مبدئيا ترفض الأحزاب العربية في الدخول في تحالف مع أي من المعسكرين الإسرائيليين المتمثلين بأحزاب اليمن واليسار. لكن أمام تعادل فرص المعسكرين في تشكيل حكومة ضيقة، بحسب استطلاعات الرأي، وعلى الرغم من حضور سيناريو ثالث للخروج من أزمة الحكم، وهو تشكيل حكومة وحدة شاملة بالتناوب، بات السؤال يدور حول من يمكن أن تتحالف معه الأحزاب العربية إذا ما قررت ذلك.

 بدأ الناخبون صباح اليوم الثلاثاء تشرين الثاني/نوفمبر 2022، التصويت في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية الخامسة في غضون ثلاثة أعوام، والتي يتنافس فيها 40 حزبا سياسيا وسيُشارك فيها 6.7 مليون ناخب موزعين على 11 ألف مركز اقتراع.

إلا أن المفارقة في هذه الانتخابات أن الأحزاب العربية لا تزال متأرجحة في اجتياز نسبة الحسم، وهي النسبة الأدنى المفروض أن يحصل عليها الحزب من إجمالي أصوات الناخبين للحصول على تمثيل برلماني داخل “الكنيست”، وبالتالي قد نشهد شكلا جديدا من خارطة التحالفات، والمشهد الذي يبدو هذه المرة أكثر قتامة في واقع التمثيل الحزبي لفلسطينيي 48، وهم المتمثلين بمليون فلسطيني يحق لهم الاقتراع، من أصل 6 ملايين شخص يستطيعون التصويت في إسرائيل.

وسط هذا المشهد تزداد المنافسة شراسة على 120 مقعدا داخل الكنيست، تتدافع حولها 11 قائمة رئيسية، تملك حظوظا أكبر من غيرها في الوصول، وهي، “حزب الليكود” بنيامين نتنياهو، “حزب هناك مستقبل” رئيس الوزراء الحالي، يائير لابيد، تحالف “الصهيونية الدينية” بتسلئيل سموتريتش، تحالف “الوحدة الوطنية” بيني غانتس، “حزب شاس” أرييه درعي.

إضافة إلى حزب “يهدوت هتوراة” موشيه غافني، “حزب إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، “حزب العمل” ميراف ميخائيلي، “حزب ميرتس” زهافا غالؤون، تحالف “الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير” أيمن عودة وأحمد الطيبي، “القائمة العربية الموحدة” منصور عباس، أما القائمتان اللتان تحومان حول نسبة الحسم، فهما حزب “البيت اليهودي” بقيادة أييلت شاكيد، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي بقيادة سامي أبو شحادة.

توزعت الأحزاب العربية على 3 قوائم انتخابية بعد تفكك القائمة العربية المشتركة التي تمثلت بـ15 نائبا عربيا في الكنيست الأخير، وسط ترجيحات بتراجع التمثيل العربي في البرلمان الإسرائيلي المقبل، مع توقع انخفاض نسبة التصويت ومقاطعة غير مسبوقة للتصويت منذ تجارب انتخابات الكنيست الأولى.

اقرأ/ي أيضا: توقيع “شراكة استراتيجية” بين الإمارات وأميركا.. ما الأهداف؟

تصنيف القوائم العربية

القوائم العربية التي تقدمت لخوض الانتخابات هي: “القائمة العربية الموحدة” التي كانت داعمة للائتلاف الحكومي برئاسة يائير لبيد ونفتالي بينيت، وتحالف “الجبهة الديمقراطية” والحركة “العربية للتغيير“.

تمثل القائمة الثالثة حزب “التجمع الوطني الديمقراطي” الذي أصدرت لجنة الانتخابات قرارا بمنعه من المشاركة على خلفية أنه لا يعتبر إسرائيل دولة يهودية ووطنا قوميا لليهود، لكنه نجح في استصدار قرار قضائي يسمح له بالمشاركة.

أما قائمة “الجبهة والتغيير“، يرأس تحالف “الجبهة الديمقراطية” و“العربية للتغيير” كلّ من أيمن عودة وأحمد الطيبي. وقد تشكل هذا التحالف يوم 17 أيلول/سبتمبر الماضي، عقب تفكك “القائمة العربية” المشتركة وإقصاء التجمع منها بسبب خلافات أيديولوجية وسياسية، حيث اشترط التجمع للإبقاء على “القائمة المشتركة” عدم التوصية بأي مرشح لرئاسة الحكومة المقبلة، كما فعلت القائمة سابقا

بينما “الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة” وهي تحالف سياسي يساري، تأسس رسميا قبيل انتخابات الكنيست الإسرائيلي عام 1977، حين تحالف الحزب “الشيوعي” الإسرائيلي مع الحزب “الشيوعي من فلسطينيي 48”، ومع قوى وجهات عربية ويهودية يسارية أخرى من ضمنها حركة “الفهود السود“ الإسرائيلية، وشاركوا جميعا في قائمة انتخابية واحدة باسم “الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة“، ومنذ ذلك الحين، وهي ممثلة في “الكنيست”.

الجبهة تؤيد حقوق العمال ومبادئ العدالة الاجتماعية والاشتراكية، وتشدد على التعايش والتعاون العربي اليهودي، وتدأب دائما على تحصين مقعد لعضو يهودي عن “الحزب الشيوعي” الإسرائيلي.

“الحركة العربية للتغيير“، وهي حزب سياسي اجتماعي تأسس عام 1996 على يد أحمد الطيبي، الذي شغل في وقت سابق منصب مستشار للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وعدد من السياسيين والناشطين من فلسطينيي 48.

منذ تأسيسها، لم تخض الحركة انتخابات الكنيست بشكل منفصل، وكانت تنافس ضمن قوائم تحالفية، حيث تمثلت في البرلمان الإسرائيلي أول مرة في دورة الكنيست الـ15، ضمن تحالف مع حزب “التجمع الوطني” الذي أسسه عزمي بشارة.

اقرأ/ي أيضا: مصير غابات الأمازون بعد فوز لولا برئاسة البرازيل

حجم التنافس العربي

تلك القوى العربية تتنافس على 19 مقعدا داخل “الكنيست”، فوفقا للجنة الانتخابات الإسرائيلية يحق لـ1.1 مليون فلسطيني من الداخل التصويت، حيث يشكلون 16 بالمئة من إجمالي من يحق لهم التصويت، ويعادل هذا العدد 19 مقعدا في الكنيست حال تجاوزت نسبة التصويت 95 بالمئة.

على الرغم من ذلك، تزداد القناعة في أوساط المراقبين أن فرص تجاوز الأحزاب العربية لنسبة الحسم ستكون محل شك في هذه الجولة من الانتخابات التشريعية الإسرائيلية الحالية، وبالتالي قد يخلو البرلمان الإسرائيلي من أي حزب عربي.

ينطلق هذا السيناريو من افتراض أنه في حال لم تتجاوز نسب التصويت في البلدات العربية مستوى 40 بالمئة أو ما دون ذلك، فلن تستطيع أي كتلة عربية من تجاوز نسبة الحسم، وبالتالي ستخسر فرصتها في دخول الكنيست.

تحدد نسبة الحسم (العتبة) في قانون الانتخابات التشريعية إسرائيلية في 3.25 بالمئة، وتُوازي 4 مقاعد برلمانية داخل الكنيست، وفي حال لم يتحقق هذا الشرط لا يوزع فارق الأصوات لصالح التي حصلت عليها هذه الأحزاب على الأحزاب الفائزة.

حالة الانقسام الحزبي تسيطر على القوى العربية، بالتالي ترجح التقديرات تراجع التمثيل العربي في البرلمان الإسرائيلي المقبل، وتوحي مجريات الأمور أنه في حال استمر تصاعد تيار المقاطعة وعدم تخطي نسبة التصويت حاجز 50 بالمئة، فإن بعض الأحزاب العربية لن تجتاز نسبة الحسم البالغة 3.23 بالمئة (الحد الأدنى من الأصوات التي يشترطها القانون للحصول على مقعد أو أكثر). ونسبة التصويت المتوقعة لن تمنح الأحزاب العربية أكثر من 4 مقاعد في الكنيست، من أصل 120 مقعدا.

بحسب تقارير فإنه إلى جانب الموقف المبدئي المقاطع لأي انتخابات إسرائيلية برلمانية، فمن المتوقع أن تبلغ نسبة العزوف عن التصويت للكنيست بين 55 بالمئة و60 بالمئة من أصحاب حق الاقتراع العرب.

بالمقابل ومع فرص عودة بنيامين نتنياهو للحكم، وتحالفاته مقابل لبيد وتحالفاته في الانتخابات الجديدة، يشير محلل الشؤون الحزبية الإسرائيلية الصحفي محمد مجادلة إلى أن نتنياهو أقرب للعودة إلى تشكيل الحكومة المقبلة، وعزا ذلك إلى تفكك القائمة المشتركة وتشتت الأحزاب العربية، وسط تقديرات بانخفاض نسبة التصويت في صفوف المواطنين العرب واتساع دائرة المقاطعة بينهم.

اقرأ/ي أيضا: ليبيا أمام معركة فاصلة.. ما علاقة أنقرة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة