فيما تستمر الحرب الروسية في أوكرانيا، والتي بدأت في 24 شباط/فبراير الفائت، تتزايد التقارير التي تفيد باستعانة موسكو بمقاتلين أجانب، لدعمها في حربها.

مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، نشرت يوم 25 تشرين أول/أكتوبر الماضي، أن ثمة محاولات روسية لتجنيد “الكوماندوز” الأفغاني، للقتال في أوكرانيا، نقلا عن مقاتلين سابقين قالوا إنه تم الاتصال بهم عبر خدمتي الرسائل “واتس آب” و”سيغنال”، وإنهم يعتقدون أن شركة الأمن الروسية الخاصة “فاغنر” وراء هذه الحملة، وأن ما يصل إلى 10 آلاف “كوماندوز” أفغاني سابق، قد يكونوا على استعداد لقبول عرض “فاغنر”، لا سيما في ظل شعورهم بتخلي الولايات المتحدة عنهم، عقب انسحابها من أفغانستان في منتصف آب/أغسطس 2021، وعودة حركة “طالبان” للحكم في كابول.

قد يهمك: لهذا التاريخ ستدوم الحرب الروسية على أوكرانيا

تقرير المجلة الذي أطلع عليه “الحل نت” أشارت فيه الكاتبة، إلى أن أفراد فيلق “الكوماندوز” بالجيش الوطني الأفغاني، الذين تخلت عنهم الولايات المتحدة والحلفاء الغربيون عندما سقطت البلاد في أيدي “طالبان” العام الماضي، تُقدّم لهم عروض سخية بالانضمام إلى الجيش الروسي للقتال في أوكرانيا.

مصادر عسكرية وأمنية أفغانية، تقول إن “قوة المشاة الخفيفة التي دربتها الولايات المتحدة، وقاتلت إلى جانب القوات الخاصة الأميركية وغيرها من القوات الخاصة المتحالفة معها طوال ما يقرب من 20 عاما، يمكن أن تحدث فرقا تحتاج إليه روسيا في ساحة القتال الأوكرانية”.

الولايات المتحدة أنفقت نحو 90 مليار دولار لبناء قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية، بحسب لين أودنيل، كاتبة التقرير، وأنه على الرغم من أن القوة ككل لم تكن تتمتع بالكفاءة، وسلمت البلاد لـ”طالبان” في غضون أسابيع، فإن “الكوماندوز” كانوا دائما يحظون باحترام كبير، بعد تدربهم مع القوات الخاصة الأميركية والبريطانية.

  أودنيل، نقلت عن مسؤول أفغاني سابق، أنه على يقين بأن مجموعة “فاغنر” الروسية هي المسؤولة عن تجنيد روسيا للقوات الخاصة الأفغانية، وعلق قائلا “من الأفضل أن يستخدمهم الحلفاء الغربيون في القتال إلى جانب الأوكرانيين”.

الكاتبة نسبت إلى مصدر عسكري آخر قوله، ليس لديهم بلد ولا وظائف ولا مستقبل؛ ليس لديهم ما يخسرونه. الأمر صعب، فهم ينتظرون العمل مقابل 3 إلى 4 دولارات في اليوم في باكستان أو إيران، أو 10 دولارات في اليوم في تركيا، وإذا جاءت “فاغنر” أو أي جهاز استخبارات آخر إلى أحدهم وعرضت عليه ألف دولار ليكون مقاتلا مرة أخرى، فلن يرفض، وإذا وجدت رجلا واحدا للتجنيد، فيمكنه أن يأتي بنصف وحدته القديمة للانضمام لأنهم مثل الإخوة، وسرعان ما يكون لديك فصيل كامل.

رسائل التجنيد التي أطلعت عليها المجلة، تستخدم الصياغة نفسها، بحسب أودنيل، وذلك يوحي بأنها عملية مركزية، ويُطلب من متلقي الرسائل المساعدة في تجنيد أعضاء آخرين في وحداتهم، كما أن عروض التجنيد تشمل الجنسية الروسية، كما ذكر التلفزيون الأفغاني.

بيئة خصبة للاستقطاب

المسلمون في آسيا يشكلون بيئة خصبة لاستقطابهم، خاصة الأفغان منهم، حيث يملك الأفغان دوافع هامة للقتال ضد أميركا إلى جانب الارتزاق طبعا. بحسب حديث الكاتب والمحلل السياسي باسل معراوي، لـ “الحل نت”، حيث عانى “الكوماندوز” الأفغاني والذي تم تدريبه على أيدي قوات أميركية ويمتاز بكفاءة عالية، وكان ضمن الـ 300 ألف مقاتل من جيش الحكومة الأفغانية، بقيادة الرئيس أشرف غني، الذي كان حليفا للقوات الأميركية بمواجهة قوات حركة “طالبان”.

الولايات المتحدة خذلت حكومة أشرف غني وجيشه عبر إجراء مفاوضات طويلة مع حركة “طالبان”، وفق معراوي، حيث أفضت تلك المفاوضات بعد سنتين إلى تخلى واشنطن عن الجيش والحكومة الأفغانية، وبالتالي سيطرة “طالبان” على كابل وبقية أرجاء أفغانستان وعدم جدوى مقاومتهم، لذلك استغلال تلك النقمة من جنود “الكوماندوز” أمر سيسهل بتجنيدهم للقتال ضد التحالف الغربي المدعوم أميركيا، وفق تعبيره.

أدوار غير قتالية

روسيا نشرت أكثر من 500 مقاتل سوري في أوكرانيا، لأداء أدوار غير قتالية في المقام الأول، وكلّفتهم بحماية المنشآت في لوغانسك ودونيتسك في الأشهر القليلة الماضية، وذلك بحسب ما نقله موقع “ميدل آست آي” البريطاني، عن مصادر استخباراتية إقليمية، الأربعاء 9 تشرين الثاني/تشرين 2022.

المصادر قالت إنَّ المقاتلين المتمرّسين ينتمون أساسا إلى وحدات موالية للحكومة السورية، تدعمها وتدرّبها وتديرها روسيا في القتال ضد قوات المعارضة السورية وتنظيم “داعش” الإرهابي.

في السياق، صرَّح مسؤول سوري، تحدَّث شريطة عدم الكشف عن هويته، لموقع “ميدل آيست آي”، بأنَّ روسيا جنَّدت السوريين، بمن فيهم مقاتلون سابقون، من خلال قواتها الخاصة وشركة المقاولات العسكرية الخاصة سيئة السمعة “فاغنر”، ونقلتهم إلى أوكرانيا. مع ذلك، اعتبر العديد من المراقبين هذا التصريحَ محاولة لتخويف أوكرانيا ودول أوروبية أخرى في الأيام الأولى للصراع

هذه التقارير تأتي في ظل استعانة طرفي الحرب الروسية – الأوكرانية بمقاتلين أجانب، لتعزيز القدرات العسكرية لكل طرف في مواجهة الآخر، حتى باتت هذه الظاهرة نمطا معتادا في الحرب الجارية.

وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، صرح في آذار/مارس الماضي، خلال اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إن موسكو تلقت أكثر من 16 ألف طلب من أشخاص في دول الشرق الأوسط، للمساعدة في القتال في أوكرانيا.

توافر ميليشيا إسلامية تقاتل مع الجيش الروسي، وخاصة أن بوتين أقر قانونا لإعطاء الجنسية الروسية لكل من يقاتل مع جيشه، بحسب معراوي سيطيل أمد الخسارة الروسية، ويحمي النظام الروسي من موجات السخط الداخلية، ويبقى عجلة الاقتصاد تدور، ولكنها لن تحدث تغيير نوعي بمسار الحرب، حيث أن تفوق الأسلحة الغربية تكنلوجيا، رسمت مسار للحرب وهي خسارة روسيا ببطء، واستمرار استنزافها أملا بتحويلها مستقبلا إلى شريك للغرب، كما حدث مع ألمانية النازية، بعد أن تترك الحرب آثارها الواضحة والعميقة بالمجتمع الروسي، عندها قد يتم إطلاق خطة مارشال جديدة خاصة بروسيا.

إخفاق روسي

روسيا أخفقت منذ بدء غزوها لأوكرانيا عن طريق استخدام القبضة العسكرية الخشنة والمكثفة، في إملاء شروطها، فلم تنجح حسابات المعركة التي حسبها بوتين، على ما حصل في الميدان، لا سيما بعد أن باغت الأوكرانيون الجيش الروسي، وشنوا هجمات معاكسة مؤخرا، ما عقّد من حسابات القيادة الروسية.

روسيا تسعى من خلال غزو أوكرانيا، إلى إعادة الهندسة الأمنية في أوروبا، حيث تريد روسيا تطويع وإعادة هيكلة هندسة الأمن الأوروبي، بما يحقق مصالحها التي تتبنى نظرية المجال الحيوي، وهي النظرية التي أسدلت عليها ستائر النسيان في القانون الدولي.

فيما يخص أهمية استمرار الدعم الغربي لأوكرانيا، لتحقيق التوازن العسكري في أرض المعركة، يعتقد ضابط الاتصال السابق في حلف “الناتو” الدكتور أيمن سلامة في حديث سابق له مع “الحل نت”، أن الضربات الصاروخية الأخيرة من قِبل موسكو، ستزيد الضغط بالتأكيد على حلفاء أوكرانيا الغربيين، لا سيما بعد أن شملت الضربات المرافق الحيوية ومواقع في كييف وغيرها من المدن.

نقص العناصر البشرية

الجيش الروسي يعاني من نقص في العنصر البشري، وهو نقص مؤثر بميدان المعركة. وفق الباحث السياسي باسل معراوي، حيث كابر الرئيس الروسي طيلة الأشهر الأولى من غزوه، بوصف حربه بعملية عسكرية خاصة، وذلك منعا لإعلان تعبئة وتجنيد قوات من الاحتياط ليس سهلا تدريبها وتجهيزها في أتون معركة حامية.

منعا لتفاقم نقمة شعبية في الداخل الروسي، ودرءً لمخاطر تعطيل حركة الاقتصاد والإنتاج الذي رزح تحت عقوبات غربية قاسية، بدأ بوتين بإعلان التعبئة الجزئية، لتعويض الخسائر البشرية الهائلة في صفوف قواته بين قتيل وجريح وأسير. عندما أيقن بوتين، أنه تم استدراجه لحرب استنزاف طويلة أشبه بحرب العصابات والمدن، بل حرب الشوارع. أدرك أن العنصر البشري هو الوقود الضروري لتلك الحرب، وفق معراوي.

في البداية استعانت موسكو ببضع آلاف من مرتزقة السوريين فقط، لأن الحرب كانت ببدايتها، بل لإثبات أن شعوبا من خارج الاتحاد الروسي تؤيدها بحربها ضد النظام الدولي.

من جهة أخرى، لا يتحمل نظام الملالي بإيران خسارة روسيا بالحرب، لأنها ستنعكس عليه بكوارث حقيقية، وخاصة بعد أن اشترك سلاحها بالمعركة، وستعمل على مساعدة الروس بتجنيد المرتزقة من الشيعة، خاصة لأن لها خبرة وافية بتجنيد الميليشيات وتدريبهم.

اقرأ أيضا: ماذا يكمن وراء خشية إيران من هزيمة روسيا في أوكرانيا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة