لا تزال أزمة المحروقات هي الهاجس الأكبر لدى السوريين، حيث تضر ندرتها وارتفاع أسعارها بكل مناحي الحياة الاقتصادية، لا سيما أنها إحدى مفاصل الحركة اليومية في الحياة العامة، وبالتزامن مع تأخر وصول الرسائل للمواطنين؛ ارتفع سعر البنزين في السوق السوداء إلى 8500 ليرة سورية.

بنزين مغشوش؟

أحد سكان منطقة الغاب بمحافظة حماة، قال إن البنزين متوفر بكميات كبيرة ويُباع على الطرقات وضمن المحال التجارية بشكل علني ولكن بسعر 8500 ليرة سورية، مستدلا ذلك بأن أي كمية يطلبها الزبون تتوفر في حال تأخرت رسائل البنزين في المحطات إلى ما يزيد عن 12 يوما مع شح المادة في محطات البيع بسعر التكلفة، وفق ما أورده موقع “أثر برس” المحلي، اليوم الأحد.

ونقل الموقع المحلي عن أحد سكان مدينة مصياف، قوله “استغرب من توفر كميات كبيرة في السوق السوداء متسائلا عن مصدرها”، وأضاف، أن “بعض الباعة يقومون بغش المادة وخلطها بمواد أخرى، وهذا الأمر يتسبب بأعطال كبيرة في الآليات والدراجات النارية”.

وأشار، إلى أن مشروع تسجيل الدراجات النارية متوقف منذ أسابيع عدة للحصول على بطاقة بنزين، دون توضيح من المَعنيين على الرغم من أن أصحاب هذه الدراجات راجعوا الوحدات الإدارية وسجلوا دراجاتهم منذ أشهر.

قد يهمك: سوريا تعاني من أسوأ إدارة موارد في تاريخ البشرية.. ما الأسباب؟

انخفاض المخصصات!

في المقابل، مصدر في فرع محروقات حماة، قال إن مخصصات المحافظة انخفضت في الفترة الماضية من 16 طلبا، إلى 13 طلبا، على حين أن الحاجة الفعلية للمحافظة تبلغ 21 طلبا من مادة البنزين.

وبشأن تأخير وصول الرسائل لأصحاب السيارات، أوضح المصدر ذاته، أن الموضوع يتعلق بكميات المادة التي تصل إلى المحافظة، وعلى الأرض هناك تأخير في بعض المناطق الريفية، حدث ذلك الأسبوع الماضي.

بدوره، أفاد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حماة، رياض زيود، إنه تم تنظيم ضبوط عدة بالإتجار بالمحروقات في مدينة حماة وريفها، وإحالة المخالفين إلى القضاء المختص، إذ تم ضبط محال تجارية عدة، وباعة يقومون ببيع مادة البنزين في السوق السوداء.

قد يهمك: سوريا.. إيقاف تخزين الخضار وإنتاج الدبس بسبب المازوت

أسعار جديدة للتكسي

في ظل تداعيات قرار رفع البنزين، شهدت حركة النقل في عدد من شوارع العاصمة دمشق حركة غير عادية، بسبب نقص عدد السيارات العامة المخصصة للنقل، حيث بدأت التكاسي العمل كسرافيس متقاضية 5 آلاف ليرة، على الراكب الواحد، وسط عزوف واضح عن ركوب فردي للتاكسي.

فبعد فترة وجيزة من قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، رفع سعر لتر البنزين المدعوم 90 أوكتان على البطاقة الإلكترونية إلى 2500 ليرة سورية، بعد أن كان يبلغ 1100 ليرة، أي بنسبة 130 بالمئة.

بدأت سيارات الأجرة الخاصة تستفيد من الوضع، وحاجة عدد من المواطنين لوسائل النقل برفع الأجور إلى مستويات كبيرة، بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”.

ويسوق سائقي التكاسي حججا كبيرة منها مضاعفة أسعار مواد الصيانة، والإصلاح والتكاليف، ومتطلبات العمل والأجور، وكذلك تضاعف أسعار البنزين المدعوم في الآونة الأخيرة، انعكس بشكل مباشر على المواطن رغم الانخفاض الواضح في الطلب على سيارات التاكسي خارج منطقة.

وبحسب التقرير، فإن أجور السيارات الخاصة، باتت كبيرة جدا، حيث تصل لـ 8 آلاف، وسطيا بالنسبة للمسافات القصيرة، وبين الـ20 ألفا والـ30 ألفا للمسافات الطويلة، حتى اشترط بعض السائقين مجرد الركوب بـ”التاكسي” يكلف 5 آلاف.

قد يهمك: حليب الأطفال على قائمة المفقودات في سوريا

“البسكليت هو الحل”

في جولة على الشوارع في العاصمة دمشق، ستجد الازدحام الشديد على وسائل النقل القليلة، في ظل امتناع شريحة واسعة من السائقين عن العمل، بدعوى عدم تلقّيهم مخصصاتهم الكافية من المحروقات، ومحاولة الحكومة ملاحقتهم وفرض العقوبات، ليجد المواطن نفسه غالبا في النهاية مضطر لطلب تكسي، أو المشي للوصول إلى وجهته اليومية.

“اشتريت بسكليت واستغنيت بشكل شبه نهائي عن المواصلات“، هو الحل الذي ارتأى إليه حسام آغا، وهو موظف يعمل في مديرية التربية بريف دمشق، وذلك بعد أن سئِم من أزمة المواصلات المتكررة، من دول أي حل جذري.

قال آغا، في حديث سابق لـ“الحل نت“: “خلال الشهر الماضي، حوالي نصف الأيام قضيتها سيرا على الأقدام خلال رحلة الرجوع إلى العمل. عادة في الصباح تكون الأزمة بوتيرة أقل. في المساء لا تكاد تجد مكانا في وسيلة نقل. الازدحام الشديد ووسائل النقل قليلة“.

وأضاف: “منذ أسبوع قررت شراء دراجة هوائية، لاستخدامها في الذهاب إلى العمل، الوضع لم يعُد يُحتمل، نضطر لدفع نسبة كبيرة من الراتب الشهري للمواصلات ولا نجدها في الغالب، في كل فترة تخرج الحكومة بمبررات جديدة، إما بعدم التزام السائقين، أو بتأخر وصول النفط“.

ويشتكي السوريون من ارتفاع أسعار تعرفة المواصلات في دمشق، وعدم التزام السائقين بالتعرفة الحكومية، بحجة أزمة المحروقات المتكررة في البلاد.

وانتشرت مؤخرا الدراجات الهوائية في شوارع العاصمة دمشق، حيث أكد موقع “سيريا نيوز”، في تقرير نشره الجمعة، أن الأهالي اتجهوا بشكل جماعي خلال الأسابيع الماضية لشراء “البسكليت”، بهدف استخدامها كوسيلة عن وسائل النقل المحلية. وأشار التقرير، إلى رواج مهنة بيع وصيانة الدراجات الهوائية، بسبب ندرة وغلاء خدمات المواصلات في سوريا.

هذا ويبدو أن وجود الأزمات لن يختفي من الحياة اليومية للسوريين، وسيبقى شبحا يطاردهم، خاصة ممن يعيشون تحت خط الفقر، والذين تشكل نسبتهم الآن، أكثر من 90 بالمئة، من السكان وفق ما أفادت به تقارير أممية.

طابور سيارات أمام أحد محطات الوقود في سوريا “إنترنت”

وعلى الرغم من إطلاق حكومة دمشق، العديد من الوعود لإنهاء أزمة المواد النفطية المستمرة منذ أشهر، وذلك من خلال التأكيد على وصول ناقلتي نفط إلى الموانئ السورية من إيران، إلا أن ذلك لم ينعكس على الأزمة، حيث ما تزال مستمرة، فضلا عن الطوابير الطويلة على محطات الوقود في البلد، وبدلا من ذلك، شكّل وصول تلك البواخر الإيرانية، رافدا جديدا للسوق السوداء.

وساهمت أزمة المحروقات مؤخرا في شلل شبه كامل لوسائل المواصلات، في ظل عزوف معظم السائقين عن العمل، بدعوى عدم تلقيهم لمخصصاتهم من المحروقات، فضلا عن ارتفاع كافة أسعار السلع، والمواد الأساسية التي يعتمد إنتاجها بشكل أساسي على المحروقات والكهرباء.

قد يهمك: ثلاثة خيارات أمام أصحاب الآليات المركونة في عدرا.. ما هي؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.