المالكي نظيره مقتدى الصدر، هم أشخاص من داخل “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، والذي ينتمي له المالكي؛ لأنه أصبح مصدر تهديد وإحراج لهم.

خلفية الصدر والمالكي

ما يجدر دكره، أن المالكي يصر على ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة المقبلة، فيما ترفض أغلب قيادات “الإطار التنسيقي” تلك الخطوة، لتجنب حدوث صدام بينه وبين الصدر؛ لأن الأخير قد يخرج بتظاهرات واسعة في حال وصول نده إلى رئاسة الحكومة.

وكان الصدر فاز أولا في الانتخابات العراقية المبكرة الأخيرة التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بحصول حزبه على 73 مقعدا نيابيا، قبل أن ينسحب من البرلمان ومن العملية السياسية برمتها.

جاء انسحاب الصدر، لعدم قدرته على تحقيق الأغلبية المطلقة لتشكيل حكومة أغلبية يقصي منها “الإطار التنسيقي” المقرب من إيران، فانسحب وترك أمر تشكيل الحكومة المقبلة بيد “الإطار”.

ويخشى مراقبون للمشهد السياسي العراقي، من زج الصدر لجمهوره الذي يعد أكبر قاعدة شعبية في البلاد، بتظاهرات واسعة ضد أي حكومة توافقية تأتي عبر المحاصصة أو أي حكومة تستفزه، ومنها مثلا حكومة بقيادة خصمه المالكي.

الصدر والمالكي ينحدران من خلفيات سياسية إسلامية، إذ يتزعم الأول تيارا شعبيا شيعيا ورثه عن والده المرجع الديني محمد صادق الصدر، فيما يترأس الثاني “حزب الدعوة”، أقدم الأحزاب الشيعية العراقية.

وتنافس الصدر مع المالكي مرارا على تزعم المشهد السياسي الشيعي. إذ يمثل الأول الخزان التصويتي الأكبر على مستوى البلاد في أي عملية انتخابية، بينما يمثل الثاني، الأحزاب السياسية الشيعية التي صعدت بعد إطاحة نظام صدام حسين في ربيع 2003 إلى المشهد.

ومنذ عام 2008 توجد قطيعة سياسية وشخصية بين الصدر والمالكي عندما شن الثاني حربا على ميليشيا “جيش المهدي” التابعة للصدر، لإنهاء انتشارها المسلح في الوسط والجنوب العراقي آنذاك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.