على الرغم من أن معظم اعتمادات العالم في الطاقة تستند على مصادر الوقود حاليا، غير أنه لغاية الآن؛ أكبر مصدر من مصادر الطاقة والأقل استغلالا في نفس الوقت، هي صحاري الأرض، وبحسب دراسات فأن هذه الصحاري تتلقى في غضون أسبوعين كمية من الطاقة الشمسية تعادل الطاقة المتضمنة المعروفة والمخمنة في جميع مخزونات النفط.

وسط هذه المعادلة، تقع الأنظار ومنذ نحو عقد بشكل عملي على أقل تقدير، في مسئلة التحول بمصادر الطاقة إلى المصادر النظيفة ومواجهات تحديات المناخ، على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لما تتمتع به الجغرافيتين من أشعة شمسية ومعدلات رياح عالية، ومتميزة، لاسيما في الصحراء الغربية.

مؤخرا، يزداد انتشار توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، خاصة في مصر والمغرب وعمان والسعودية، حيث المشاريع الكبرى، وذلك بالتزامن مع مشروع “ديزيرتك” الذي تشترك فيه عدد من دول أوروبا، بهدف إنتاج الكهرباء وتصديرها لدول أوروبية وأفريقية من خلال شبكة عظمى للكابل عالي الفولت.

“ديزيرتك” الذي يهدف لاستثمار صحراء الغربية، وعلى الرغم من استمرار العمل فيه منذ سنوات دون نتائج فعلية لتصدير الكهرباء حتى الآن، إلا أنه جعل من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا محط أنظار الجميع، كما حفز دول المنطقة في الإسراع نحو استثمار تلك المصادر لإنتاج الطاقة، مثل السعودية والإمارات.

الصحراء الغربية منطقة شاسعة تقع شمال غربي أفريقيا ومساحتها حوالي 266 ألف كيلومتر مربع، ويدير المغرب نحو 80 في المئة منها والباقي تديره جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، وهي اختصار لـ “الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب”، التي تأسست في العام 1973 بهدف إقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية.

اقرأ/ي أيضا: دعما للطاقة المتجددة..  مشروع عراقي لتحويل دوائر حكومية لمباني ذكية

الصحراء الغربية وأهمية شمال أفريقيا

دراسات علمية، تشير إلى أنه وفي ظل توجه العالم نحو الطاقة النظيفة، فأن منطقتي شمال إفريقيا والشرق أوسطية، ستكون فيها الطاقة المتجددة مستقبلا للمنطقة، خاصة وأن المشاريع في هذا المجال كثيرة جدا، ومع ما تمتلكه دول المنطقتين خاصة الشرق الأوسط القدرة على التحول بسهولة من كونها تأتي في صدارة دول العالم المصدرة للنفط إلى أداء دور مهم في مجال تصدير الطاقة المستمدة من أشعة الشمس.

وتؤكد أن، هذه الرؤية الجريئة من شأنها أن تعمل على خفض معدلات اعتماد المنطقة على النفط والغاز، إضافة إلى توفير بديل نظيف ومستدام يضمن مستقبل المنطقتين الوفيرتين بأشعة الشمس، كما ستمثل إحدى أبرز فواعل مواجهة التغير المناخي لما ستساهم به في خفض معدل الانبعاثات السامة.

في هذا الشأن، يقول المهندس الكهربائي يعرب حازم، لموقع “الحل نت”، إن “توجه العالم نحو المنطقتين ليس وليد اللحظة، بل الدراسات عن هذا الموضوع موجودة منذ أكثر من 20 عاما، إضافة إلى ما عززها في التحول الواقعي، ما يمر به العالم خلال السنوات العشرة الأخيرة من تحديات مناخية تفرض على العالم إيجاد حلولا للتقليل من الانبعاثات الضارة”.

حازم يبين، أنه “لما تتمتع به منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أشعة شمسية ليست وفيرة فحسب، بل هي من أجود أنواع الأشعة الشمسية الموجودة حول العالم، ومع ما يمر به العالم من صراع حول مصادر الطاقة التقليدية، ذهب الغرب إلى الإسراع في التوجه نحو التحول إلى الطاقة النظيفة مع ما يمتلكونه من إمكانيات تساعدهم في ذلك دون غيرهم، لتصبح هذه الجغرافيتين هدفهم الأساسي نحو مستقبل أكثر استقرار”.

اقرأ/ي أيضا: فوضى في بيع الألواح الشمسية بسوريا.. بطارية لتخزين الكهرباء بـ 9 ملايين

شركات إستراتيجية أمنية 

ويضيف أن “التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة سيفرض خارطة من التحالفات الجديدة حول العالم، كما سيعزز الشراكات بين الدول، للمساعدة في خلق بيئة أمنة يمكنهم فيها العمل دون تهديدات وجودية لمثل هذه المشاريع الاستراتيجية العملاقة”، لافتا إلى أن “نوعية الأجواء في المنطقتين من حيث الرياح والغبار في الجو وقوة الأشعة الشمسية ومدياتها الزمنية من حيث اليوم الواحد والفصل مقارنة بباقي الدول، تضعها في المرتبة الأولى لأن تكون أفضل منطقة لإنتاج الطاقة”.

حازم الذي يعمل في نصب منظومات الخلايا الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية، يلفت إلى أن “العالم ذاهب لا محال في التحول إلى الطاقة المتجددة، ومنطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ولما ذكرناه من مميزات فيها، سيخلق شراكة عميقة مع أوروبا ومناطق أخرى من العالم، كما سيعزز المستوى التكنولوجي في المنطقتين مجرد ما تبدأ المشاريع الأوروبية بالاستثمار فيها، وهذا ما سيضع العالم أمام التزامات مصيرية”.

في أحدث تقاريرها لاستشراف مستقبل الطاقة الشمسية 2021، ألقت جمعية الشرق الأوسط لصناعات الطاقة الشمسية الضوء على النجاحات المتنامية التي تحققها مشروعات الطاقة الشمسية في 11 دولة، وهي: الجزائر والبحرين ومصر والأردن والعراق والكويت والمملكة المغربية وعمان والسعودية وتونس والإمارات. 

وسلط التقرير الضوء على الدور المتنامي الذي من المرجح أن يؤديه استخدام الطاقة الشمسية في توليد الهيدروجين والأمونيا، وهذه طرائق أخرى من المحتمل تصدير الطاقة الشمسية من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عبرها في المستقبل، فضلا عن نقل الكهرباء المباشر عبر شبكات الكابلات الدولية.

وتحديدا منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، ووفقا لتقارير متخصصة، قد شهدت طفرة في استثمارات الطاقة المتجددة، في ظل حملة متنامية لزيادة العائدات على أصول الهيدروكربونات في المنطقة والحد من انبعاثات الكربون، ما دفع بالمنطقة لأن تكون لاعبا مهما في مجال الطاقة المتجددة.

اقرأ/ي أيضا: العراق يتجاوز أميركا بمصادر الطاقة.. ما العائق أمام استثمارها؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة