عمليات اغتيال مسؤولين في المعارضة والحكومة على حد سواء تتصاعد في محافظة درعا جنوب سوريا، حيث تبادلت الأقطاب المتنافسة الاتهامات على الطرف المسؤول عن استمرار عمليات القتل، حيث حذّرت مجموعات محلية من خطة جديدة، بموافقة رئيس وأعضاء اللجنة الأمنية التابعة لدمشق، بهدف التخلص من معارضيهم، بعد فشل مخططاتهم السابقة.

الخطة “ب”

الاغتيالات اليومية في درعا، عادت مؤخرا بشكل غير مسبوق، حيث استهدفت قادة وأفراد تابعة لقوات الحكومة السورية، ومهربي مخدرات، وموظفين حكوميين، ومسلحين، ومدنيين معارضين، وهذا مستمر منذ أربع سنوات على الرغم من اتفاق التسوية بين حكومة دمشق، والمعارضة بوساطة روسية في تموز/يوليو 2018.

الوضع الجديد وبعد الحملة التي شنتها جهات محلية على رئيس فرع الأمن العسكري، العميد لؤي العلي، للتعبير عن رفضهم لسياسته القمعية التي يتبعها ضد أبناء المحافظة، كشف عنها “تجمع أحرار حوران”، وهي وسيلة إعلامية محلية، يديرها إعلاميين من خارج سوريا.

عضو التجمع، يوسف المصلح، قال أمس الأربعاء، إن “الخطة ب” تعتمد على التخلص من معارضي دمشق، عبر استدراجهم إلى خارج مناطقهم، إضافة إلى استهداف بعض وجهاء المنطقة، واتهام المعارضين بتلك العمليات، بهدف إثارة فتنة داخلية.

وتأتي هذه الخطة بعد نجاح مثيلتها قبل 18 يوم، عندما تعرض موكب خلدون الزعبي، القائد السابق في فصيل “المعتز بالله”، والذي كان يتبع لفصائل المعارضة المسلحة، لهجوم في منطقة بين بلدة اليادودة، وحي الضاحية في درعا، وأدى هذا الهجوم لمقتله وعدد من مرافقيه.

وقع الاغتيال أثناء عودته إلى بلدته طفس، بعد لقاء مع رئيس جهاز الأمن العسكري، لؤي العلي في مدينة درعا، الذي استدعى الزعبي، إلى مكتبه لبحث تفاصيل الاتفاق الذي أنهى التصعيد العسكري في طفس قبل العملية بأيام.

حملة ضد العلي

وكان ناشطو درعا، نشروا قصاصات ورقية وكتبوا شعارات في عموم بلدات وقرى المحافظة، جاء في بعضها: “يسقط الشبيح لؤي العلي” و”لؤي العلي مجرم وعميل”، متهمين العلي بضلوعه في تصفية واعتقال المعارضين لدمشق، ومشاريع إيران في المنطقة، وهو سبب مباشر للفلتان الأمني في درعا.

قيادي سابق في فصائل المعارضة من مدينة جاسم، شمالي درعا، قال الأحد الفائت، إن القوات النظامية صعّدت خلال اليومين الماضيين من عمليات الاعتقال بحق أبناء المنطقة، وذلك بعد رفض وجهائها الانصياع لمطالبها، حيث اعتقل فرع الأمن العسكري بأوامر من العميد لؤي العلي، خلال 24 ساعة، 12 شخصا على الحواجز العسكرية في المنطقة، وطالب معظمهم بدفع 5 ملايين ليرة سورية، مقابل كل شخص لإطلاق سراحهم.

وبحسب تقرير لـ “مكتب توثيق شهداء درعا”، وهو منظمة حقوقية محلية توثق الانتهاكات في درعا، فقد شهدت المحافظة 508 اغتيالا ومحاولات اغتيال، راح ضحيتها 329 قتيلا، فقط في عام 2021، في حين أن شهر آب/أغسطس الماضي، ورغم مرور عشرة أشهر على اتفاقية “التسوية” الثانية، وثّق المكتب 55 عملية اغتيال، أدت إلى مقتل 38 شخصا، بينهم 10 قتلى من القوات النظامية.

خلال يوم واحد.. ثلاث عمليات “اغتيال”

مؤخرا وفي تموز/يوليو الماضي، برز أسلوب الخطف قبل القتل في الأيام القليلة الماضية، ليبدو تكتيكا جديدا تستخدمه المجموعات العاملة في القتل، وبحسب حديث سابق من مصدر خاص لـ”الحل نت”، فإن انتهاج هذا الأسلوب جاء لسببين. الأول، كي لا يتم التعرف إلى الجهة المنفذة، والثاني، لتقليل احتمال الخطأ في عمليات الاغتيال، ما ينتج عنها عدم قتل الهدف المطلوب.

محافظة درعا شهدت أمس الأربعاء، ثلاث عمليات اغتيال على يد مجهولين في بلدتي تل شهاب، والمسيفرة، حيث ذكر موقع “درعا 24” المحلي، أن مسلحين مجهولين استهدفوا جلال الزعبي، الذي عمل سابقا ضمن فصائل المعارضة المسلحة، بإطلاق نار عليه في بلدة المسيفرة في ريف محافظة درعا الشرقي، مما أدى إلى مقتله.

وفي السياق، ذكر الموقع بأن الأهالي عثروا على جثتين مجهولتين على الطريق الحربي قرب بلدة تل شهاب، في الريف الغربي من محافظة درعا، تعودان للشابين “حمودة فالح الدندن، وخلف هايل اللسيسي” من قرية خراب الشحم غربي درعا، يظهر عليهما آثار إطلاق نار.

الجدير ذكره، أن فوضى وتوترات أمنية مستمرة في محافظة درعا، إذ لم تتوقف عمليات الاغتيال منذ اتفاق التسوية في 2018، حيث تتداخل في عمليات الاغتيال عدة أطراف أبرزها الأجهزة الأمنية، والميليشيات الإيرانية، عبر عناصر محلية، بالإضافة إلى توظيف هذه الأطراف لتنظيم “داعش”، في عمليات الاغتيال سواء كان بشكل مباشر، أو غير مباشر عبر إيصال رسائل للتنظيم حول شخصيات معينة ليتم اغتيالها لاحقا.

ومن جهة ثانية، لا تزال درعا، بمثابة خاصرة رخوة بشكل مقصود من قبل حكومة دمشق، والميليشيات الإيرانية التي تعمل على بسط سيطرتها عليها، وهذا ما يسهّل تنقل عناصر “داعش”، تحت أعين الأجهزة الأمنية، إضافة لتنقل الميليشيات الإيرانية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.