مع دخولها يوم الثاني والعشرين، لا تزال الاحتجاجات في إيران مشتعلة وبشكل غير مسبوق نتيجة وفاة مهسا أميني، بعد اعتقالها من قِبل أجهزة الأمن الإيرانية.

وفي سابقة هي الأولى من نوعها، هتف الطلاب خارج قسم العلوم في جامعة “مشهد” قائلين: “لم يعد هذا احتجاجا.. هذه بداية ثورة”، فعلى الرغم من مختلف وسائل القمع التي تمارسها السلطات الإيرانية ضد المحتجين، والمظاهرات المضادة المؤيدة للسلطة إلا أن الاحتجاجات مستمرة، ما يدفع للتساؤل حول إمكانية استمراريتها، وسط توقعات بسحقها في النهاية كما كان يجري في الاحتجاجات السابقة.

ولكن على الرغم من إمكانية حدوث ذلك ووقف الاحتجاجات، إلا أن مراقبين ومختصين بالشأن الإيراني، يرون أن الاحتجاجات في هذه المرة مختلفة بشكل كلي عن سابقاتها، وهي وإن توقفت فلها ما بعدها ولن تكون الأخيرة.

احتجاجات متسارعة

العديد من التقارير، التي اطلع عليها “الحل نت”، تشير إلى أنه منذ أن تم الإعلان عن قانون “الحجاب والعفة” في إيران في تموز/يوليو الماضي، تواجه الدولة موجة متصاعدة من السخط الشعبي والاحتجاجات، تشارك فيها شريحة واسعة من المجتمع، بدأت بالنساء، حيث يفرض عليهن القانون ارتداء الحجاب في الأماكن العامة كافة، والالتزام بمعايير محددة للملبس، ويحق لشرطة الأخلاق معاقبة غير الملتزمات بالحجاب، وكذلك معاقبة ذوات “الحجاب السيئ”، وقد تصل العقوبة للاحتجاز.

الاحتجاجات في إيران “وكالات”

وبعد أن وقعت حادثة وفاة “مهسا أميني”، إثر احتجازها من قِبل شرطة الأخلاق، في طهران حين تم القبض عليها لارتدائها الحجاب بصورة سيئة، اتخذت موجة الاحتجاجات منحى تصاعديا، حيث انتشرت الاحتجاجات بوتيرة سريعة لعدة مدن حتى وصلت إلى العاصمة طهران، كما شملت الاحتجاجات فئات اجتماعية مختلفة، وارتفعت حدة التوترات والاشتباكات العنيفة بين قوات الأمن والمحتجين، ما دفع الكثير من المراقبين لوصفها بأنها الاحتجاجات الأكبر في إيران منذ سنوات طويلة. وتثير الأوضاع الحالية تساؤلات حول احتمالات اندلاع موجة “ثورية” داخل إيران، خاصة أن المشهد الحالي في إيران يتشابه إلى حدّ كبير مع واقعة موت بوعزيزي في تونس، التي أشعلت النار في الهشيم، واندلع عقبها الربيع العربي.

لم يتأثر الرأي العام الإيراني، ببيان الشرطة الإيرانية الذي ادّعى أن أميني، توفيت إثر نوبة قلبية، وهذا ما دفع إلى خروج الاحتجاجات بشكل غير مسبوق، نتيجة للحادثة وحوادث سابقة، إضافة للاضطرابات التي تعاني منها إيران على خلفية الأوضاع الاقتصادية السيئة.

فقد بدأت التظاهرات في مدينة سقز، مسقط رأس أميني، ثم انتقلت سريعا عبر مدن إقليم كردستان بشمال غرب البلاد، وخلال أيام قليلة انتشرت الاحتجاجات في عدد كبير من المدن، حتى وصلت إلى أكثر من 50 مدينة كبيرة وصغيرة، بما في ذلك العاصمة طهران، وكذلك المدن “الدينية” مثل مدينة (قم)، التي تتضمن معظم المعاهد الدينية الإيرانية، الأمر الذي يشير إلى مدى الاحتقان الشعبي حتى في المناطق “المحافظة”.

وبشكل لافت تحدت الاحتجاجات، الشرعية الدينية للنظام الإيراني، حيث قام بعض المحتجين خاصة من النساء بحرق الحجاب أثناء الاحتجاجات في تحد واضح للسلطة الدينية، وهو الأمر الذي له دلالة كبيرة، خاصة في الوقت الذي يركّز فيه خطاب الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، على استعادة مبادئ “الثورة الإسلامية”، وإعادة إحياء القيم والثقافة الإسلامية الشيعية، فضلا عن دعمه للتيار الأصولي المتشدد الذي عادة ما يحسب هو نفسه عليه، وهو الأمر الذي يشير في جانب منه إلى تراجع شرعية “الثورة الإسلامية” التي يقوم عليها النظام الإيراني الحالي.

مع اتساع الفئات المشاركة في الاحتجاجات، تجاوز غضب الجماهير للشرطة وامتد إلى النظام الإيراني ذاته، حيث تصاعدت الهتافات المضادة للنظام والمطالبة بإسقاطه، كما هتفت التظاهرات بسقوط خامنئي وابنه مجتبي، الذي كان يُروّج له ليكون خليفة المرشد.

كما لاقت الاحتجاجات بإيران ردود فعل دولية، خاصة أنها مرتبطة هذه المرة بحادثة عنف ضد امرأة ما يجعلها جاذبة للرأي العام الدولي بصفة عامة والغربي بالأساس.

إقرأ:إيران ترفع حالة التأهب في أكثر من 50 مدينة.. ما القصة؟

القمع منهج إيراني

على الرغم من تصاعد حدة الاحتجاجات، وانتشارها عبر معظم أنحاء الدولة، لم تتخذ الحكومة الإيرانية أية إجراءات لاحتواء حالة الغضب الشعبي الذي تواجهه، واكتفت الحكومة باستخدام ذراعها الأمنية بالأساس، وتصعيد العنف ضد المحتجين في الشوارع من جانب، وتهديد الآخرين الذين يشاركون أو يؤججون التظاهرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

فقد استخدم النظام الإيراني أسلوبا عنيفا في التعامل مع التظاهرات التي خرجت في أعقاب وفاة مهسا أميني، إذ استخدمت العناصر الأمنية الغاز المسيّل للدموع والهراوات وبنادق الصيد والخراطيش لتفريق المتظاهرين، فضلا عن القيام بحملة اعتقالات واسعة ضد المحتجين، ووصل الأمر بعد اتساع نطاق التظاهرات إلى استخدام الذخيرة الحية، الأمر الذي يؤشر إلى زيادة السخط الشعبي.

فنتيجة للقمع من قِبل الأجهزة الأمنية، سقط عشرات القتلى بين المحتجين، كما دعت الحكومة الإيرانية لتنظيم تظاهرات داعمة للحجاب ردا على الاحتجاجات المناهضة له، حيث خرجت يوم الجمعة عدة مسيرات بمدن مختلفة من طهران وقم والأهواز وغيرها.

وأيضا استعانت الحكومة لأول مرة بوحدة الأمن النسائية “فراجا”، بشكل كامل لتفريق التظاهرات، وقد يكون الهدف من ذلك تخفيف حدة الانتقادات لقوات الأمن الأخرى أثناء تعرضهم للمتظاهرات أو التعدي عليهن بالعنف، خاصة الادعاءات الدينية التي تغلف بها الحكومة ممارستها. وفي كل الأحوال لا تعد القوات النسائية أقل سوءا في عنفها بينما زادت الاعتقالات وفض التظاهرات بالإجراءات العنيفة.

كما قامت الحكومة بوقف خدمات الاتصالات والإنترنت منذ يوم الخميس، 22 أيلول/سبتمبر، لإعاقة التواصل بين المتظاهرين في شوارع المدن، وإنهاء عمليات التعبئة والتفاعلات الجارية على مواقع التواصل الاجتماعي، ومشاركة مقاطع الفيديو والمنشورات التي تؤجج حالة الاحتقان الداخلي، ومن جانب آخر لإعاقة وصول التطورات إلى الإعلام الدولي.

بوادر ثورة؟

المجتمع الإيراني يعيش تحت ضغوط اقتصادية شديدة، وتردّي في الأوضاع المعيشي، حيث وصلت البطالة لمعدلات مرتفعة، فضلا عن زيادة مستوى التضخم، وقد أخفقت الحكومة في التعامل مع الأزمات المتلاحقة على رأسها أزمة المياه، وجائحة كورونا. كل هذه العوامل مجتمعة وغيرها وضعت الداخل الإيراني في حالة احتقان وغضب شديدة، وبينما ينتظر الشعب الإيراني حلولا من الدولة لتحسين أوضاعه، يركز النظام على تطبيق قواعد ثقافية ودينية صارمة، ولا يُلقي بالا لتحسين معيشة المواطنين.

ومن ناحية أخرى، تزيد الضغوط على النساء الإيرانيات، حيث تضع عليهن الدولة قيودا مستمرة كان آخرها قانون الحجاب والعفة، بينما سبقت هذا القانون سلسلة طويلة من المشاحنات بين الدولة والمرأة، التي تمثل حوالي 50بالمئة من نسبة السكان، وذات معدلات تعليم مرتفعة. وفي هذا الإطار، فجّرت الاحتجاجات الضغوطات الكثيرة والمتزايدة التي يعيش فيها المجتمع الإيراني.

وبحسب مختصين، فإن تحول الاحتجاجات إلى ثورة عامة تهزّ كيان النظام السياسي مرهونة بعدة عوامل، أهمها تماسك المؤسسات نفسها وإمكانية انضمام تيار من داخلها لموقف الرأي العام، والمدى الزمني لاستمرار الاحتجاجات بالزخم نفسه، وعدم تحوّلها لاشتباكات أهلية بين مؤيد ومعارض للنظام، ومدى إمكانية انتهاز الجماعات الانفصالية في المناطق الطرفية، مثل إقليم كردستان وبلوشستان، انشغال المؤسسات الأمنية بفض الاحتجاجات لشن هجمات ضد النظام وإرباكه وتقويض قدرته على احتواء الفوضى، بالإضافة إلى مدى تدخل العامل الخارجي لدعم الاحتجاجات والضغط على النظام الإيراني، لإحداث تغيير.

أبعاد الاحتجاجات الإيرانية

العديد من الأبعاد التي تأخذها الاحتجاجات في إيران، أبرزها، اتساع نطاق التظاهرات ومطالبها حيث تتواصل الاحتجاجات على وفاة أميني، حيث شملت أكثر من 50 مدينة إيرانية، من بينها مدن رئيسية، مثل طهران وكردستان ومشهد وتبريز وشيراز وكرمنشاه وإيلام وسبزوار وقزوين وقم وزنجان وكرمان وغيرها. وأسفر التعامل العنيف لقوات الأمن الإيرانية عن مقتل وإصابة العشرات.

واللافت في هذه الاحتجاجات، هو المشاركة الواسعة من قبل قطاعات نسائية وطلاب الجامعات في إيران، إذ قامت بعض الفتيات بخلع حجابهن وحرق أوشحتهن تعبيرا عن الاحتجاج على سياسات النظام الإيراني القمعية والخاصة بفرض الحجاب الإجباري، وكذلك التنديد بمقتل مهسا أميني، كما شارك طلاب الجامعات الإيرانية، مثل جامعة طهران وجامعة الزهراء وجامعة آزاد، في تلك الاحتجاجات مردّدين هتافات “سأقتل.. من قتل أختي”.

وتصاعدت هتافات المحتجين من التنديد بمقتل أميني، إلى المطالبة برحيل النظام، إذ ردّد المحتجون شعارات “هذه رسالة أخيرة.. هدفنا إسقاط النظام”، و”خامنئي قاتل.. ولايته باطلة”، و”الموت لخامنئي.. الموت للديكتاتور”، وهو الأمر الذي يكتسب أهمية خاصة لتزامنه مع الاحتجاجات المتواصلة منذ أشهر في الشارع الإيراني، على خلفية المطالبة بتحسين الظروف المعيشية الصعبة جراء العقوبات والسياسات الفاشلة لحكومة الرئيس الإيرانية إبراهيم رئيسي.

وأيضا من أبعاد الاحتجاجات، إثارة قضية الأكراد في إيران حيث تُلقي وفاة أميني، المنحدرة من محافظة كردستان إيران، الضوء على معاناة الأكراد في إيران، وتعامل النظام القمعي معهم، على الرغم من أن الأكراد في إيران يشكلون زهاء 10بالمئة من السكان، وهو الأمر الذي قد يسهم في تجديد النزعات الانفصالية لدى الأكراد مرة أخرى.

كما أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية يوم 22 أيلول/ سبتمبر الماضي، فرض حزمة من العقوبات على شرطة الأخلاق وكبار القادة الأمنيين الإيرانيين المسؤولين عن عمليات القمع بحق المتظاهرين على خلفية وفاة أميني.

واستهدفت العقوبات قائد شرطة الأخلاق في طهران، أحمد ميرزائي، وقائد شرطة الأخلاق الإيراني محمد رستمي، ونائب قائد قوة الشرطة الإيرانية علي قاسم رضائي، وقائد القوات البرية بالجيش الإيراني كيومارس حيدري، وقائد قوة الشرطة في محافظة تشهارمحال وبختياري منوشهر أمن اللهي، والنائب السابق لقائد العمليات في منظمة الباسيج، التابعة للحرس الثوري على سالار أبنوش. ووصفت واشنطن، وفاة أميني، بأنها “أمر لا يغتفر”، متوعدة بمحاسبة المسؤولين الإيرانيين المتورطين في الحادث وفي قمع الاحتجاجات.

هل تُسحَق الاحتجاجات في إيران؟

بحسب تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية، يوم الإثنين الماضي، فقد قيمت إدارة بايدن، هذه الانتفاضة على أنها محكوم عليها بالاشتعال ثم سحقها تحت أحذية الحرس الثوري. هذا في المحصلة هو تاريخ جمهورية إيران الإسلامية. فقد كان لزنازين الشرطة والرقابة والهراوات، سجل طويل وناجح في قمع المعارضة بعنف.

ووفق التقرير، فإنه تحت إشراف المرشد الأعلى، علي خامنئي، البالغ من العمر 83 عاما، الحاكم الأطول خدمة في الشرق الأوسط، يبدو أنه من غير المعقول أن تتخلى القيادة المحافظة الراسخة بعمق في إيران، عن غريزتها الطبيعية للرد الأمني، فقد أثبتت نجاعتها بالماضي.

ففي السابق، أدت مظاهرات طلاب جامعة طهران في تموز/ يوليو 1999، التي اندلعت بسبب إغلاق صحيفة إصلاحية مرتبطة بالرئيس آنذاك، محمد خاتمي، إلى تحويل العاصمة إلى ساحة معركة. وقامت الأجهزة الأمنية بدخول مهاجع الطلاب واعتقلت قيادات حركة الاحتجاج، وبعد ستة أيام، تم سحقها.

حيث ظل العديد من الطلاب في السجن لمدة تصل إلى ست سنوات وتم تجاهل مطالبهم بالصحافة الحرة وتقليل عملية غربلة المرشحين البرلمانيين.

وأيضا احتجاجات حقوق المرأة في عامي 2005 و2006، بما في ذلك حملة المليون توقيع لدعم المساواة القانونية، انهارت في نهاية المطاف بعد اعتقال أكثر من 50 من أعضائها وغادر العديد منهم إلى المنفى، بسبب مضايقات الدولة.

ومرة أخرى، في عام 2009، بعد التزوير الواضح في نتيجة الانتخابات الرئاسية، خرجت الحركة الخضراء تلقائيا إلى الشوارع، بثلاثة ملايين شخص، تحت شعار “أين تصويتي؟”، وأصبحت وفاة ندى أغا سلطان، البالغة من العمر 26 عاما، وهي موسيقية طموحة، بعد أن أصيبت برصاص قناص بينما كانت تقف على حافة احتجاج، رمزا لتلك الاحتجاجات.

في عام 2019، قتلت الأجهزة الأمنية ما يصل إلى 1500 شخص عندما احتج الإيرانيون من الطبقة العاملة المضطهدة بعد الارتفاع المفاجئ في أسعار البنزين ثلاث مرات.

أما بالنسبة للاحتجاجات الحالية، قليلون كانوا يتوقعون أن تستمر هذه المظاهرات لمدة ثلاثة أسابيع، حتى لو كان نطاقها، الذي يصعب الحكم عليه من الغرب، يتضاءل ويتضاءل. ويبدو أن القيادة الإيرانية غير متوازنة ومتوترة من الطريقة التي يتم بها تحدي شرعيتها من خلال هذه الظاهرة الجديدة المتمثلة في ثورة غير مسلحة بلا قيادة، والتي تجتذب حتى تلاميذ المدارس.

فهناك تفسيرات كثيرة لذلك، لقد حذرت أصوات إصلاحية، النظام بأن يسير بحذر. فد قال وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف خلال نقاش بين 100 أستاذ جامعي في جامعة طهران يوم نهاية الشهر الماضي: “من الخطأ الاعتقاد بأنه يمكن تجاهل الناس. لا يمكنك أن تحكم بالعنف”، وطالب البروفيسور صادق زيباكلام، الذي تحدى موقف النظام في عدد من الموضوعات، بمعرفة من أعطى الأمر بإرسال “رجال ميليشيات بملابس مدنية”، لمهاجمة وضرب الطلاب في جامعة الشريف للتكنولوجيا في قلب طهران.

كما هرع العديد من الآباء إلى الجامعة عندما هددت الأجهزة الأمنية بأن تعيث فسادا يوم الأحد وقال 65 أستاذا في بيان إن الشباب الإيراني لهم الحق في الغضب من القمع الذي يتعرضون له. وجدت مجموعة من الفنانين ونجوم كرة القدم والمصارعين الأولمبيين طرقا لإظهار تعاطفهم مع هذا الجيل الجديد.

المتظاهرون بارعون في التكنولوجيا، وبالرغم من أفضل جهود النظام لإغلاق الإنترنت في إيران، تتدفق مقاطع فيديو للاحتجاجات الارتجالية، ووحشية الشرطة على وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات اللغة الفارسية التي تبث في البلاد، بما في ذلك “إيران الدولية” و “بي بي سي”. الثورة، إذا كان هذا ما هي حقا، ستكون متلفزة.

ولكن قبل كل شيء، فإن الدور القيادي الذي تقوم به الشابات والفتيات، وبعضهن يهتفن الموت للخميني، هو الذي أربك الدولة الإيرانية العميقة وجعلها غير متأكدة من كيفية الرد.

مستقبل الاحتجاجات

سيناريوهات مختلفة تتعلق بالاحتجاجات في إيران، بحسب العديد من الدراسات، من بينها استمرار الاحتجاجات، ويقوم هذا السيناريو على افتراض تصاعد الغضب الشعبي ضد قمع النظام للاحتجاجات، وهو الأمر الذي يؤدي إلى نتائج عكسية، تؤدي إلى اتساع نطاق الاحتجاجات وتزايد مطالبة فئات شعبية واسعة برحيل النظام، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، وعجز الحكومة عن معالجتها، نظرا لاستمرار تركيزها على توسيع تدخلاتها في الأزمات الإقليمية.

الاحتجاجات في إيران “وكالات”

والسيناريو الثاني، احتواء الاحتجاجات، ويستند هذا السيناريو إلى محاولة الحكومة الإيرانية تنفيذ بعض الإجراءات التي تسهم في تخفيف حدّة الاحتجاجات. فقد أعلنت السلطات الإيرانية فتح التحقيق في وفاة أميني، كما قام مساعد المرشد الأعلى في إيران، عبد الرضا بورذهبي، بزيارة إلى أسرة أميني في محافظة كردستان إيران، متوعداً بمتابعة قضية الوفاة حتى الوصول إلى النتيجة النهائية.

ويعتمد هذا السيناريو إلى أساس حرص النظام الإيراني على تهدئة الداخل، لاسيما أنه يدرك أن واشنطن والغرب قد تستغلان تلك الاضطرابات لإضعاف موقف طهران، كما في فرض واشنطن عقوبات ضد القيادات الأمنية الإيرانية والإدانات الواسعة من قِبل العواصم الغربية.

أما السيناريو الثالث، فهو التعامل الأمني مع الاحتجاجات، ففي ضوء الخبرة الإيرانية السابقة في التعامل مع التظاهرات المختلفة، في أعوام 2009 و2017 و2019 وغيرها، فإن سيناريو تبني النظام الإيراني المقاربة الأمنية في التعامل مع الاحتجاجات، قد يبدو مرجحا، حيث سيتم التركيز على القمع الأمني وحده في التعامل مع المحتجين، إلى جانب تبني آليات أخرى موازية، تتمثل في تكوين حشود مضادة من تيارات موالية للنظام، وهو أمر مرجح خلال الفترة القادمة، لمواجهة الاحتجاجات الحالية، بالإضافة إلى إلقاء اللوم على التيار الإصلاحي إذ أرجعت صحيفة كيهان الأصولية الاحتجاجات الحالية إلى سياسات الإصلاحيين التي تساهلت مع قضية الالتزام بالحجاب، في محاولة لتبرئة الحكومة الحالية من التسبب في تلك الاحتجاجات.

قد يهمك:إيران وإسرائيل في سوريا.. “كسر عظم” وتغيير استراتيجيات؟

من المهم أن يُذكر أن الاحتجاجات الإيرانية أفرزت واقعا جديدا في إيران، خاصة وجود تيارات شعبية تقف ضد النهج المتشدد في إيران، بالإضافة إلى المشاركة المتنوعة للإيرانيين في الاحتجاجات حيث خرج أبناء القومية الفارسية لأول مرة وهذا ما يضعف الرواية الرسمية بأن هدف الاحتجاجات هو تقسيم البلاد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة