مع استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا، وبدء الدعم العسكري الإيراني لروسيا عبر المسيّرات والصواريخ، يبدو أن إسرائيل وجدت نفسها مضطرة إلى إعلان انحيازها صراحة للمحور الغربي الداعم لأوكرانيا، فهل نشهد انهيارا في العلاقات الروسية الإسرائيلية.

دور إيران

محللون اعتبروا أن الدعم العسكري المقدَّم من قبل إيران لروسيا، يمكن أن تقرأه إسرائيل تحدّيا لها ولدول المنطقة، خاصة وأن إيران تختبر الآن أسلحتها، لا سيما المسيّرات المقدمة للقوات الروسية، ما قد يستدعي ردا إسرائيليا بالطبع، رغم أن تل أبيب تجنبت خلال الأشهر الماضية إعلان الدعم العسكري الواضح لأوكرانيا، حفاظا على شيء من التوازن مع روسيا، لكن يمكن لاستمرار الحرب في أوكرانيا والتدخل العسكري الإيراني أن يغير معطيات المعادلة.

نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف، حذّر الإثنين إسرائيل من تداعيات تزويد أوكرانيا بالأسلحة، وقال إن أي خطوة تصب في إطار دعم القوات الأوكرانية ستضر بشدّة بالعلاقات الثنائية.

ميدفيديف الذي شغل في الماضي منصبي الرئيس ورئيس الوزراء، اعتبر في بيان نشره على “تلغرام“، أن تقديم إسرائيل أسلحة لأوكرانيا، “خطوة متهورة للغاية، وستدمر جميع العلاقات الثنائية“.

الكاتب والمحلل السياسي الدكتور باسل معراوي، رأى أن خروج نتنياهو من رئاسة الحكومة الإسرائيلية، واستمرار عمليات الغزو الروسي لأوكرانيا، سيؤديان إلى تفاقم سوء العلاقات الإسرائيلية الروسية.

معراوي قال في حديث خاص مع “الحل نت“، “كانت المرحلة الذهبية بتحسن العلاقات بين روسيا وإسرائيل هي الفترة التي بدأ فيها الغزو الروسي العسكري لسوريا، وامتلاك روسيا للسماء السورية بنشرها منظومات دفاع جوي، أثمر بعدها الانسجام الشخصي بين بنيامين نتنياهو وبوتين، بتعزيز تلك العلاقات، لكن بسقوط نتنياهو من رئاسة الحكومة الإسرائيلية وتولي بينت خلافته بردت تلك العلاقة“.

مع تولي يائير لبيد لرئاسة الوزراء، توترت العلاقات بين الجانبين، لا سيما مع تصاعد وتيرة المواجهات العسكرية، ودخول المسيّرات الإيرانية على خط المعارك بين روسيا وأوكرانيا، خاصة وأن لبيد معروف ميله للجانب الأوكراني ولرئيس البلاد.

حول تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا على العلاقات أضاف معراوي، “حافظت إسرائيل على حياد نسبي بالبداية، ولم تستجيب للطلبات الأوكرانية والأميركية، بتوريد بعض منظومات السلاح التي تتفوق بها إسرائيل لكن مع مرور الوقت لم تستطيع إسرائيل إخفاء انحيازها للمحور الغربي“.

دعم إسرائيلي لأوكرانيا

يعود سبب أزمة التصريحات والتحذيرات الروسية وفق معراوي، إلى وصول معلومات لموسكو عن قيام الأقمار الصناعية الإسرائيلية بتسليم معلومات مهمة لأوكرانيا عن تواجد القوات الروسية. “كذلك نية اسرائيل بتوريد شبكة الدفاع الجوي المعروفة باسم القبة الحديدية، إضافة الى تجهيزات أخرى، وهذه الاسلحة ستضر بالجهد العسكري الروسي المتعثر أصلا بأوكرانيا“.

معراوي يعتقد كذلك أن، “إسرائيل تعتبر تجريب أو استعراض مقدرة الطيران المسير الإيراني، هو رسالة تهديد لها ولغيرها بالمنطقة“، ويضيف “أرى أن علاقة تل أبيب بموسكو في سبيلها إلى التدهور أكثر، وسينعكس ذلك بانخراط إسرائيلي أكبر في الحرب الأوكرانية وتراجع مستوى التنسيق بين إسرائيل وروسيا في سوريا“.

وزير الشتات الإسرائيلي نحمان شاي قال في تغريدة الأحد، إنه “تم الإعلان صباح اليوم عن أن إيران تنقل صواريخ باليستية إلى روسيا. وانتهت الشكوك حول أين ينبغي أن تقف إسرائيل في هذا الصراع الدموي. ولا مكان لتصنّع العدالة بعد الآن. وحان الوقت لنقدم إلى أوكرانيا مساعدات عسكرية مثلما تفعل الولايات المتحدة ودول الناتو“.

من جانبه يرى الباحث السياسي وجدان عبد الرحمن، أن دعم إسرائيل لأوكرانيا، سيؤثر بالتأكيد على العلاقات بين موسكو وتل أبيب، لكنه لن يدهور العلاقات لاعتبارات عديدة، أبرزها وجود رجال الأعمال من أصول يهودية في روسيا.

عبد الرحمن قال خلال حديثه مع “الحل نت“، “بالنسبة لروسيا أي جهة تصف مع أوكرانيا تعتبر خصم، الخلاف الآن يتعلق بموضوع إيران، وبدرجة أكثر ملف الغزو الروسي لأوكرانيا، إسرائيل وجدت نفسها مضطرة للانحياز إلى طرف ما، وبالتأكيد ستنحاز للطرف الغربي كحلفاء لها“.

ستكون إيران أحد أبرز العوامل التي ستدفع إسرائيل، إلى تزويد أوكرانيا بالأسلحة والمساعدات العسكرية، حول ذلك أضاف عبد الرحمن، ” إسرائيل كانت تتجنب إرسال السلاح لكن بعد التدخل الإيراني ستتجه لذلك، وأعتقد أن الأمر قد يتطور إلى تزويد أوكرانيا بصواريخ من إسرائيل قصيرة المدى، لكني لا أعتقد أن علاقة إسرائيل وروسيا ستصل إلى مرحلة التدهور، وجود الأثرياء الروس من أصل يهودي وهم مقربين لبوتين، لهم تأثير في روسيا، أيضا المواطنين الإسرائيليين من أصل الاتحاد السوفييتي عددهم يصل إلى 20 بالمئة من سكان إسرائيل، لذلك لا أعتقد أن تصل الأمور إلى القطيعة بين الجانبين“.

روسيا عملت على استغلال ملاحقة الصواريخ الإسرائيلية للميليشيات الإيرانية في سوريا، للسيطرة على المواقع التي تتعرض للقصف الإسرائيلي بحجة حمايتها، ووقف هجمات تل أبيب على تلك المواقع كما حصل في ميناء اللاذقية أواخر العام الفائت.

بحسب تقارير لمحللين في العلاقات الروسية الإيرانية، فإن موسكو استغلت تعثر الاتفاق النووي الإيراني، للمضي في توطيد العلاقات مع طهران، لا سيما وأن التقدم في الاتفاق النووي، سيعني بالضرورة “إحداث صدع في التحالف الاستراتيجي بين الروس والإيرانيين، عبر تقديم إغراءات اقتصادية وجيوسياسية لطهران، بأن تضمن لها وفرة مالية، والمزيد من إطلاق يدها في الإقليم، بهدف سحبها تدريجيا للمحور الغربي، ومن ثم تجريد موسكو، من أحد أعمدتها الأساسية في الشرق الأوسط، ما يحد من نفوذها في المنطقة“.

الباحث السياسي صدام الجاسر، أكد أن روسيا وإيران تسعيان إلى إنشاء “تحالف قوي مع عدة قوى دولية، بسبب انجرارهم للمواجهة مع أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، فضلا عن المصالح العديد المشتركة بين الجانبين مؤخرا.

الجاسر قال في حديث سابق مع “الحل نت“، “المرحلة دقيقة جدا على الروس والإيرانيين، المرحلة مهمة لإيران في تعثر الملف النووي، ومهمة لروسيا في تعقيد المشهد في أوكرانيا، واحتمال فتح جبهات أخرى“.

يرى الباحث السياسي، أن التنسيق بين موسكو وطهران، يمكن أن يفضي إلى تصعيد عسكري في المنطقة خلال الفترة القادمة، لا سيما في الأماكن التي يتداخل فيها النفوذ الإيراني مع النفوذ الأميركي.

حول ذلك أضاف، “روسيا ستطلب من إيران التنسيق على المستوى السياسي، زيادة الضغوط على الأميركان في المناطق التي تتداخل فيها النفوذ الإيراني والأميركي خصوصا في الخليج، ومن الممكن أن نشهد تصعيدا في بعض دول الخليج، كتفعيل الخلايا النائمة أو هجمات بالطيران المسيّر، فالأمور مرشحة للتصعيد“.

من الواضح أن الفترة الوردية التي كانت تعيشها العلاقات الروسية الإسرائيلية شارفت على الانتهاء، فمع انحياز إسرائيل للحلف الغربي وتزويد أوكرانيا بالأسلحة، لن تعود مرحبا بها في الحلف الروسي، كذلك في الطرف المقابل فإن استمرار التقارب الروسي الإيراني، سيزيد من غضب تل أبيب التي أصبحت إيران مؤخرا من ألد أعدائها لا سيما في ظل فشل إحياء الاتفاق النووي الإيراني.

قد يهمك: “المجموعة السياسية الأوروبية”.. رسالة إلى بوتين؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة