لم يكن كافيا موت الشباب السوري في الجبهات وداخل المعتقلات المختلفة، ليلقي الكثير منهم حتفهم بطرق وأشكال أخرى، الطرق التي لا تختلف مأساوية من منظور آخر، خاصة وأن أشكال هذا الموت أحد تداعيات وظلال الحرب الدامية منذ سنوات عديدة، كالموت إثر أزمة المواصلات، أو نتيجة خطأ وإهمال طبي، في ظل تدهور الوضع الصحي، بالإضافة إلى إزهاق أرواح آلاف الشباب نتيجة العطش والجوع في غابات اليونان وبلغاريا وفي أعماق البحار، أثناء رحلة اللجوء والهروب من الجحيم السوري، الذين ألقوا حتفهم قبل أن يصلوا إلى بر الأمان.

إذا ما تمعن المرء في أسباب هروب هؤلاء الشباب على هذه الطرق الوعرة والمحفوفة بالمخاطر، وهم لا يزالون في مقتبل حياتهم، سيجد أن وراءهم تكمن الحياة البائسة في سوريا، الحياة التي أصبحت شبه مستحيلة في بلد مزقته أزمات جمة، وصعوبات في مختلف مناحي الحياة، من غلاء المعيشة إلى أزمة المحروقات وطوابير الخبز والغاز، فضلا عن ضعف الخدمات العامة كشحّ الكهرباء والمياه، بالإضافة إلى ارتفاع معدل البطالة وانخفاض مستوى التعليم الجامعي وزيادة أعبائه المادية، وبالتالي يجد هؤلاء الشباب أنفسهم ربما أمام خيار وحيد، وهو السير نحو الدول الغربية، وإما النجاة والوصول إلى أعتاب أحد البلدان الأوروبية، أو لفظ أنفاسه الأخيرة أثناء محاولته الهروب والنجاة من هذا البلد.

كذلك، لا يمكن التغاضي عن مسألة ازدياد عدد المصابين بالاكتئاب والعديد من الأمراض النفسية بين الفئة الشابة، بالإضافة إلى تعرض نسبة كبيرة من جيل الشباب للنوبات القلبية (جلطات الدم) مؤخرا، نتيجة ظروف الحياة الصعبة، حتى أنه مؤخرا ارتفع معدل حالات الانتحار بشكل ملحوظ ومأساوي بين الشباب السوري.

في السنوات الأخيرة، تزايدت وفيات الشبان في العشرينات والثلاثينات من العمر بطرق مباغتة، آخرها وفاة مأساوية، لشاب سوري، محمد حمشو، الذي توفي في العاصمة دمشق الأحد الماضي، عندما كان يحاول ركوب باص للنقل الداخلي للوصول إلى جامعته، حيث كان يهم بالصعود والباص قد بدأ بالتحرك ليبقى نصف جسد حمشو خارج الباص، ويهوي للخارج قبل أن يجد الباص الوقت اللازم للوقوف وأن يصبح الشاب تحته.

موجة استياء واسعة

حادثة وفاة الشاب حمشو، أثارت حالة من الاستياء العام في الأوساط السورية، كما أثارت العديد من التساؤلات بين الكثير من السوريين حول مستقبلهم في بلد، الحياة فيها شبه مشلولة، وحكومة لا تستطيع توفير أبسط ضروريات الحياة اليومية، بل وأصبح بلد كاره العيش فيه، بسبب انعدام سبل العيش والحياة فيه من جميع الجهات.

حمشو، الذي نعاه أصدقاؤه بعبارات مؤثرة عبر منصة “فيسبوك”، قال ناشطون إنه توفي حين كان في الطريق إلى جامعته. وصعد إلى باص “دوار جنوبي”، وحين كان يهم بالصعود كان الباص قد بدأ بالتحرك ليلقي حتفه إثر سقوطه من الباص ودهسه من قبل الباص.

حمشو، مثله مثل باقي الشباب السوريين، كان حتى الأمس القريب يمتلك أحلاما وآمالا وطموحات فقدها بلحظة واحدة كما فقدته عائلته. وهو يحاول اللحاق بالباص وسط أزمة المواصلات المستمرة منذ سنوات.

حادثة حمشو، من شأنها أن تعيد إلى أذهان السوريين هذا المشهد المتكرر حين يحاول أحدهم اللحاق بالباص والصعود إليه وهو يمشي. بكل ما ينطويه المشهد من مخاطر كارثية كما حدث مع حمشو.

تداولت العديد من الصفحات العامة الشهيرة المتخصصة في الشأن السوري خبر وفاة حمشو، ونتيجة لذلك وردت ردود فعل غاضبة ومستاءة من سياسات الحكومة السورية، على عجزها وفشلها في إيجاد حلول لأزمة المواصلات التي أصبحت تشكل خطرا على حياة المواطنين، وعلق إحدى المتابعات على منشور نشره صفحة “نبض الجامعات السورية” قائلة: “ما بتستاهل يا حمشو، يجب إقالة أو استقالة وزير النقل”، في حين قالت إحدى المتابعات الأخريات:” الله يرحمه ويصبر أهله.. الوضع يلي وصلنالو مزري..حرام هالسنين وحرق هالأعصاب يلي عم تروح من عمرنا .بين مواصلات وأساسيات حياة..”.

الشاب محمد حمشو الذي توفي أثر أزمة المواصلات “إنترنت”

وأضاف أخرون: ” كلو بسبب الإهمال لوين عم نوصل يموتو شبابنا دعس بسبب قلت لمواصلات وبناتنا بيتعرضو لابشع أنواع التحرش بالباصات شو هل إهمال هاد وزارة النقل مو شايفين الوضع ما بشوفو أدي الباص بعبي وكيف بيتعامل الشوفير مع الركاب وين شرطة المرور.. باب الباص فاتح وماشي والمركب فوق لعدد عشر أضعاف خلص ما بقا استحيتو، بالحرب ما مات عالم أد ما عم يموتو بسبب الظروف القاهرة شي جلطات وحوادث”.

قد يهمك: الفساد في الجامعات السورية.. ابتزاز جنسي ورشاوى وانتهاكات

أزمة مواصلات خانقة

لا تزال أزمة المحروقات هي الهاجس الأكبر لدى السوريين، حيث تؤثر ندرتها وارتفاع أسعارها بكل مناحي الحياة الاقتصادية، لا سيما أنها إحدى محركات الحركة اليومية في الحياة العامة، وبالتزامن مع تأخر وصول رسائل البنزين المدعوم؛ ارتفع سعر البنزين في السوق السوداء إلى 8500 ليرة سورية.

في جولة على الشوارع في العاصمة دمشق، ستجد الازدحام الشديد على وسائل النقل القليلة، في ظل امتناع شريحة واسعة من السائقين عن العمل، بدعوى عدم تلقيهم مخصصاتهم الكافية من المحروقات، ومحاولة الحكومة ملاحقتهم وفرض العقوبات، ليجد المواطن نفسه غالبا في النهاية مضطر لطلب تكسي، أو المشي للوصول إلى وجهته اليومية.

حكومة دمشق، تحاول ضبط آلية عمل السائقين، حيث أكد عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل والمواصلات في دمشق، مازن دباس، أن مالكي أربعة آلاف وسيلة نقل عامة في المحافظة، سددوا رسوم تركيب جهاز تحديد الموقع البالغ 350 ألف ليرة سورية، في المصرف التجاري، وذلك بإجمالي وصل إلى 1.4 مليار ليرة.

وهدد دباس، بإيقاف تزويد المركبات التي ستخالف آليات العمل، بالمحروقات المدعومة حكوميا، مشيرا إلى أن المهلة التي منحتها المحافظة لدفع رسم الجهاز تنتهي أواخر الشهر الجاري، وبعده من المقرر أن تصدر إجراءات عن المحافظة، بخصوص الآليات غير الملتزمة، وخاصة أن عدد السرافيس، والباصات، والبولمانات يصل إلى 8500 آلية.

أزمة مواصلات بدمشق “إنترنت”

وعلى الرغم من إطلاق حكومة دمشق، العديد من الوعود لإنهاء أزمة المواد النفطية المستمرة منذ أشهر، وذلك من خلال التأكيد على وصول ناقلتي نفط إلى الموانئ السورية من إيران، إلا أن ذلك لم ينعكس على الأزمة، حيث ما تزال مستمرة، فضلا عن الطوابير الطويلة على محطات الوقود في البلد، حتى مؤخرا انتشرت ظاهرة “تكسي الركاب“، أي يركب أربعة أشخاص التكسي ويتقاسمون الأجرة كاملة فيما بينهم، وأصبح الطلب على 100 ألف ليرة، حديث عادي بين أصحاب السرافيس والتكاسي، وبدلا من ذلك، شكّل وصول تلك البواخر الإيرانية، رافدا جديدا للسوق السوداء.

هذا بالإضافة إلى تأخير رسائل الغاز وغيرها من الأمور المعيشية مما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها في السوق السوداء. ويبدو أن وجود الأزمات لن يختفي من الحياة اليومية للسوريين، وسيبقى شبحا يطاردهم، خاصة ممن يعيشون تحت خط الفقر، والذين تشكل نسبتهم الآن، أكثر من 90 بالمئة، من السكان وفق ما أفادت به تقارير أممية.

وفاة شاب نتيجة خطأ طبي

في حادثة أليمة أخرى لموت الشباب السوري، أغلقت النيابة العامة في دمشق، مؤخرا، مشفى “الغزالي” الخاص، على خلفية حادثة الإهمال الطبي التي أودت بحياة الشاب البارودي، البالغ من العمر 22 عاما.

وكشف مصدر طبي شرعي في دمشق لصحيفة “الوطن” المحلية، أن المعلومات الأولية تشير إلى إثبات وفاة الشاب محمد حامد البارودي، نتيجة إعطائه إبرة روسيفلكس، من قبل الممرض المناوب، في مشفى “الغزالي” بدمشق.

المصدر ذاته أوضح أنه تم إصدار أمر من النيابة العامة بتوقيف الممرض المناوب، مشيرا إلى أن التحقيقات مازالت جارية حتى الآن، لكشف التفاصيل الكاملة.

إغلاق مشفى “الغزالي”

وفق المصادر المحلية، فإن الشاب البارودي، دخل مشفى “الغزالي” نتيجة تسمم غذائي بسيط، وقام الكادر الطبي بتقديم حقنة لتركيب دوائي يسبب حساسية للمريض، ما أدى لمضاعفات عكسية أدت إلى وفاته.

هذا ويعاني القطاع الطبي من جملة من العقبات، منها نقص في الكادر الطبي والمعدات الطبية، فضلا عن الإهمال الحكومي الذي أدى إلى تراجع الخدمات الطبية وإلحاق الضرر بصحة وحياة مئات المرضى والمراجعين يوميا. وما زاد من فجوة الضعف في القطاع الصحي بشكل عام، هو انقطاع الأدوية وارتفاع أسعارها، وغياب الدعم من قبل الحكومة السورية، فضلا عن هجرة الأطباء من مختلف التخصصات.

قد يهمك: من “كورونا” إلى “الكوليرا”.. أزمات صحية تحاصر سوريا

تراجع مستوى الجامعات

ما يفاقم أوضاع الشباب السوري، ويدفعهم للهجرة، هو الواقع التعليمي الهشّ، حيث تعاني الجامعات من الفساد والتجاوزات بشكل كبير، من تلقي الرشاوى إلى الابتزاز الجنسي للطالبات، سواء من قبل الكوادر التعليمية، أو من قبل أصحاب النفوذ وخاصة مسؤولي المؤسسات العسكرية من الضباط والعمداء في إطار تقديم الخدمات، والتسهيلات لطلبة الجامعات مقابل خدمات جنسية، أو مادية أو ما شابه، وكل هذا يعود إلى المنظومة الفاسدة بالدرجة الأولى في سدة الحكم بدمشق، التي أعطت اليد العليا للمؤسسات العسكرية ومسؤولي “حزب البعث العربي الاشتراكي”، على التحكم وفرض السُلطة على جميع مفاصل المؤسسات الحكومية وحتى القطاع الخاص إن صح القول.

فضلا عن التدهور الملحوظ في مستوى التعليم نتيجة لتزايد مستوى الفساد، وقلة الموارد وجمود المناهج التعليمية، وعسكرة الحرم الجامعي وهجرة الأدمغة، وبالتالي تدمير نظام التعليم العالي برمته، وفق ما أكده العديد من الباحثين في جامعات عالمية من بينها جامعة “كامبريدج”.

انتشرت خلال السنوات الثلاثة الماضية العديد من الفضائح حول الجامعات السورية، تدل على مدى انتشار الفساد في النظام التعليمي عامة، وكان آخرها الفيديو الذي خرج من جامعة “البعث” مؤخرا، والذي أثار جدلا، واستياء واسعا في الأوساط السورية، وكذلك وُلّد تخوفات جمة لدى العديد من العائلات السورية حول مستقبل بناتهم في المؤسسات التعليمية هذه بعد هكذا فضائح.

أيضا، في إطار تدهور وضع الجامعات السورية، فإنه وعلى الرغم من أن الحكومة السورية تخصص للجامعات سنويا مليارات الليرات السورية، إلا أن الطلاب ما زالوا يعانون من أزمات جمة، وبحسب أحد طلبة كلية العلوم التطبيقية، فإن “السكن الجامعي يفتقر إلى أبسط الضروريات الأساسية للمعيشة والتعليم، مثل عدم توفر الكهرباء والتدفئة المركزية في فصل الشتاء، بالإضافة إلى حشو أعداد كبيرة من الطلبة في الغرف السكنية، حيث لا تتسع الغرفة الواحدة لأكثر من 5 طلاب، بينما يضعون فيها أكثر من 10 طلاب”.

وفي سياق متّصل، فإن نسبة البطالة في سوريا ارتفعت من 8 بالمئة، في عام 2011، إلى 56 بالمئة، في عام 2013، وبالرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية لنسب البطالة خلال السنتين الأخيرتين لكنها بكل تأكيد تفوق الـ 60 بالمئة، بحسب آراء عدد من المختصين خصوصا بين الخريجين في الجامعات والمعاهد التقانية، مؤكدين أن العاطلين عن العمل هم من خيرة الكفاءات والخبرات القادرة على إيجاد المخارج، والحلول للمشاكل، والسير وإن كان ببطء نحو تحقيق الأهداف.

هذا ويعاني معظم طلاب الجامعات من حالات إرهاق مزمنة، بالإضافة إلى مشاكل نفسية بسبب ضغوط العمل، والدراسة في الوقت ذاته، خاصة لطلبة الكليات العلمية، وخلال الفترة الماضية، تداول تقارير محلية عدة، عن ارتفاع النوبات القلبية بين الفئة الشابة، فضلا عن ازدياد نسبة المدخنين بين طلبة الجامعة.

قد يهمك: أعمال شاقة لجامعيين سوريين.. “الحصول على التعليم كلفته غالية”

الموت أثناء اللجوء

في إطار مسلسل الموت الذي يطارد الشباب السوري من كل الجهات حتى وهم خارج دائرة الحرب بسوريا، توفي اللاجئ السوري الشاب عبد الكريم مطلب الزيدان؛ نتيجة الجوع والعطش والتعب الذي حل به، في إحدى غابات اليونان، أثناء محاولته اللجوء إلى دول أوروبا.

هذا وتداول ناشطون وشبكات إخبارية محلية، خبر وفاة الزيدان، الذي ينحدِر من بلدة معبدا، قرب مدينة المالكية بريف الحسكة. ووفق معلومات على صفحته الشخصية على منصة “فيسبوك”، فقد التحق الزيدان، بكلية هندسة نظم حواسيب‏ في ‏جامعة “قرطبة” الخاصة للعلوم والتكنولوجيا‏. ودرس في ‏كلية الهندسة الزراعية في جامعة “تشرين”.

إلى جانب وفاة ستة أشخاص منحدرين من محافظة ديرالزور، بينهم أطفال جوعا أثناء فقدان سفينتهم في البحر لمدة أسبوع، يذكر أن القارب كان يحمل نحو ٣٠ شخصا جلهم أطفال ونساء، وفق تقارير محلية.

مهاجرون نحو أوروبا

وباتت أخبار الوفيات في الغابات اليونانية والبلغارية أثناء رحلة الهجرة خبرا شبه اعتيادي على مواقع التواصل الاجتماعي، ومؤخرا توفي عدد من الشبان السوريين، بسبب الظروف القاسية التي يعيشونها خلال محاولتهم عبور حدود دول عدة، باتجاه دول أوروبا الغربية.

ارتفع عدد المهاجرين السوريين عبر البحر المتوسط باتجاه إيطاليا، في الآونة الأخيرة، سواء من تركيا أو لبنان أو من سوريا، ما ضاعف عدد ضحايا الهجرة غير الشرعية في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية عموما.

ومنتصف آب/أغسطس الفائت، توفي الشاب عمار خطاب، من قرية الخيالة بريف الرقة، أثناءَ التوجه إلى إحدى الدول الأوروبية خلال محاولته عبور غابات اليونان؛ جراء التعب.

كذلك، لقى الشاب علي فياض الدعاس، حتفه في مقدونيا؛ بعد تعرضه لضربة شمس، خلال رحلة عبوره لإحدى دول اللجوء، وينحدر الشاب من مدينة دير الزور شرقي سوريا، ويبلغ من العمر 31 عاما، حيث كان يقيم في إسطنبول قبل محاولته الهجرة.

قد يهمك: بين صيف وأيلول درعا.. ما الذي تغير في الجنوب السوري خلال 4 سنوات

الشباب في مواجهة الرصاص!

نوال صوفي، الناشطة الدولية في مجال حقوق الإنسان، نشرت يوم الإثنين، نداء استغاثة لعشرات السوريين المهاجرين من سوريا، وأشارت صوفي إلى إنهم تعرّضوا لإطلاق نار من قبل قوات الحكومة السورية بعد انطلاقهم من الحدود السورية.

وتمكن هؤلاء المهاجرون من الوصول إلى قبرص فقط، وأضافت صوفي أنها تواصلت مع خفر السواحل القبرصي في الساعة الواحدة فجر يوم أمس الثلاثاء، وعلمت منهم أنه سوف “يتم إنقاذهم بعد قليل”.

ووفق صوفي، فإن عدد الأشخاص المهاجرون نحو 150 فردا صعدوا على متن قارب، مع عائلاتهم وأطفالهم، من الحدود السورية، دون ذكر الجهة، حيث أطلق عليهم النار، ما أدى إلى دخول المياه للقارب، وبالتالي لم يستطيعوا الوصول سوى إلى السواحل القبرصية اليونانية، فيما كانت الوجهة إلى إيطاليا.

والسوريون الذين يهاجرون بشكل غير شرعي عبر طرطوس إلى قبرص، يكون عبر شبكات المهربين، مقابل مبالغ كبيرة نوعا ما، وبتقاعس مع الحكومة السورية، كما وهناك رحلتان أو ثلاث رحلات أسبوعيا من الساحل بين طرطوس وبانياس ليلا، حسب التقارير المحلية.

هذا وتواجه رحلات الهجرة غير الشرعية مخاطر جمة كالوفاة إما غرقا أو بسبب الجوع والعطش، كما حدث مع سوريين كثر في الآونة الأخيرة.

في العاشر من أيلول/سبتمبر انطلق المهاجرون من لبنان على متن مركب خشبي بطول 15 مترا بهدف الوصول إلى إيطاليا، وفق شهادة المهاجرين لوكالة “الأناضول”.

بالإضافة إلى أن ستة مهاجرين سوريين لقوا حتفهم في منتصف الشهر الجاري، نتيجة الجوع والعطش، بينما كانوا على متن قارب يعبرون البحر المتوسط باتجاه إيطاليا، كانوا من بين مجموعة مؤلفة من 26 شخصا، وفق المفوضية الأممية في إيطاليا، كيارا كردوليتي.

هجرة السوريين إلى أوروبا

ووفق إحصاءات الاتحاد الأوروبي، استقبلت قبرص حتى الآن أعلى طلبات لجوء سنوية خلال الأعوام الماضية، مقارنة بحجم سكانها، ووفق الإحصاءات الرسمية القبرصية، بلغ عدد طالبي اللجوء خلال النصف الأول من هذا العام 12 ألفا، أي ما يعادل العدد المسجل خلال 2021 بأكمله.

آلاف اللاجئين السوريين جهزوا أنفسهم في تركيا، للخروج منها باتجاه أوروبا، في قافلة سير جماعية ضمن حملة نُظّمت على وسائل التواصل الاجتماعي، وأطلقوا عليها اسم “قافلة النور”، ووفقا لقناة الحملة على تطبيق “تليغرام”، فقد تجاوز عدد المنضمين 40 ألف سوريا، حيث ستنطلق القافلة قريبا إلى أوروبا.

السوريون الذين يستعدون للخروج بالقافلة، دعوا المنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام، لدعمهم ومساعدتهم لتسهيل عبور القافلة بشل آمن وإنساني نحو أوروبا، مرجعين انطلاق هذه الحملة على خلفية تدني الظروف الاقتصادية، والمعيشية للاجئين السوريين في تركيا، والعنصرية المستمرة ضدهم، إضافة لحملات الترحيل والقرارات التي تضيق على تواجدهم في البلاد، التي يرى بعضهم أنها ازدادت بعد تبني الحزب الحاكم في تركيا “العدالة والتنمية”، عملية عسكرية وإعادة العلاقات مع دمشق من أجل تنفيذ منطقة “آمنة” لإعادة اللاجئين من أراضيه.

وبحسب المسؤول الإعلامي لـ”قافلة النور”، فإن القائمين على الحملة مجموعة شباب سوريين، وقد بلغ عدد الأشخاص الذين تجهزوا للهجرة، نحو 100 ألف شخص، لكنه اعتذر عن تحديد موعد انطلاق القافلة لأسباب أمنية.

من جانبها، أعلنت السلطات اليونانية، حالة الاستنفار والتأهب القصوى للتصدي للمهاجرين، ولا سيما المشاركون بـ”قافلة النور”، حيث أكد وزير الهجرة اليونانية، نوتيس ميتاراكيس، أن القوات الأمنية في بلاده أخذت وضعية التأهب والاستعداد وخاصة في منطقة “إيفروس” الفاصلة بين اليونان وتركيا.

ومساء يوم الإثنين، أعلن القائمون على “قافلة النور” عبر منصة “تلغرام”، إيقاف جميع القوافل القادمة باتجاه مدينة أدرنة، بعد تعرض مجموعة تابعة للقافلة تجمعت داخل حديقة في أدرنة، لإطلاق نار من قِبل أشخاص ادّعوا أنهم عناصر أمن، مشيرين إلى أنه وبعد التحقيق تبيّن أن من أطلق النار هم مهربون سوريون، وقد قام هؤلاء بتهديد الموجودين هناك بمصير مروع في حال خروجهم مع القافلة.

شعار “الهجرة أو الموت”، هو السائد حاليا لدى العديد من السوريين داخل تركيا بحسب ما ذكره العديد من الحقوقيين والناشطين، ذلك لأن الأتراك، الذين يواجهون وضعا اقتصاديا متدهورا مع ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة الليرة، وجّهوا استيائهم تجاه اللاجئين، وخاصة السوريين والأفغان، متهمين إياهم بسرقة الوظائف، وزيادة الإيجارات.

تقارير أممية وصفت الوضع بـ”لانهاية في الأفق”، وقالت المتحدثة باسم المفوضية، شابيا مانتو، إن العام الفائت شهد تسجيل حوالي 3 آلاف و231 حالة وفاة، أو فقدان في البحر المتوسط وشمال غربي المحيط الأطلسي، أما عام 2020 شهد ألف و881 حالة وفاة، وفي عام 2019 شهد تسجيل 1510 حالة وفاة، وأكثر من 2227 حالة وفاة عام 2018.

قد يهمك: “قافلة النور”.. هل فرضت أنقرة الهجرة على السوريين نحو أوروبا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.