بعد توقفها لعد اسابيع عن قصف مواقع الميليشيات الإيرانية في سوريا، عادت القوات الإسرائيلية لقصف مواقع إيران في الجنوب السوري وفي محيط العاصمة دمشق، فما تأثير عودة التصعيد الإسرائيلي ضد طهران في سوريا.

الضغط على إيران

يبدو أن تل أبيب تريد ممارسة المزيد من الضغط على الجانب الإيراني، لإجباره على العودة للاتفاق النووي، وذلك إثر توقف المفاوضات قبل اسابيع، بعد الرد الإيراني الذي لم يلبّ طموحات الجانب الغربي، حيث يشكك الأخير بنوايا طهران في العودة للاتفاق النووي، وهذه ليست المرة الأولى التي تُعبِّر فيها أطراف غربية عن خيبة أملها من عدم تحقيق نتيجة.

الغارات الأخيرة للقوات الإسرائيلية، استهدفت العديد من المواقع في العاصمة دمشق، حيث قصفت المقاتلات الإسرائيلية للمرة الثالثة خلال أسبوع، مواقع في منطقة السيدة زينب بغارتين متتاليتين.

الخبير في الشؤون الإيرانية الدكتور هاني سليمان، رأى أن عودة الغارات الإسرائيلية لاستهداف مواقع إيران في سوريا، تأتي في إطار ضغط تل أبيب على طهران في الملف النووي، والذي يمكن له أن يتطور إلى مواجهة عسكرية مباشرة في المستقبل.

سليمان قال في حديث خاص مع “الحل نت“، “إيران كانت تحاول إعادة التموضع واتخاذ استراتيجية مختلفة مؤخرا، ربما لتثبيت أوضاعها وإعادة الانتشار، بالتالي بعدما عادت هذه الميليشيات كانت هناك محاولات إسرائيلية لإعادة القصف مرة أخرى، لمحاولة الضغط على الجانب الإيراني عبر استهداف مواقع ميليشياته، بهدف تطويق السلوك الإيراني“.

الملف النووي

هناك العديد من الاستراتيجيات المتّبعة في المواجهات الإيرانية الإسرائيلية، منها حرب المسيّرات واغتيال علماء الطاقة النووية أو قادة “الحرس الثوري” في الداخل الإيراني، لذلك إعادة قصف إيران تؤكد أن إسرائيل عازمة فعلا على عدم السماح لها بامتلاك قنبلة نووية.

حول ذلك أضاف سليمان، “إسرائيل ستتخذ كافة الإجراءات المتاحة لمنعها من ذلك، فالملف الإيراني هو واحد من الملفات التي تحظى بتوافق كامل في الداخل الإسرائيلي، بصرف النظر عن شخص وخلفية رئيس الوزراء“.

سليمان اعتقد في حواره، أن المواجهة بين إيران وإسرائيل، ستأخذ منحى تصاعدي في الفترة المقبلة، لا سيما مع فشل التوصل لاتفاق نووي يرضي إسرائيل، فربما نشهد مواجهة عسكرية مباشرة بين الجانبين، لا سيما مع التحضيرات التي تعمل عليها إسرائيل تجهيزا لهذه المواجهة.

بهذا الشأن زاد سليمان بالقول، “كل طرف يحاول استخدام أدواته للضغط على الطرف الآخر، إسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك القنبلة النووية ولديها تحفّظات على الآلية الغربية المتعلقة بالوصول إلى اتفاق بهذا الشأن. إسرائيل منذ فترة طورت سلاح الجور الخاص بها، بطائرات إف 36، هذه التي تتزود بالوقود في الجو وصالحة لأن تقوم بعمليات بعيدة المدى، وأعتقد أن إسرائيل تفكر في القيام بعمليات عسكرية في العمق الإيراني، وإن سبب هذه الصفقات هي في إطار تجهيز إسرائيل نفسها لكافة الخيارات المتاحة في المستقبل“.

قد يهمك: المسيرات الإيرانية.. تعرية لروسيا وعقاب لطهران؟

كذلك فإن إسرائيل تحاول استغلال الرفض الغربي لامتلاك إيران لسلاح نووي، لمحاولة استصدار قرار غربي لمواجهة إيران بشكل مباشر والخروج من مسألة الوصول إلى اتفاق، لكن ذلك سيأخذ المزيد من الوقت بالتأكيد، سيتطلب تحركات دبلوماسية وسياسية وعسكرية.

إيران لا تريد الحرب

بحسب العديد من التقارير الصحفية التي اطلع عليها “الحل نت“، فإن المسؤولين الإسرائيليين، يؤكدون دائما، أن إسرائيل لن تتردد باستهداف إيران وستتحرك في أي وقت ومكان لضمان أمن إسرائيل، فهم بالإضافة لما يرونه خطرا متمثلا بالبرنامج النووي الإيراني، يدركون أيضا الخطر الذي يشكله تواجد الميليشيات الإيرانية في سوريا على حدود الجولان.

وخلال السنوات السابقة، اعتمدت إسرائيل نهجا قائما على تنفيذ غارات جوية وصاروخية على مواقع هذه الميليشيات وعلى شحنات الأسلحة، لكن ومع التمدد الإيراني الكبير في سوريا، والتوتر بين الطرفين، بات من الممكن أن تتحول سوريا لساحة حرب كبيرة بينهما، ولكن حتى الآن لم تحصل أي ردود إيرانية ضد إسرائيل ما يدفع بالتساؤل حول هذا الصمت الإيراني عن تلقي الضربات الإسرائيلية.

بالعودة إلى تعثر المفاوضات النووية، فإن رئيس “المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية” (أفايب)، الدكتور محمد محسن أبو النور، رأى أن تعثر المفاوضات النووية مؤخرا، هو “تعثر مرحلي“، وستَستأنف الأطراف المعنية بالمفاوضات؛ المباحثات لإعادة إحياء الاتفاق، وذلك لأن توقف المفاوضات سيعقد الكثير من الملفات، لا سيما على المستوى التقني النووي.

أبو النور اعتقد خلال حوار خاص سابق مع “الحل نت” بدوره، أن “هذا التعثر هو تعثر مرحلي، لحين انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس، وبعدها يمكن أن يعود الملف مرة أخرى إلى الطاولة لاتخاذ القرار السياسي من الجانبين. في الواقع هناك عدة أمور تشير إلى أن الحاجة أصبحت ماسة جدا إلى توقيع مثل هذا الاتفاق بعد انخراط إيران في الأزمة الأوكرانية عن طريق إرسال المسيرات بعد مظاهرات مهسا أميني، وما ترتب عليه من إضعاف نوعا ما الموقف الإيراني على الطاولة لصالح المجتمع الغربي الذي يضغط إعلاميا وسياسيا“.

أبو النور وضع مطلع شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، موعدا متوقعا لاستئناف مفاوضات الاتفاق النووي، ما قد يهيئ لاتخاذ قرار سياسي في العاصمتين واشنطن وطهران، موضحا بأن تبعات توقف المفاوضات ستشمل تعقد الأمر على المستوى التقني النووي فيما يتعلق بالعلاقة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة النووية، لأن هناك ملفات مفتوحة لم تغلق حتى الآن، كما أن إيران قد تسرّع في وتيرة العمل في هذا البرنامج النووي، طالما أنه لا مظلة رقابة نووية عليها في ظل هذا التوقف.

وما يؤكد عدم تغيير سياسة إسرائيل بالتعامل مع إيران أيضا، تقرير لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية قبل أيام، الذي نقل عن مصادر قالت، إنها أمنية وسياسية تأكيدها أن السياسة الإسرائيلية تجاه الهجمات في سوريا “لم تتغير، وهي لا تزال على ما هي عليه“.

وجاء ذلك في معرض تقرير للصحيفة عن مرور شهر كامل من دون أن تشن إسرائيل، أي هجوم على مواقع في سوريا، سواء تابعة لدمشق أو لمليشيات موالية لإيران، أو حتى لـ“حزب الله“.

بحسب الصحيفة، فإن مصادر سياسية وأمنية قالت بشكل رسمي لها إنه “لم يطرأ أي تغيير على السلوك الإسرائيلي في سورية، ولم تمارس أي ضغوط من قِبل الروس لوقف الهجمات الإسرائيلية“.

وبالنظر إلى سلوك إسرائيل في الهجمات العسكرية، لا يبدو أن إسرائيل عازمة على التهاون مع الملف الإيراني، لا سيما في ظل التوافق الداخلي على هذا الملف، وأصبح خيار المواجهة العسكرية مطروحا بشدة في المستقبل، خاصة في حال الفشل بالوصول إلى اتفاق نووي يلبي التطلعات الإسرائيلية في حماية أمنها القومي في المنطقة.

قد يهمك: الطائرات المُسيّرة.. العنصر الأبرز في حروب المستقبل!

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة