في مقاربة سلطت الضوء على أحد الجوانب المهمة في العراق، ألا وهو سبب التأخر في استثمار مصادر الطاقة التي تفوق حجم الاستثمار في الولايات المتحدة الأميركية فيما لو تم ذلك.

 لاسيما مع احتلال العراق المرتبة الرابعة في قائمة دول المنطقة في إطار انبعاثات عمليات إنتاج الطاقة والنفط، وفقا للهيئة العراقية للسيطرة على المصادر المشعة. 

حيث يصل معدل الانبعاث العالمي 4,79 طن في السنة لكل شخص، ووفقا لهذ المعدل فأن العراق يحتل المركز الرابع في المنطقة من حيث حجم الانبعاثات السنوية لكل فرد، فيما تتصدر دولة قطر القامة بواقع 23 طنا لكل شخص سنويا، تليها السعودية بواقع 19 طنا، ثم الإمارات، بحسب رئيس الهيئة كمال حسين. 

ويقول حسين في حوار صحفي تابعه موقع “الحل نت”، إن “تأثير انبعاثات العراق على الطقس العالمي 0,6 بالمئة، اما محليا فتأثير الانبعاثات كبير جدا بسبب الاحتباس الحراري وقلة الأمطار والجفاف، واتساع رقعة التصحر التي فاقمت من نسب الرطوبة في الهواء”.

ويضيف أن “هناك انحسار في المناسيب المطرية في العراق على العكس من بعض البلدان، الأمر الذي تسبب بالتأثير العالي للانبعاثات”.

اقرأ/ي أيضا: العراق والسعودية يوقعان اتفاقا للربط الكهربائي.. هل تنتهي المعضلة؟

حجم الانبعاثات 

كما أشار إلى أن “الانبعاثات تقسم إلى قسمين: الأول انبعاثات المحروقات والصناعة النفطية التي تشكل 48 بالمئة من الانبعاثات الكلية، أي ما يعادل 33 مليون طن في السنة، والقسم الآخر هو انبعاثات قطاع الكهرباء الذي يشكل 26 بالمئة من الانبعاثات الكلية بحدود 34 مليون طن”.

إلى ذلك، “بدأت الحكومة باتجاه استثمار الغاز المصاحب، وإذا استطعنا التخلص من الغاز المصاحب في 2035، فسنخفض من الانبعاثات بحدود 15 بالمئة”، وفقا لرئيس الهيئة. 

وبظل تلك المصادر الغنية “لدى العراق فرص استثمارية لغاية 2026 تصل إلى 3 آلاف ميغاواط من الطاقة المتجددة وهذا أكبر من أميركا، ويمثل 10 بالمئة من الحاجة الفعلية للطاقة في العراق، وفقا لحسين، مشيرا إلى أن “أميركا وصلت إلى 1480 ميغاواط من الطاقة المتجددة وهي قد بدأت منذ 1985بمشاريعها”. 

وفي هذا الشأن يقول المهتم في الشأن الاقتصادي، عامر الملا في حديث لموقع “الحل نت”، أن “العراق هو من أكثر الدول التي تمتلك مصادر متنوعة ووفيرة من مصادر الطاقة، سواء كان من حيث النفط والغاز، أو المياه وأشعة الشمس”.

ويضيف: “لكن تأخر العراق في مجال استثمار الطاقة يعزا لسبب سوء الإدارة وعدم وجود نظام سياسي يعمل لمصلحة البلاد، أو يمتلك إرادة على المضي نحو تجديد مصادر الطاقة والتخلص من الآليات الكلاسيكية وما يترتب عليها من أضرار بيئية وتكاليف مادية”.

اقرأ/ي أيضا: لإنتاج الكهرباء.. مشاريع عراقية جديدة تعمل بالطاقة النظيفة

مخطط داخلي وخارجي

الملا أشار أيضا، إلى أن “هناك مخطط متكامل يمنع تقدم العراق نحو استثمار مصادره، ليبقى أسير مشاريع خارجية، فهناك قناعات إقليمية وداخلية تعمل على بقاء العراق متأخرا في حين أن تلك الدول هي ذاتها من بدأت تلجأ منذ سنوات طويلة للطاقة المتجددة”.

بالتالي “نحن لا نريد أن نتحدث بسقف عال، ونقول أن العراق لا يحتاج إلى المصادر الكلاسيكية المعتادة في توفير الطاقة، لكن التوجه نحو الطاقة المتجددة سيخفف بنحو 50 بالمئة من الاعتماد عليها”، مشيرا إلى أنه “على الأقل يمكن اللجوء إلى الطاقة النظيفة في القطاع الزراعي الذي يفترض أنه يمثل أحد أهم وأكبر القطاعات في العراق”.

وهذا بدوره “سيخفف على منظومة الطاقة الوطنية، ويزيل الأعباء في المجال الزراعي ما يحفز الفلاحين على العمل دون تذمر، ولكن لا شك هذا يحتاج مبادرات حكومية ورعاية”، وفقا للملا. 

ويلفت إلى أن “هناك فواعل سياسية ومسلحة تقف خلف ذلك التأخر، وبدفع من إيران تحديدا، التي تحاول إبقاء العراق خاضعا للديون التي تترتب عليه بسبب استيراد الغاز الإيراني، الذي تعتمد طهران على وارداته بشكل كبير في إنعاش اقتصادها، والتخفيف من العقوبات الأميركية التي تواجهها”.

وفي وقت سابق، أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، دعم قطاع الطاقة عبر توقيع مجموعة من العقود تعتمد على الطاقة الشمسية، فيما أشار إلى تدارس عملية دعم المحطات الكهربائية، وكذلك المولدات الأهلية.

وقال الكاظمي في كلمة خلال افتتاحه محطة ميسان الاستثمارية المركبة لإنتاج الطاقة الكهربائية: “نفتتح محطة ميسان الكهربائية، وهي محطة تنتج بحدود 750 ميغاواط، وهي إضافة نوعية للشبكة الوطنية لنقل وتوفير الطاقة لكل محافظاتنا، وقد تكون محافظة ميسان هي المستفيد الأول، إلا أنها داعمة للشبكة الوطنية للكهرباء”.

تقليل الاعتماد على الغاز

فيما أضاف أن “هذه المحطة ستستخدم الغاز المحلي من حقول الغاز في محافظة ميسان؛ وهذا تطور نوعي جديد في مجال الطاقة وإنتاج الكهرباء؛ لأنها ستساهم في تقليل الاعتماد على الغاز والكهرباء المستوردين”.

كما أشار إلى أنه “لقد بذلت هذه الحكومة جهودا استثنائية في استخدام الطاقة، ووضعت استراتيجية جديدة تعتمد على تطوير كفاءاتنا، والاستفادة من خبرات شبابنا في وزارة الكهرباء”.

ولفت إلى أن “هذه المحطّة والمحطّات التي تم افتتاحها في الماضي القريب هي محطّات مركبة تعتمد على مرحلتين في العمل، وتقلل من الهدر في الطاقة، وكذلك تساهم في تقليل الانبعاثات الحرارية، وتكون صديقة للبيئة”.

وبين أن “العالم قد تغير كثيرا وأصبح موضوع البيئة من أولويات العمل؛ ولهذا قمنا بتغيير اسم وزارة الكهرباء إلى وزارة الكهرباء والطاقة البديلة؛ أي: الطاقة الصديقة للبيئة التي تكون أرخص في كلفتها، وأكثر ملاءمة لتطورات العصر”.

واستدرك أن “العمل ما زال جاريا في وزارة الكهرباء وضمن خطة الحكومة على استراتيجية جديدة تعمل على توفير الطاقة وفق مجموعة من الظروف والشروط؛ لتحسين خدمة الكهرباء في عموم العراق”.

ولفت إلى أنه “دعمنا قطاع الطاقة عبر توقيع مجموعة عقود تعتمد على الطاقة الشمسية، وهناك مشاريع سنضع حجر الأساس لها قريبا، ونفتتحها بالقريب العاجل”.

وأوضح رئيس الوزراء، “كان لدينا اجتماع يوم أمس في مجلس الوزراء، وتدارسنا عملية دعم المحطات الكهربائية، وكذلك المولدات الأهلية؛ واتخذنا مجموعة من القرارات لدعم أصحاب المولدات، وتقليل معاناة المواطنين في الصيف”.

اقرأ/ي أيضا: هل يمكن تحول العراق من مصدر للنفط إلى الكهرباء؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة