“الأسعار نار والله”. لا تكاد تعثر على جملة غير هذه، حينما تبحث عن شقة سكنية في العاصمة العراقية بغداد. الغريب إن عثرت على جملة عكسية لها؛ لأن الإيجارات في العلالي والمواطن العادي يندب حظه العاثر.

“خوية خليها سكتة. بطلعان الروح دنمَشّيها. مذلولين ذلّة چبيرة، بس لمنو تشتكي”، المواطن البغدادي علي صالح، يقول تلك الكلمات المرتبكة والعشوائية، في حديث مع “الحل نت”.

صالح، مواطن ثلاثيني العمر، موظف ومستأجر لشقة صغيرة الحجم -غرفة وصالة ومطبخ وحمّام- باهظة الثمن في منطقة الكرادة ببغداد، وهو متزوج وأب لـ 3 أطفال، وراتبه “مو على گد الحال”.

بغداد على عكس محافظات العراق، كل المحافظات تكاد تكون أسعار إيجاراتها السكنية معقولة، إلا العاصمة العراقية، أسعارها غالية جدا، ولا مراعاة إنسانية فيها.

في بغداد يتذمر ويشكو الناس من الغلاء والارتفاع الكبير لأسعار إيجارات الشقق والعقارات، وخاصة في منطقتي الكرادة والمنصور، مركز بغداد ورئتها وواجهتها أمام العالم.

أرقام الإيجارات

أقل سعر لإيجار الشقق السكنية في الكرادة والمنصور، يناهز 500 ألف دينار عراقي، أي نصف مليون بالضبط، وهي عادة ما تكون غير جيدة. متعبة وصغيرة الحجم، ناهيك عن قِدمها، لكن الناس تضطر لاستئجارها، نتيجة محدوديتهم المادية.

“آنه مأجر بـ 600 ألف وياريتها شقة زينة. تعبانة ويا ساعة توگع وتنهار. ويلحگها المي والكهرباء والإنترنت، بحيث يوصل السعر للـ 700 ألف. منين أجيبهن؟”، يقول علي صالح، متسائلا.

صالح، موظف في “دائرة بلدية الكرادة”، ويبلغ مرتبه 750 ألف دينار عراقي، وزوجته موظفة في القطاع الخاص، ويبلغ مرتبها 500 ألف دينار. مرتبه لوحده يذهب لإيجار السكن وخدماته.

“دنمشّي حالنا براتب زوجتي وما ترهم. أكل وشرب وملابس ودراسة الأطفال، وكروة الروحة يومية للشغل والرجعة هم، كلها مصاريف هواية.

شتكفي الـ 500 ألف. والله نخلصها بنص الشهر، ونتداين حتى نمشّي أمورنا لآخر الشهر”، يقول علي صالح.
تصعد أسعار الشقق السكنية في العاصمة العراقية بغداد، من 500 ألف وصولا إلى مليون ونصف دينار عراقي للشقة الواحدة، وذلك حسب حجمها ونظافتها وحداثتها من حيث التشييد.

الكثير ممن يسكنون بغداد، يعانون من توفير مبلغ الإيجار الشهري نهاية كل شهر، ويضطرون للسكن في الشقق المتعبة؛ كونها أقل سعرا من بقية الشقق.

ما علاقة السياسيين؟

سبب الغلاء الكبير في الأسعار ببغداد وعدم معالجتها، يعود إلى سيطرة رجال متنفذين على العمارات والشقق السكنية، خصوصا وأن أغلب من يمتلكون العقارات يرتبطون بشخصيات سياسية متنفذة، ناهيك عن أن بعض الساسة هم من يمتلكونها ويسجلونها بأسماء غيرهم.

أغلب المؤجرين هم من فئة الشباب والطلبة من بقية المحافظات العراقية، ويأتون للسكن في العاصمة من أجل العمل، لقلة فرص العمل في القطاع الخاص بمحافظاتهم، وللدراسة الجامعية ممن يتم قبولهم في جامعات العاصمة.

“ضايگين الضيم والله العظيم. تجيبها منا تودّيها منا ما ترهم. نضطر نسكن 5 و6 أشخاص بشقة وحدة علمود نقلل المبلغ عن كل شخص بتجميع الإيجار، وهم يا دوب تمشي الوضعية”، يقول أحمد ناصر، طالب جامعي من محافظة الديوانية، ويعمل مساء بعد الدوام.

“نسكن إحنا الطلاب والنوبات يسكنون ويانا مجموعة من العاملين من بقية المحافظات حتى نضبط سالفة الإيجار، بس أهل العقارات ما عدهم لا ذمة ولا ضمير”، يردف ناصر، في حديث مع “الحل نت”.

ناصر، الذي يسكن في شقّة بمنطقة المنصور ببغداد مع 5 أفراد يقول، إن مالكي العقارات يستغلون حاجتهم للسكن، فيرفعون أسعار الإيجارات؛ لأنهم يعرفون بأنهم لا يستطيعون العودة لمحافظاتهم والبقاء بلا دراسة أو عمل، ويختتم: “ما عدنا غير الله والدعاء”.

في النهاية، فإنه طالما أن السياسيين العراقيين ممن يمتلكون النفوذ في الحكم، هم من يمتلكون تلك العقارات والشقق السكنية في بغداد، فمن الاستحالة معالجة أسعار الإيجارات وتخفيضها، ليبقى المواطن يدفع فاتورة طمع وجشع السياسي الذي لا حدّ له.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.