جهود مكثفة تبذلها الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، لتمديد الهدنة والتوصل إلى حل سياسي لإنهاء الصراع القائم في اليمن منذ نحو ثمان سنوات، من خلال المشاورات التي تهدف إلى توحيد وتنسق الجهود الدولية من أجل استعادة مسار عملية التسوية والعودة لتمديد الهدنة وتوسيعها، والانتقال نحو مفاوضات سلام دائم في اليمن.

المساعي الدولية، تريد الانتقال بالمشاورات اليمنية إلى مرحلة متقدمة بعيدة عن التفاصيل التي تقود إلى خلافات بين الأطراف اليمنية، كما حدث في بنود الهدنة التي رفضت ميليشيات الحوثي تمديدها، بحجة صرف رواتب الموظفين.

الحديث عن تمديد الهدنة بين الحوثيين والحكومة اليمنية، يأتي بعد أن فشلت جهود تمديد الهدنة السابقة التي ابتدأت منذ الثاني من نيسان/أبريل الماضي، إلى الثاني من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وذلك بعد ما فشلت جهود المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس جروندبرج، في ذلك.

الفشل في تمديد الهدنة، وبحسب مجلس الأمن الدولي، سببه المطالب المتشددة لجماعة الحوثي في الأيام الأخيرة من المفاوضات التي قادتها المبعوث الأممي مع مسؤولين كبار في مسقط، والتي أعاقت جهود الأمم المتحدة للتوسط لاتفاق لتمديد الهدنة، وهو ما حذرت منه الأمم المتحدة من أنه قد يؤدي إلى عواقب سلبية.

في حين كانت جماعة الحوثي في الربع الأول من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قد جددت رفضها تمديد الهدنة باليمن، بدعوى أن بيان مجلس الأمن بشأن اليمن غير مسؤول وغير مقبول، ويعبّر عن وجهة نظر التحالف العربي في اليمن، مؤكدة أن قضية الرواتب التي وصفته الجماعة باستحقاقات شعبها، ليست محل تفاوض، وأن المعادلة قد اختلفت ولن تكون هناك هدنة ما لم يتم التسليم “بحقوق شعبنا“.

اقرأ/ي أيضا: إسرائيل نحو تطرف ديني بعد الانتخابات.. ما علاقة إيتمار بن غفير؟

مساعي أميركية لتمديد الهدنة اليمنية

في ظل هذا المشهد، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية اليوم الجمعة، أن المبعوث الأميركي الخاص لليمن تيم ليندركينغ، سيزور الإمارات والسعودية هذا الأسبوع، وأشارت في بيان إلى أن الزيارة تهدف إلى دعم جهود تجديد وتوسيع الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في اليمن.

الخارجية الأميركية وفي بيانها أضافت، “نذكّر الحوثيين بأن العالم يراقب أفعالهم ونحثهم على التعاون مع الأمم المتحدة والاستماع إلى نداءات اليمنيين من أجل السلام“، مؤكدة أن “السبيل الوحيد لإنهاء ثماني سنوات من الحرب المدمرة، هو من خلال وقف دائم لإطلاق النار وتسوية سياسية تسمح لليمنيين بتقرير مستقبل بلادهم“.

نهاية أكتوبر الماضي، أعلن المبعوث الأممي هانز غروندبرغ، اختتام محادثاته في العاصمة العمانية مسقط، حول إمكانية تمديد الهدنة في اليمن، بعد لقائه كبار المسؤولين في سلطنة عمان، فيما لا تزال المساعي الأممية جارية من أجل تمديد الهدنة السابقة التي انتهت في الثاني من أكتوبر الماضي.

مع وجود السعي الأممي والدعم الأميركي والإقليمي للمبعوث الأممي لانتزاع موافقة الحكومة الشرعية والحوثيين على المقترح الخاص بتوسيع الهدنة، إلا أن التعقيدات التي تحفّ هذه المساعي لا تزال قائمة، لا سيما فيما يتعلق بعدم الثقة في نيات الحوثيين، بالنظر إلى أنهم رفضوا حتى الآن كل المقترحات لتخفيف الحصار عن تعز وفتح الطرقات رغم كل البدائل التي طرحها غروندبرغ ومكتبه.

عدم الثقة بالحوثيين، يقابله توقعات أيضا بأن، الموقف الحكومي الذي استمر بتقديم التنازلات أثناء جولات التفاوض منذ بدء الانقلاب وحتى الآن، ربما سيضع الحكومة أمام محاولات جديدة للحوثيين للحصول على تنازلات جديدة أكبر، وهو ما قد يدفع لفشل مساع الهدنة، بحسب مراقبين.

اقرأ/ي أيضا: الخلافات بين واشنطن والرياض.. ما علاقة التهديدات الإيرانية في إنهاء التوتر؟

تعز نقط نجاح الهدنة اليمنية

إضافة إلى ذلك، فإن إنهاء حصار تعز سيكون النافذة التي يمكن أن ينجح المبعوث الأممي من خلالها في تمرير خطته الرامية إلى توسيع الهدنة، إلا أن الاتفاق على آلية لصرف الرواتب ليس من السهولة بمكان، خاصة في ظل الانقسام المصرفي والمالي الذي فرضه الحوثيون، وهو الانقسام الذي أدى إلى تراجع الحكومة في أوقات سابقة عن صرف رواتب قطاعات كثيرة في مناطق سيطرة الميليشيات، وفق تقرير نشرته صحيفة “الشرق الأوسط“، في وقت سابق.

الصحيفة أشارت إلى أنه بجانب التساؤل عن كمية الوقت الذي قد يحتاج إليها غروندبرغ للتوصل إلى اتفاق بشأن هذا الملف، تبدو نقطة توسيع وجهات السفر من مطار صنعاء إلى وجهات أكثر، عنصرا ملغوما، خصوصا إذا ما طلب الحوثيون التوسيع إلى طهران وبغداد ودمشق وبيروت حيث البؤر التي توجد فيها أذرع المشروع الإيراني في المنطقة، وهي نقطة حساسة بالنسبة للشرعية اليمنية وحتى لدول الإقليم.

إلى ذلك، كان المبعوث الأممي قد أعلن خلال إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن أنه يعمل على توسيع الهدنة، من خلال أربعة عناصر تشمل: الاتفاق على آلية شفافة وفعّالة لصرف منتظم لرواتب موظفي الخدمة المدنية ومعاشات المتقاعدين المدنيين، وفتح طرق إضافية في تعز ومحافظات أخرى، وإضافة المزيد من الوجهات من وإلى مطار صنعاء الدولي، وانتظام تدفق الوقود إلى جميع موانئ الحديدة.

لكن خطة المبعوث الأممي الموسعة يمكن أن تقابل بتعنت حوثي متوقع، وذلك حتى في حال قبول الحكومة للخطة، وفقا لـ “الشرق الأوسط“، التي لفتت إلى أن أي تطور جديد من الصعب أن يُنجز أو يُعلن عنه نظرا لتسويف الميليشيا الحوثية في تنفيذ التزاماتها خلال الفترة الماضية مقارنة بما قدمته الحكومة وحصل عليه الحوثيون.

ومع الممانعة الحوثية الشديدة لفتح معابر تعز والمعابر في محافظات أخرى وتعقّد هذا الملف، وملف صرف مرتبات الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين، فالمؤكد وفقا للصحيفة السعودية، أن الخطة الموسعة لغروندبرغ، ستواجه برفض شعبي يضغط على الحكومة بعدم قبولها وسيضع الحكومة في موقف صعب بين الضغط الشعبي والضغط الدولي الذي قد يُمارس لتقبل بالخطة.

تحذيرات من فشل الهدنة اليمنية

بالمقابل، حذرت “مجموعة الأزمات الدولية” من أن بقاء الهدنة عالقة بين التمديد والانهيار يزيد من خطر وقوع هجمات لمليشيا الحوثي، وتجدد القتال في الخطوط الأمامية بين أطراف الصراع.

وقالت المجموعة، في تقريرها الشهري، إن غياب تمديد الهدنة زاد من خطر العودة إلى القتال في الخطوط الأمامية وعبر الحدود، حيث هدد الحوثيون باستهداف شركات الطاقة العاملة في السعودية والإمارات، قبل تدفق الزيارات إلى المنطقة لاستضافة كأس العالم في قطر.

 التقرير أشار إلى أن هناك العديد من الدلائل التي تؤكد المخاوف من مخاطر عدم تجديد الهدنة، ومنها هجوم الحوثيين على ميناء الضبة في حضرموت، بعد أن اتهموا الشركات النفطية بنهب موارد البلاد.

وأوضح التقرير أنه ورغم انقضاء الهدنة، إلا أن الرياض استمرت بالتواصل مع الحكومة اليمنية، وناقش المسؤولون في البلدين تجديد الهدنة، كما التقت بالحوثيين وبحثت معهم تبادل الأسرى المحتمل بينهما.

اقرأ/ي أيضا: قادة روس ناقشوا استخدام النووي.. ما احتمال تورط موسكو في حرب نووية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.