موازنة جديدة تطلقها الحكومة الأردنية، وسط حديثها عن انخفاض العجز المالي والديون الخارجية، في حين يردّ مختصون على ادعاءات الحكومة بالقول، إن القيمة الحقيقية للديون لم تنخفض، وما تزال السياسة المالية للحكومة تعتمد أدوات تقليدية لا يمكن لها أن تأتي بنتائج إيجابية.

الأردن يواجه أوضاعا اقتصادية بالغة الصعوبة، في المقابل تتحدث الحكومة عن تحسّن قادم، حيث بدت متفائلة بتحقيق نتائج اقتصادية جيدة، وذلك بزيادة نسبة النمو وتخفيض الدّين العام وزيادة الإيرادات المحلية وتسريع مسارَي الإصلاح الإداري والاقتصادي، من خلال رصد مخصصات في بنود منفصلة لكل منهما، فما هي أبرز التحديات الاقتصادية في الأردن.

عجز مستمر

الحكومة قدّرت حجم موازنة العام المقبل بحوالي 11.4 مليار دينار “إجمالي الإنفاق“، بعجز مالي سينخفض قبل المنح إلى 2.664 مليار دينار، في حين أنه سينخفض بعد المنح إلى 1.826 مليار دينار، ليتراجع من 3.4 إلى 2.9 بالمئة في 2023، وفقا لما أعلنه وزير المالية محمد العسعس. “الدينار يساوي 1.41 دولار”.

عمّان أوضحت أنها لن تقرّ أي ضرائب جديدة أو زيادة على الضرائب القديمة خلال العام المقبل، وخاصة مع تحسّن الحاصلات الضريبية بما نسبته 6.6 بالمئة هذا العام، وزيادة المنح الخارجية لتصل إلى 802 مليون دينار لعام 2023، أو ما نسبته 0.8 بالمئة عن عام 2022.

الموازنة الأردنية دائما ما تواجه التحدي الأبرز، وهو عدم زيادة نسبة العجز المالي، وذلك بسبب ثبات واردات الأردن، في حين أن التّحسن الذي تحدثت عنه الحكومة في الإيرادات هو تحسّن ناتج عن التضخم، فالقيمة الحقيقية للإيرادات لم تشهد أي تحسن يُذكر، وذلك بسبب عدم تمكن الحكومة من تحسين علاقاتها مع سوريا مثلا، والاستفادة من بعض المنافذ الحدودية، فضلا عن الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم من شرقه إلى غربه.

قد يهمك: رفضتها معظم الأطراف الدولية.. هل تطلق أنقرة عملية عسكرية شمالي سوريا؟

الخبير الاقتصادي حسام عايش، أوضح أن الموازنة لم تختلف عن الموازنات الماضية وهي موازنات عاجزة يتم تغطيتها بديون جديدة، مشيرا إلى أن أداء الموازنة لم يشهد تحسّنا من ناحية الجودة والنتائج.

عايش قال في حديث خاص مع “الحل نت“، “هناك عجز متواصل في الموازنة يقدر بـ 2.6 مليار ينخفض إلى 1.8 مليار بعد المنح، وبالتالي فإن هذا العجز المقدّر في الموازنة ستتم تغطيته بديون جديدة، بالنظر إلى أن فوائد الديون في الموازنة الجديدة تُقدر بـ 1.6 مليار دينار“.

لم يتحسن أداء الموازنة من ناحية الجودة، ولم تكن مواكبة لرؤية التحديث الاقتصادي، فمن غير الممكن مواكبة رؤية التحديث الاقتصادي من خلال موازنة تقليدية، يتم إعداداها باستخدام أدوات قديمة جدا.

تراجع وهمي

حول حديث الحكومة عن تراجع نسبة العجز في الموازنة، من 3.4 بالمئة إلى 2.9 بالمئة، أوضح عايش أن القيمة الحقيقية للعجز لم تتغير، حيث أن انخفاض نسبة العجز في الموازنة سببه أن الحكومة قدّرت أن النمو الاسمي للناتج المحلي الإجمالي سيبلغ 6.6 بالمئة من الموازنة، بالتالي فإن التضخم استخدمته الحكومة كوسيلة لتكبير الناتج المحلي الإجمالي بإضافة معدل التضخم إلى معدل النمو.

وفق عايش، فإنه من الصعب القول إن الموازنات الحكومية، حققت نتائجا إيجابية، إنما هي فقط وسيلة للإنفاق والحصول على إيرادات ومحاولة خلق توازن بين الإيرادات والنفقات، بما يسمح بالحصول على مؤشرات تستخدم من أجل تقديمها للمؤسسات الدولية، لتبرير الحصول على قروض أو ديون.

في معرض وصفه للحالة الاقتصادية في الأردن أضاف عايش، “النمو يراوح مكانه، لدينا نموا راكدا، البطالة ترتفع والتضخم يرتفع، المديونة تزداد، الفقر يزداد كنسبة، مستويات المعيشة تتراجع، الموازنة هي شكل من أشكال التعبير على الأداء الحكومي الذي يتبين بصورة قاطعة أنه أداء تقليدي، يتعامل بصورة تقليدية مع الأوضاع المتغيرة، وبالتالي فإنه في كثير من الحالات لا يكون قادرا على أن يلعب الدور الحقيقي لمؤسسة الحكومة التي يفترض أن تكون سباقة بتوقع المشكلات بما يسمح بمواجهتها“.

بدخول فصل الشتاء، ارتفع إنفاق الأُسر الأردنية فيما يُعرف بـ“اقتصادات الشتاء“، خاصة تأمين حاجة العائلات من التدفئة، ومواجهة أمراض الشتاء وتكاليف التنقل والمواصلات والغذاء، وترتفع نفقات العائلات الأردنية خلال فصل الشتاء نحو 20 بالمئة عن باقي الأشهر، بحسب اقتصاديين.

خلال جلسة مجلس النواب الإثنين الماضي، طالب نواب بتخفيض أسعار المشتقات النفطية خاصة الكاز، وإلغاء الضريبة المضافة عليها.

 رئيس لجنة الطاقة في المجلس، النائب فراس العجارمة، قال عقِب الجلسة في تصريحات صحفية، إن أسعار المشتقات النفطية مرتفعة بالأردن عن السعر العالمي للنفط بسبب ارتفاع قيمة الضريبة الثابتة على المشتقات النفطية المباعة للمستهلك الأردني، والتي تبلغ 40 بالمئة على بعض المشتقات.

العجارمة اعتبر أن سلطات بلاده مطالبة بتخفيض أسعار مادة الكاز المستخدم للتدفئة خلال فصل الشتاء على الفقراء، وذلك لتأمين حماية اجتماعية لهم، خاصة أن كمية الكاز المستهلكة سنويا لا تتجاوز قيمتها 9 ملايين دينار سنويا “12.6 مليون دولار”، وتُشكّل ما نسبته 1 بالمئة من حجم المشتقات النفطية المستوردة.

يبدو أن الحكومة الأردنية ستستمر في سياسة التقشف المتّبعة في نفقاتها، من أجل محاولة إحداث توازن بين الإيرادات والنفقات، وبالتالي لا يمكنها زيادة الدعم على المواد الأساسية، الأمر الذي قد يضطرها إلى زيادة الديون، وبالتالي رفع الضرائب لسدادها خلال السنوات القادمة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة