أصرار كبير يبديه “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران في العراق، على ترشيحه للسياسي، محمد شياع السوداني، لرئاسة حكومة عراقية جديدة، عكس رغبة زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، الرافض له كليا.

الاثنين الماضي، أعلن “الإطار” في بيان له، تمسكه بترشيح شياع السوداني لرئاسة الحكومة الجديدة، وعدم التخلي عنه، وهي إشارة استلمها السوداني سريعا، فتحرك البارحة، على البرلمانيين.

أمس الثلاثاء، اجتمع السوداني، مع 60 نائبا من مختلف الكتل السياسية في كافتريا البرلمان العراقي، لمناقشة مشروعه الحكومي، قائلا في بيان له، إن اامخرجات كانت إيجابية، وبحسب عدد من البرلمانيين، فإن الاجتماع سيتكرر، الأسبوع المقبل.

السؤال الذي يبرز، هو ما سبب إصرار “الإطار التنسيقي” على التمسك بالسوداني؟ وهل فعلا لا ينوي التخلي عنه ويريده لتشكيل حكومة جديدة؟ أم أنه ورقة ضغط يمارسها ضد خصمه مقتدى الصدر؟

ضغط لأجل التنازلات

الباحثة السياسية، ريم الجاف، تقول في حديث مع “الحل نت”، إن “الإطار التنسيقي” لا يتمسك بشياع السوداني بصدق، وتميل إلى كون قوى إيران تستخدم السوداني، ورقة تفاوضية مع زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر.

الورقة التفاوضية تتمثل بالضغط على الصدر بترشيح السوداني لرئاسة الحكومة المقبلة، كي يقدم زعيم “الكتلة الصدرية”، تنازلات لصالح “الإطار”، مقابل سحبه لمرشحه واستبداله بآخر يحظى بمباركة الصدر، بحسب الجاف.

التنازلات تتمثل بـ 3 أمور، الأول يتعلق بتراجع الصدر عن إصراره على قانون الانتخابات الحالي، وقبوله بتغييره عبر تشريع قانون انتخابات جديد، استعدادا للانتخابات المقبلة، كون أن “الإطار”، يرى القانون الحالي، تسبّب بخسارته، كما تقول الجاف.

الأمر الثاني، وفق الباحثة السياسية العراقية، يتمثل بقبول الصدر إجراء تغيير في أعضاء مفوضية الانتخابات؛ لأن “الإطار”، يعتبر أعضاء المفوضية الحاليين، ضمن أجندة ساهمت بخسارته في الانتخابات المبكرة الأخيرة، التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021.

محمد شياع السوداني

أما الأمر الثالث، فهو يتضمن تراجع الصدر عن إصراره على أن يكون رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالية، مصطفى الكاظمي، هو نفسه رئيس الحكومة المقبلة؛ كونه ضد “الإطار التنسيقي”، ويسعى لتحجيمه سياسيا، على حد تعبير ريم الجاف.

كبش فداء؟

الجاف تبيّن، أنه إن استجاب الصدر لتلك الأمور الثلاثة، حينها سيضحي “الإطار” بمرشحه شياع السوداني، ويكون كبش الفداء، مقابل القبول بمرشح وسطي يحظى بمباركة ومقبولية مقتدى الصدر، يدير حكومة انتقالية تمهد لإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

وتختتم الباحثة السياسية، بأنه لا يمكن توقع إمكانية نجاح تلك الورقة التفاوضية التي يتمسك بها “الإطار” في صراعه مع الصدر؛ كون أن الأخير هو من سيحدد شكل الموقف، إما بالقبول بخيارات “الإطار”، أو رفضها وعودته لتظاهرات كبرى تنسف مشروع أي حكومة إطارية مقبلة.

واشتدّت وتيرة الأزمة السياسية العراقية، في 30 تموز/ يوليو الماضي، عندما اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

العاصمة العراقية بغداد، شهدت في 29 آب/ أغسطس الماضي، تصعيدا صدريا على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحام آنصاره لكل بقعة في المنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

الميليشيات “الولائية” هاجمت أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، واندلعت مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل 29 آب/ أغسطس، وحتى ظهر 30 آب/ أغسطس، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

جراء العنف المسلح، سقط 40 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الحمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

صراع مستمر

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

أصر “إنقاذ وطن”، بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة