منذ نحو أسبوع يجري الحديث عن اضطراب صادرات النفط العراقي لأسباب فنية، ما تسبب بتوقف عمليات التصدير لمرتين، ومما لا شك فيه من أن تلك التوقفات قد أدت إلى أضرار مادية بالواردات العراقية، ما دفع بموقع “الحل نت” لمحاولة تفسير تلك التوقفات وتداعياتها.

للمرة الثانية توقفت صادرات النفط العراقي الخام من ميناء البصرة الذي يضم أربع منصات تحميل بطاقة تصديرية تبلغ 1,8 مليون برميل يوميا بسبب تسرب، ما أدى إلى توقف عمليات تحميل النفط يوم أمس الجمعة، بحسب مصادر عراقية بقطاع النفط تحدثت لوكالة “رويترز”.

على الرغم من أن شركة نفط البصرة نفت اليوم السبت، توقف عمليات التصدير وأكدت معالجة تسرب للخام في منظومة خزانات الفوائض في ميناء البصرة النفطي، إلا أن هناك مصادر تحدثت عن أن هذا التوقف ليس للمرة الأولى.

إذ تعطلت صادرات العراق النفطية جزئيا مرتين خلال أسبوع واحد فقط، المرة الأولى امتد التوقف لمدة 16 ساعة يومي 8 و9أيلول الحالي، بسبب توقف العمل في منصات التحميل العائمة الخاصة بإرساء وإقلاع الناقلات.

توقفات حملت معها أسباب أوضحها خبير الاقتصاد نبيل المرسومي، في حديث لموقع “الحل نت”، قائلا إن “التوقف الأول كان بسبب وجود خلاف بين شركة نفط البصرة وشركة دي بي الكورية المسؤولة عن خدمات الإرساء والإقلاع من ساحبات وفريق الربط للعوامات، ما أدى إلى توقف العمل في منصات التحميل العائمة”.

اقرأ/ي أيضا: ارتفاع صادرات النفط العراقي إلى أميركا 

خسائر فادحة وكوارث محتملة

المرسومي بين أيضا، أن “الشركة الكورية توقفت عن العمل بسبب عدم استلامها لمستحقاتها المالية”، فيما أشار إلى أن “المرة الثانية كانت بسبب تسرب النفط في منظومة خزانات الفوائض في ميناء البصرة النفطي وهو ما أدى إلى انخفاض الصادرات النفطية بنحو 400 ألف برميل يوميا، فيما ترفع الرقم مصادر أخرى إلى أكثر من 1,3 مليون برميل يوميا من طاقته التصديرية بعد توقف الصادرات عبر ميناء البصرة في وقت مبكر من يوم أمس الجمعة”.

أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، لفت إلى أنه “بحسب مذكرة مركز المساعدة المتبادلة للطوارئ البحرية البيئية، فإن العراق مرشح للإصابة بنوعين من الكوارث البيئية البحرية، الأولى احتمال تسرب كميات نفطية بسبب الحوادث البحرية الناجمة عن النقل البحري غير المنتظم للنفط من مواني العراق، أو بسبب “هجمات إرهابية تطال الناقلات النفطية البحرية”.

أما النوع الثاني من الكوارث سببه “التسرب الطبيعي لكميات من النفط من الناقلات البحرية إلى المياه العراقية وإن كانت قليلة، إلا أن تراكمها عبر سنوات من نقل النفط يتسبب بنسب تلوث للمياه تحتاج إلى متابعة وعلاج”.

كما أشار إلى أنه “مع الارتفاع الكبير المتوقع في إنتاج النفط العراقي وتصديره عن طريق البحر، فإن المخاطر الناجمة عن التلوث الطبيعي لعمليات النقل النفطية أو لحالات التسرب الممكن وقوعها ستكون أكثر وأكبر، يضاف إلى ذلك أن شبكة نقل النفط العراقية (الأنابيب) بلغت من الشيخوخة ما يعرضها لانهيارات جزئية في مفاصل حساسة قد تؤثر على البر العراقي وليس البحر فقط”.

المرسومي بين أنه “سبق لخبراء النفط العراقيين والأمريكان أن حذروا من أن الأنابيب الناقلة للنفط العراقي التي تصدر حاليا نحو 3,3 ملايين برميل يوميا أي نحو 97 بالمئة من النفط العراقي للأسواق العالمية عن طريق جزيرة الفاو وباقي الموانئ البصرية المطلة على الخليج العربي، تستطيع أن تستوعب شحنا وتصدير 1,6 مليون برميل يوميا من دون أي مخاطر للتسرب”.

واستدرك أن “ما زادا على ذلك فإنه خطر كبير قد تنجم عنه كارثة بيئية، بسبب عمرها الكبير وقلة العناية الخارجية والداخلية لها، وانعدام عمليات الصيانة ضد الظروف والمؤثرات الجوية السيئة للأنابيب”.

اقرأ/ي أيضا: 10 مليارات دولار إيرادات النفط العراقي لشهر نيسان

خطوات لازمة لضمان تعافي صادر النفط العراقي

أستاذ الاقتصاد شدد في ختام حديثه، على أهمية “الإسراع بتأهيل وصيانة ميناء البصرة النفطي، ويتضمن مد ثلاث أنابيب بحرية ولمسافة 60 كم ونصب أربع عوامات بطاقة 900 ألف برميل يوميا لكل منها، فضلا عن مد أنبوب من موقع الإنتاج إلى الفاو وبطاقة مليون برميل يوميا، ومد أنبوبين بحريين بسعة 48 بوصة، وتأهيل مينائي البصرة والعلمية، وبناء منصة بحرية وعمل أجهزة قياس”.

في غضون ذلك، يخطط العراق للوصول إلى أكبر إنتاج نفطي على مستوى العالم في حلول العام 2025، إذ حدد وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار، في الـ24 من تموز/يوليو الماضي، الخطوات الفعلية لتصعيد إنتاج وتصدير النفط الخام، في إطار تنفيذ مخطط يعد الأكبر حجما على النطاق العالمي.

عبد الجبار أشار حينها، في تصريح نقلته صحيفة “الصباح” الرسمية، وتابعه موقع “الحل نت“، إلى أن، المخطط يهدف للوصول إلى إنتاج 8 ملايين برميل في نهاية 2025.

الوزير قال إنه “حين نتكلم عن زيادة في كميات إنتاج النفط تقدر بنحو 3,3 ملايين برميل يومي، فنحن نتحدث عن نطاق عمل عملاق على مدى 5 سنوات ربما سيكون البرنامج الاستخراجي الأضخم في عموم العالم“.

لدى العراق ما يقدر بنحو 145 مليار برميل من احتياطيات النفط الخام المؤكدة، وتخطط البلاد لزيادة إنتاج النفط الخام إلى 8 ملايين برميل يوميا، ارتفاعا من نحو 4 ملايين برميل في الوقت الحالي.

ويمتلك النفط الخام في البلاد أقل تكلفة استخراج في العالم تبلغ 1-2 دولار أميركي للبرميل الواحد، متساويا مع كلف استخراج النفط الخام للمملكة السعودية وإيران.

النفط العراقي وتوقعات استثماره

كما أن معدلات الإنتاج الحالية هي أقل بكثير من الخطط الوطنية العراقية والتوقعات الدولية التي كانت تشير إلى أن العراق سيصل إلى 9 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2020، أو على الأقل 6 ملايين برميل يوميا.

جدير بالذكر، أن الحقول النفطية العراقية المكتشفة تبلغ 71 حقلا، ولم يستغل منها سوى 27 حقلا نفطيا، من بينها 10 حقول عملاقة.

تتركز حقول النفط والغاز المنتجة حاليا في محافظتي البصرة وكركوك، وتأتي بعدها في الأهمية حقول محافظات ميسان وبغداد وصلاح الدين وديالى ونينوى وواسط.

أما الحقول غير المكتشفة وغير المطورة، فتوجد في أغلب مدن العراق، ما عدا 4 محافظات، وهي الديوانية وبابل والأنبار ودهوك.

ويمتلك العراق نحو 18 في المئة من إجمالي احتياطيات الشرق الأوسط، وحوالي 9 في المئة من احتياطيات العالم، وهو خامس أكبر احتياطي في العالم، ومع ذلك، وفقا لوكالة الطاقة الدولية في تقريرها لعام 2012 عن البلاد، فإن مدى موارد النفط العراقية القابلة للاستخراج في نهاية المطاف يخضع لدرجة كبيرة من “عدم اليقين”.

اقرأ/ي أيضا: “أوبك” توافق على زيادة حصة صادرات النفط العراقي

خارطة احتياطي النقط العراقي

الجزء الأعظم من الاحتياطي النفطي العراقي يتركز في الجنوب العراقي، تحديدا بمحافظة البصرة، حيث يوجد 15 حقلا نفطيا فيها، منها 10 حقول منتجة، و5 ما زالت تنتظر التطوير والإنتاج.

وتحتوي تلك الحقول احتياطيا نفطيا يقدر بأكثر من 65 مليار برميل، أي نسبة 59 بالمئة تقريبا من إجمالي الاحتياطي النفطي العراقي.

يشكل الاحتياطي النفطي لمحافظات البصرة وميسان وذي قار في الجنوب العراقي مجتمعة، قرابة 80 مليار برميل، أي نسبة 71 بالمئة من مجموع الاحتياطي العراقي.

فيما يقدر الاحتياطي النفطي الموجود في كركوك شمالي العراق، نحو 13 مليار برميل، أي أنه يشكل 12 بالمئة من إجمالي الاحتياطي العراقي من النفط.

يذكر أن العراق يعتمد على النفط بشكل شبه كلي في اقتصاده، حتى أن موازنته المالية السنوية التي يقرّها، تعتمد على إيرادات النفط بنسبة 93 بالمئة.

اقرأ/ي أيضا: الأعلى منذ 1972.. إيرادات النفط العراقي تحقق أعلى مستوياتها

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.