المحادثات بين إيران والسعودية لم تنجح بالوصول إلى الجولة السادسة، وهي الجولة التي كان من المقرر أن تجمع وزيري خارجية الجانبين، بعدما كانت المحادثات على مستوى الاستخبارات بوساطة عراقية، ما يطرح التساؤلات حول عقبات عديدة تقف أمام إقامة علاقات دبلوماسية بينهما.

لا يبدو أن الطريق سالكة لإقامة العلاقات الثنائية، في ظل العديد من الإشكالات التي تجعل السعودية مترددة في إكمال المحادثات، ليس أبرزها التدخل الإيراني المتزايد في دول المنطقة، واستمرار تخصيب اليورانيوم بعيدا عن رقابة “وكالة الطاقة النووية”.

جدار أمام المحادثات

في آخر مستجدات المحادثات بين الجانبين، قال عدد من المسؤولين العراقيين إن المحادثات الدبلوماسية التي تتوسط فيها بغداد بين إيران والسعودية “تعطلت“، وذلك على خلفية مزاعم طهران بأن المملكة ساهمت في التحريض الأجنبي المزعوم على الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي تشهدها إيران، بحسب ما نقلت وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية.

بحسب ما نقل تقرير الوكالة، فإن بغداد لم تحدد موعدا لعقد الجولة السادسة من المباحثات، على خلفية رفض طهران لقاء المسؤولين السعوديين مع دخول الاحتجاجات في إيران شهرها الرابع، بحسب المسؤولين العراقيين.

الباحث في العلاقات الدولية الدكتور عمر عبد الستار، رأى أن الإشكال الإيراني السعودي، يتعلق بالعديد من القضايا الإقليمية وسياسة أميركا بالتعامل مع إيران، مستبعدا أن يكون هناك إمكانية لإقامة علاقات بين الجانبين.

عبد الستار قال في حديث خاص مع “الحل نت“، “الولايات المتحدة الأميركية كانت تحاول الاتفاق مع إيران، لكن بعد تعثر المفاوضات وتحالف طهران عسكريا مع روسيا، بدأت سياسة عزل إيران، هذا أوضح بشكل كبير طريقة التعامل مع طهران“.

منذ اندلاع الاحتجاجات في إيران، وتحالف إيران العسكري بشكل معلن مع روسيا وتزويدها بمعدات عسكرية، وإصرارها على الاستمرار في تخصيب اليورانيوم، بدأت تظهر ملامح الرغبة الأميركية في عزل إيران، وربما كانت زيارة بايدن للسعودية في تموز/يوليو الماضي، تركز على ملامح المرحلة القادمة في التعامل مع إيران، ذلك ما شجّع الرياض على عدم إبداء الرغبة في التواصل بشكل رسمي مع طهران.

اقرأ/ي أيضا: من إفريقيا إلى آسيا.. كيف تستقطب الصين الشباب لخدمة مشروعها التوسعي؟

عبد الستار قلل من أهمية الجولات الخمسة التي عُقدت مسبقا بين طهران والرياض بوساطة عراقية، مشيرا إلى أنه “من غير الممكن أصلا، إقامة علاقات دبلوماسية بين الجانبين، فكيف للسعودية أن تقيم علاقات مع بلد يريد أن يصدّر ثورته إليها ويحاصرها في اليمن وسوريا والعراق“.

علاقات مع إسرائيل؟

حول ذلك أضاف، “المفاوضات كانت غير علنية وعلى مستوى المخابرات، ولم تحصل الجولة السادسة على مستوى وزراء الخارجية، وبالتالي عدم حصول هذه الجولة وفشل التفاوض النووي، وتغير السياسة الإيرانية في التحالف مع روسيا، أسباب لقطع الطريق على المحادثات“.

عبد الستار اعتقد في حواره، أن توقّف المباحثات بين الرياض وطهران، سيعزز ربما إمكانية تطبيع إسرائيل مع السعودية، وذلك برعاية الولايات المتحدة الأميركية، إذ تدرك إسرائيل أن “الاتفاقيات الإبراهيمية” لن تكون ذات أهمية كبيرة بدون أن تشمل السعودية، وهي الرسالة التي وصلت إلى واشنطن من تل أبيب.

إسرائيل دخلت مؤخرا على خط الرغبة في التقارب مع السعودية، لتدخل سباقا مع طهران في التقارب مع الرياض، فيما ترجّح الكفة حاليا لتل أبيب في تعقيدات المباحثات السعودية الإيرانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن الخميس الماضي، أنه سيسعى لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع المملكة العربية السعودية، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن يساهم في تحقيق السلام في المنطقة.

نتنياهو قال في تصريحات لقناة “العربية“، إنه يأمل في توسيع “الاتفاقيات الإبراهيمية” لتشمل السعودية، وذلك على غرار ما تم من اتفاقيات بين إسرائيل من جهة والبحرين والإمارات والمغرب والسودان من جهة أخرى.

أضاف نتنياهو، “ستكون نقلة نوعية لسلام شامل بين إسرائيل والعالم العربي، وستغير منطقتنا بطرق لا يمكن تصورها“، لافتا إلى أن الأمر متروك لقيادة السعودية “إذا كانوا يريدون المشاركة في هذا الجهد“.

في ظل تعطّل المحادثات بين إيران والسعودية، فإن هناك فرصة لإنشاء علاقات مع إسرائيل، خاصة في ظل تقاطع المصالح فيما يتعلق بالملف الإيراني، ووجود بعض الشراكات في أمور استراتيجية واقتصادية.

بحسب محلّلين تحدثوا في وقت سابق إلى “الحل نت“، فإن “السعودية تعلم العداء الكبير الآن بين إسرائيل وإيران، خاصة بما يخص الملف النووي الإيراني، فالرياض الآن في موقف قوة، كما معظم دول الخليج التي تمتلك النفط والغاز وأمن الطاقة“.

مصالح السعودية

في المقابل فإن مصالح السعودية، تتركز كذلك بما يتعلق بالخلافات مع إيران ومشروعها في الشرق الأوسط، إذ تواجه السعودية مشاكل في ملفات عدة مع إيران، أبرزها ملف الحوثيين في اليمن.

تسعى إسرائيل مؤخرا لاستخدام كافة أوراقها من أجل منع إيران من امتلاك السلاح النووي، إن كان عبر الدبلوماسية والعودة للاتفاق النووي وإنشاء تحالفات إقليمية ودولية لمواجهة طهران، أو عَبر الخيارات العسكرية والعمليات النوعية، التي تستهدف المواقع والشحنات الإيرانية في المنطقة.

تواجه منطقة الشرق الأوسط، خطر فتح حرب مباشرة مع إيران، لمنع برنامجها النووي، إلا أن الترجيحات تصب في صالح العودة للمفاوضات بدون اللجوء للمواجهات المفتوحة لتجنيب المنطقة تداعيات الحرب، والجهود التي تدفع بها واشنطن مؤخرا.

الولايات المتحدة الأميركية، تريد منطقة الشرق الأوسط هادئة، والذهاب إلى ما بعد الاتفاق النووي بلا أزمة، بحسب عبد الستار.

مع تعثر المحادثات بين السعودية وإيران، يبدو أن احتمالية إنشاء خط تواصل بين الرياض وتل أبيب أصبح مطروحا، حتى ولو كان بخطوات بطيئة، خاصة في ظل تلاقي مصالح معظم دول المنطقة، للبدء بعملية عزل إيران وتنفيذ استراتيجيات مشتركة من شأنها منع طهران من امتلاك السلاح النووي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة